رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من «البنج» إلى «الكيف».. تاريخ «الحشيش» عبر العصور

صوره ارشيفيه
صوره ارشيفيه

عرفت مصر "الحشيش" كمادة مخدرة تستخدم في العلاج منذ عهد الدولة الطولونية، ولكن عرف أولا باسم "البنج" ثم باسم "الحشيش"، وهناك روايتان تؤكدان صحة ذلك، الأولى رواية ابن يوسف الكاتب، وهو صاحب كتاب "المكافأة"، وأحد كُتّاب الدولة الطولوني.

وجاء على لسان ابن يوسف الكاتب: "كنت أعرف شيخًا في أيام خمارويه، حلو النادرة، مليح الألفاظ يعرف بـ"الدفاني"، وكان يعتاش من توصيل كتاب الولاة إلى معامليهم "أي عمالهم" فخرج ذات مرة إلى الشرقية، فالتقى مع رجل من الأطباء، فسأله الطبيب عن صناعته، فقال له: إنه يتاجر في الغلات، فطمع فيه، ودعاه للطعام بأن أخرج رغيفين من خرجيه مشطورين، فقدم له واحدًا ووضع الآخر بين يديه، ثم ذهب لإحضار الماء، فما كان من الدفاني إلا أن استبدل رغيفه برغيف الطبيب، فلما أكل الطبيب شخص بصره وتمدد، ومر به جماعة فقالوا له: ما لصاحبك؟، قال لا أدري، فقال له: أنت مبنج، بنجت هذا المسكين، ويروي في النهاية أنه بتفتيش خِرج الطبيب وجدوا فيه شطائر تبنيج وشطائر خالية، وأوتارًا للخنق، فخنقوه بتلك الأوتار حتى مات".

أما الرواية الثانية فهي عن ابن زولاق إذ يذكر:" كان القاضي أبو زرعة يرقى من وجع الضرس يقرأ عليه، ويدفع إلى صحبه حشيشة فيسكن"، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على استخدام الحشيش في عصر خمارويه لمجرد التبنيج وعلاج الأسنان وتخفيف ألمها.

وظل الحشيش يستخدم كعقار طبي في مصر في العصرين الأخشيدي والفاطمي وعلى نطاق ضيق، فقد اعتقد الناس أنه يخفف الآلام الناتجة عن أمراض العظام والأسنان، أما في العصر الأيوبي فشاع أكل الحشيش بين فئات العامة في المجتمع المصري ليس بغرض التطبب كما كان في العصور السابقة بل بغرض النشوة والسرور والطرب.

ويحدد ابن تيمية تاريخًا لظهور الحشيش واستعماله في العالم الإسلامي بغرض النشوة والسرور فيذكر: "إن أول ما بلغنا إنها ظهرت بين المسلمين أواخر المائة السادسة واوائل المائة السابعة، حيث ظهرت دولة التتر، وكان ظهورها مع ظهور جنكسخان"، وذكر في موضع آخر "إنما حدثت في مصر بحدوث التتار"، وذلك حسبما ذكر في دراسة لـ"ليلى عبد الجواد إسماعيل"، نشرت بمجلة "المؤرخ العربي".