رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نصيحة «الصادق» وتحذير «البشرى» وشروط الجيش


السؤال المطروح فى هذا السياق هو: إذا كانت الجماعة قد اعترضت سابقا على تصدير الغاز الذى تصدره الآن للعدو الصهيوني.. فكيف «تسمى ما تفعله فى إقليم قناة السويس والصكوك والقروض والعلاقات الداخلية والخارجية المشبوهة؟!.. أفيدونا أفادكم الله..

المولى عز وجل قادر على كل شىء.. قادر ينقذ مصر وينجيها مما تعرضت وتتعرض له على يد مكتب الإرشاد وتحت سمعه وبصره.. وقادر بمشيئته على تغيير هذا النظام الذى اكتسب عمدا مع سبق الإصرار والترصد عداء القوى السياسية والثورية وحتى الشعبية نتيجة استعلائه واستحوازه وانفراده بكل القرارات المصيرية التى تخص الدولة.. بما فيها مشروع محور قناة السويس المثار حاليا ضده شبهات وطلاسم يجب العمل على حلها وكشفها للرأى العام بعد ما شكك الخبراء فى نوايا القائمين عليه.. نضيف إلى ذلك أن جميع المؤشرات الحالية تؤكد أن «المهيمنين» على السلطة وأحبابهم وعشاقهم ومطبليهم ومبخريهم يشبهون فى سياساتهم إلى حد بعيد أبشع الأنظمة الديكتاتورية تسلطا وفسادا ضد شعوبهم.

ونتيجة هذه السياسات يسعى المصريون إلى استعادة ثورتهم المجيدة الذين خطفوها بعيدا عن القوات المسلحة حتى نجنبها وقادتها الوقوع فى المؤامرات التى تحاك لهم من وقت لآخر.. فكلام الفريق أول عبد الفتاح السيسى ـ قائد عام القوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى مؤخرا يؤكد ذلك..إزاى؟؟ لقد دعا «السيسي» القوى السياسية للتفاهم واللجوء لصندوق الانتخابات أفضل من تدمير البلاد.. وده كلام عظيم، لكن من يضمن نزاهة الصندوق؟؟.. وهل كانت نتيجة الصناديق السابقة نزيهة؟!

وحقيقة لابد أن نفهم هذه الرسالة فهما لا لبس فيه «السيسي» هو أحد الذين شهدوا على الفترة الانتقالية «بحلوها ومرها» وذلك عندما كان أحد أعضاء المجلس العسكري.. لذا فهو أدرى من غيره بطرق ووسائل وصول الإخوان المسلمين للسلطة.. ويعلم أيضا أن طردهم من السلطة بسبب فشلهم ليس بالأمر السهل أو الهين.

وبظنى أن كلمة «السيسي» الأخيرة فى الاحتفال بعيد تحرير سيناء.. كانت تعنى وتتطابق مع ما قاله مؤخرا.. ليه؟؟.. لقد قال: وزير الدفاع أمام الحضور فى هذا الحفل الذى نقلته وسائل الإعلام المصرية الرسمية والخاصة.. إن «المصريين» عندما أرادوا التغيير.. غيروا الدنيا.. ولما الجيش نزل حماكم وقعد 18 شهرا.. وأضاف الرجل: «خلوا بالكم من هذا الكلام جيدا».. أعتقد أن هذه الرسالة تؤكد بما لا يدع مجالا للتقويل أن التغيير لابد وأن يكون من الشعب نفسه وبإرادته وليس من قواته المسلحة.. وبعد ذلك يمكن نزول الجيش ليحفظ البلاد من عبث الخونة وعملاء الداخل والخارج.. بصراحة كلام جميل.. وكلام معقول ما أقدرش أقول حاجة عنه.. وهذا يتطلب أن نفهم الموقف الحالى ونحلله ونقدر «السيسي» ونلتمس له العذر فيما قاله لأسباب ربما لا نعلمها فى الوقت الحاضر، فليس كل ما يقال لابد وأن نأخذه على محمل الجد.. وبذلك نجنب الجيش وقيادته الإنزلاق فى مستنقع الهلاك والذى حذر «السيسي» منه عندما قال: إن نزول القوات المسلحة للشاراع معناه نهاية مصر أربعين سنة قادمة».. وبصراحة عنده حق.

وحتى نفهم أطراف وخيوط المؤامرات بشكل جيد وواضح.. لابد من الرجوع إلى تصريح رجل مثل د. صفوت حجازي.. ـ الإخوانى مجازا ـ عندما تحدث مرارا وتكرارا عن ضرورة وجود ما يسمى بـ «الحرس الثوري».. ونفس الشئ قاله د. عصام العريان القيادى الإخوانى ونائب رئيس الحزب الحاكم عندما تحدث دون خجل عن الجيش البديل وغيرهما الكثير من أشباه الرجال الذين أعلنوا عما يسمى بـ «اللجان الشعبية» لتكون بديلا عن جهاز الشرطة والجيش معا.. ثم نربط كل ذلك بوصف الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل للقائد العام للقوات المسلحة بأنه «ممثل عاطفي»!!.. وأيضا ما سبق وصرح به د. محمد بديع عن قيادات الجيش.. ولا يفوتنا ما لفظ به قيادى إخوانى آخر يسمى الشيخ عبد السلام بسيونى عضو المجلس العالمى للعلماء المسلمين ـ عندما دعا على العسكر فى حفل أقيم بسيناء الحبيبة فى حضور شيخه العلامة المصرى القطرى يوسف القرضاوي.. فقال بالحرف الواحد: «نسأل الله ألا يمكن للعسكر حكم مصر مرة أخري.. وأن يقطع دابرهم وأن يهلكهم جميعا حيثما كانوا»!!.. وهنا جاءت ردود الفعل سريعة غاضبة وقوية على تجاوزات هذا الشيخ من أحد الرموز السيناوية العظيمة عندما اعترض عليه قائلا: «إن سيناء لم تتحرر إلا بفضل القوات المسلحة المصرية وتضحياتهم ودماء الشهداء منهم».. واستشهد هذا الرجل الوطنى العظيم بحرب أكتوبر عام 1973 عندما حطم أبطال مصر خط بارليف وقضوا على أسطورة «الجيش الذى لا يقهر».

ولأمثال الشيخ عبد السلام و «قرضاويه» صاحب دعوى تدخل الأمريكان فى سوريا وأحد الذين تعمدوا تقزيم ثوار 25 يناير والمعارضة المصرية عندما وصفهم ببضع مئات لا يمثلون الشعب أسأل: من الذى ساعد فى إعداد واعتماد استفتاء مارس «الكارثة» عام 2011 الذى شارك فيه الإخوانى صبحى صالح والمستشار طارق البشري؟؟.. ومن الذى ساعد الإخوان قى انتخابات مجلسى الشعب والشورى والتأسيسية الأولى والثانية؟؟ ومن الذى ساندكم فى الانتخابات الرئاسية المشكوك فيها وسلمكم مصر «بيضة مقشرة».. ومن الذى وقف معكم فى الاستفتاء الأخير للدستور «البااااطل»؟!.. باختصار شديد.. من الذى يمنع عنكم عضب الشعب ويحميكم الآن بعد كل «مصيبة سوداء» تقبلون عليها؟!.. إنها القوات المسلحة التى تتطاولون على قياداتها وتدعون عليها بقطع الدابر والهلاك.. إنكم إذن حقا وفعلا الإخوان المسلمين بعد التعديل.

تعقيبا على ما سبق أستشهد بمقاطع من حوار أجرته «المصرى اليوم» مع الصادق المهدى ـ رئيس وزراء السودان الأسبق ـ عندما نصح إخوان مصر بالحفاظ على جيشهم وقال إن الجيش المصرى هو الوحيد الباقى لنا من الجيوش المصرية.. وأرجع القيادى السودانى سبب تقسيم بلاده إلى فشل إخوان السودان.. محذرا إخوان مصر من الاستمرار فى سياسة «التمكين» التى يهرولون فى تطبيقها.. كما أكد أن هذا الطريق سيأتى بنتائج عكسية على المصريين بشكل عام والإخوان بشكل خاص.

تلخيصا.. أطالب القوى الوطنية بكل أطيافها بأن تنصب نفسها الآن ـ الآن وليس بعد ـ رقيبا على هذا النظام الذى يريد «جر» مصر إلى حيث لا ندري.. خصوصا على تلك المشاريع التى تهدد أمن مصر القومى مثل إقليم قناة السويس..

المستشار طارق البشرى وضع يده على مكمن الخطر عندما قال: «كل نصوص القانون تستبعد هذا الإقليم من كل النظم السارية فى عموم الدولة المصرية وتكاد تكون أحكامه ونصوصه ألا تكون تضمنت شيئا آخر بديلا يضبط نظام هذا الإقليم.. وهو يكاد يكون دعوة للعالم بأن بقعة أرض مصر المشار إليها فى القانون قد صارت مستبعدة من نطاق القوانين المصرية والأجهزة المؤسسية المصرية ليتقدم كل من شاء يمارس نشاطه التجارى فيها حسبما شاء.. وجاءت تأكيدات الجيش لتوضح عدة شروط للاستثمار فى محور القناة هي: «يبتعد أى مشروع عن شاطىء القناة بمسافة «5» كيلو مترات... رأسمال أى شركة لا يقل عن 60٪ من رأس المال المصرى و50٪ من أعضاء مجلس الإدارة مصريون.. لن يقبل الجيش وجود أى جنسية لديه تحفظ عليها خصوصا إسرائيل».. إذن شروط الجيش وتحذير «البشري» إلى جانب الرفض والتشكيك الشعبى فى المشروع يضع ألف علامة استفهام حول نوايا الإخوان..

■ كاتب صحفى

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.