رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ياناس يا هووه.. أوقفوه


«حافة الهاوية» السياسة التى يتبناها الحكم فى مصر الآن، وتعتمد على إرباك المشهد بخطوات تصعيدية قوية ومتوالية، تحقيقاً لأعلى سقف من المكاسب، بفرض «أمر واقع جديد» على الآخر، سواء كان قوياً وتيارات سياسية أو مواطنين من عامة الشعب،ويتم ذلك باستخدام «القوة الفعلية» على الأرض، بحيث لا يبقى أمام المعارضين إلا الاستسلام أو التفاوض للحصول على قدر من التنازلات الشكلية أو الصغيرة.

المجلس العسكرى وقت خلو مصر من السلطتين التنفيذية والتشريعية وبحكم قوته الفعلية على الأرض حكم وأدار مرحلة ما بعد الثورة «بحلوها ومرها»، ولكننا كنا فى مرحلة انتقالية نستند لشرعية ثورية فوضته، وبالتالى ما يمكن قبوله وقتها لا يمكن تمريره الآن بعد أن ارتضينا شرعية الديمقراطية وصندوق الانتخاب وحكم القانون بإجراءاته الطبيعية بدلاً من السير فى دروب الإجراءات الثورية الاستثنائية.

كنا نظن «وليس كل الظن إثماً» أن بوصول الرئيس مرسى إلى الحكم عبر صندوق الانتخاب أوصدنا للأبد باب المرحلة الانتقالية بأدواتها الاستثنائية، وأننا نتجه إلى توافق وطنى عبر آليات المشاركة السياسية واستيعاب الجميع، الأقلية قبل الأغلبية، والمستضعفون قبل الأقوياء، فإذا بنا نفاجأ بقرارات وإجراءات استثنائية تنتهك القانون من عينة، عودة مجلس الشعب غير الشرعى، وحصارالمحكمة الدستورية ومنعها من الانعقاد وإصدار أحكام بحل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، والإطاحة بالنائب العام،والإعلان الدستورى، والنكوص عن وعد عدم الدفع بمشروع الدستور للاستفتاء إلا بعد التوافق عليه،وعدم الالتزام بما يتم الاتفاق عليه فى جلسات الحوار الوطنى، وفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال فى مدن القناة،وعودة توحش الشرطة ضد المتظاهرين والمدنيين.

هذه الممارسات وغيرها الذى لا يتسع المجال لسردها أخرجتنا من سياق المسار الديمقراطى والقانونى ودفعتنا دفعاً داخل حقل ألغام شطر الشارع فسطاطين، الرئيس ومعسكر الإسلام السياسى المستعد للارتداد عن المسار الديمقراطى والقانونى فى سبيل ما يعتقدونه تمكيناً للمشروع الإسلامى، والغالبية الكاسحة من القوى الوطنية والحركات الثورية والشبابية التى كانت المحرك الأول وصاحب الفضل فى إشعال ثورة 25 يناير والتى ترى فى نهج الرئيس إعادة إنتاج لنظام مبارك بكل سوءاته.

لجوء الحكم إلى التمكين بالأدوات الاستثنائية بالتزامن مع العودة المتزايدة لعنف الشرطة، يدفع المعارضين للرئيس مرسى إلى التصعيد والعنف، وظهور تجمعات «البلاك بلوك» تعبير عن الاتجاه الذى ستتطور إليه الأمور، ونتيجته معروفة سلفاً؛ العنف المتبادل وحرب الشوارع والاغتيالات وحرق مصر والحكمة العربية تقول «من جرب المجرب كان عقله مخرب». القادم أسوأ، والخروج من الكابوس الذى نحياه لا يمكن أن يبدأ إلا بالرهان على الحل السياسى، وبحكومة محايدة من الكفاءات الوطنية حتى إجراء الانتخابات البرلمانية، وبتنحية النائب العام الحالى وتكليف المجلس الأعلى للقضاء باختيار نائب عام جديد، وبالامتناع عن تبنى أى إجراءات استثنائية، والبدء فى حوار وطنى حقيقى ومصغر يديره رمز وطنى مثل الأستاذ هيكل ويضم الرئيس مرسى والشاطر والكتاتنى وبرهامى والبرادعى وحمدين وموسى والبدوى، يتم الالتزام بتنفيذ ما يخرج عنه من قرارات بالأغلبية «5 من 9» تتعلق بتعديلات الدستور وقانون الانتخابات وغيرها من القضايا المهمة.

■ كاتب صحفى