رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا قال الشعراء عنها؟


تمتلك مصر آثارًا عظيمة لا يضارعها فى امتلاكها أى دولة فى العالم كله... وتنفرد الآثار المصرية بروعة تنوعها وعظمة تاريخها إلى جانب الإعجاز العلمى لهذه الآثار. لكن ما يحزن القلب أن بعض أبناء مصر يفرطون فى هذه الآثار فلا هى عزيزة عليهم ولا هم يدركون عظمة قيمتها التاريخية وهى مالياً يجب ألا تقدر بثمن.. وآثرت فى كلمتى هذه أن أسجل دفاعاً عنها بلغة ديوان العرب شعرًا.

فماذا قال عنها من أحبوها وعاشت فى قلوبهم وتأثروا بعظمتها فأفرزت قرائحهم أجمل ما نقرأه عن آثارانا العظيمة. يقول الجاحظ.. «عجائب مصر ثلاثون أعجوبة، عشر منها بسائر البلاد وعشرون بمصر.. وهى الهرمان وهما أطول بناء وأعجبه... وحنم الهرمين تسميه العامة أبوالهول ويقال إنه طلسم الرمل..» إلخ.. ماجاء فى سرده باقى العجائب.

أما المتنبى فيقول للأهرام فى تعجب «أين الذى الهرمان من بنيانه.. من قوه؟ ما يومه؟ ما المصرع - تنخلف الآثار عن سكانها.. حينًا ويدركها الفناء فتتبع» ويقول المتنبى أيضًا «خليلى ما تحت السماء بنية.. تماثل فى إتقانها هرمى مصر» «بناء يخاف الدهر منه وكل ما.. على ظاهر الدنيا يخاف من الدهر».

وشاعر آخر هو أبوالصلت أمية بن عبدالعزيز الأندلسى يرى أن الأهرام هى أجمل شىء تراه العين فى العالم كله فأنشد شعره «بعيشك هل أبصرت أحسن منظرًا.. على ما رأت عيناك.. من هرمى مصر» «أنافا بأعنان السماء وأشرفا.. على الجو إشراف السماك أو الفسر» والسماك والنسر هما نجمان يعرفهما دارس الفلك.

وكان تمجيد الأهرام قد جعل أحد الشعراء يشبه الهرمين بالنهدين دليلاً على أن مصر صدر الأرض ومن العجب أن يظلا ناهدين بالرغم من كثرة من ولدته من ابناء.. قال: «تبين أن صدر الأرض مصر.. ونهداها من الهرمين شاهد» «فواعجبا. وقد ولدت كثيرًا.. على هرم وذاك النهد ناهد» أما ابن الساعاتى فيرى أن الأهرام هى من العجائب وقد مر عليها أزمان طويلة الأمد ورغم ذلك زاد شبابها وما اعجبها من بناء أزلى.. قال «ومن العجائب والعجائب جمة.. دقت عن الإكثار والإسهاب» «هرمان قد هرم الزمان وأدبرت.. أيامه وتزيد حسن شباب» «لله أى بنية أزلية.. تبغى السماء يا طول الأسباب».

ووقف شاعر أمام الهرمين يدعى ظافر الحداد ومن خلال رومانسيته تخيل أن الهرمين وبينهما أبوالهول كالهودجين لحبيبن مرتحلين.. ووقف بينهما رقيب يحول بينهما وبين اللقاء.. فذرفا دموعاً هى ماء النيل.. وانتحبا لهذا الفراق بما نسمعه من صوت الريح.. قال «تأمل هيئة الهرمين وانظر.. وبينهما أبوالهول العجيب» «كعمارتين على رحيل.. بمحبوب بينهما رقيب» «وماء النيل بينهما دموع.. وصوت الريح عندهما نحيب». القارئ العزيز.. ربما أكون قد أخذتك بعيدًا عما نحن فيه من هموم، فنحن فى ألم حيال ما أصاب آثارنا من غربة وفى حزن أيضًا على هذه الآثار النائمة فى بلادنا دون أن يزورها من أحبوها من كل بلاد العالم وسنتواصل مع الشعراء فى المرة القادمة!

آخر العمود يقول العظيم حافظ إبراهيم: أنا البحر فى احشائه الدر كامن.. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتى..

■ كاتب

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.