رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إشارات السيسى.. وحارة المعارضين «المزنوقة»


كشف لقاء الشباب الأخير الذى احتضنته مدينة الإسماعيلية، عن حزمة من أهم الرسائل السياسية فى السنوات الست الأخيرة، والتى تستوجب الوقوف عندها والتأمل، وخاصة من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسى، راعى اللقاء.

وبعيدًا عن كلام الرئيس الجديد القديم والذى يحاول فى مجمله استنهاض جموع الشعب بمختلف أطيافها، وتحديداً فيما يتعلق بالملف الاقتصادى وطريقة التعامل مع الأزمات الراهنة ـ وهى كثيرة وصعبة ومتعددة الاتجاهات ـ وبعيداً أيضاً عن مجمل اللقاءات الثلاثة ـ حتى الآن ـ والمتعلقة بالتأكيد على احتضان الدولة، ممثلة فى رأس هرمها السياسى لهذه الشريحة الحيوية والمتدفقة، وأيضاً كذلك اعتبار اللقاء فرصة مهمة جداً للرئيس للتخاطب مع الشعب عبر أبنائه وشبابه، إلا أنه يبدو أن استراتيجية الرئيس كانت ولا تزال انتهاج طريقة المصارحة بما أعتبره «الحقائق المفزعة» سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ربما لا تحمل إدانة لأنظمة سابقة بقدر ما تعتمد رؤية مكاشفة غير مواربة أو مداهنة، أعتقد أن الرئيس السيسى اتخذ فيها طريقه الواضح فى عدم الالتفات لمقياس شعبيته فى الشارع.

وربما التضحية بها، مقابل اعتماد سياسة بناء وإصلاح استراتيجية يأمل ـ ونأمل معه ـ فى أن تنضج ثمارها فى المنظور القريب، وجوهرها صنع مستقبل البلاد على أساس متين، صحيح أنه أول من يدرك جيداً ثمنه وقسوته وضريبته الآنية.. ولكنه متفائل جداً بنتائجها على خارطة الوضع الاقتصادى بشكل عام للدولة وللمواطن... قد يتحدث بعض الكارهين عن وجود أخطاء فى المنظومة، وهذا لا يمكن إنكاره، قياساً بحجم التركة الثقيلة، ولكن المؤسف هو تلك الحالة من التصيد الانتقائى التى تسود ذهنية دكاكين النخبة السياسية المتضاربة، والتى فى الوقت نفسه لا تقدم حلولاً أو بدائل، لأنها لا تملك هذه الحلول أولاً، وثانياً لأن، لا رصيد أو وزن حقيقى لها، والأهم الأخطر أنه ثبت بالدليل القاطع عبر مناسبات عديدة أنها لا تبحث سوى عن مصالحها الضيقة جداً والخاصة فقط.. مقابل وهكذا رجل يُولِّى وجهه شطر الوطن فقط، ويتخذ من الصراحة منهجاً حتى ولو لم تمنحه رضاً شعبياً... وفى هذه النقطة بالذات، كان السيسى بارعاً للغاية فى وضع الكرة ـ بذكاء مخابراتى وبطريقة جادة ـ فى ملعب من يصنفون أنفسهم فى خانة «المعارضة» السياسية ـ وليس الإخوانية والإرهابية طبعاً ـ التى تتشدق بكونها مجرد معارضة وطنية، بينما هى تعمل سراً أو تتحالف لإسقاطه، حينما كشف ضمناً عزمه الترشح لفترة ثانية فى الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2018، واضعاً كل الضمانات اللازمة بالنزاهة والشفافية الكاملة، مراهناً بذلك على شعبية يأمل أن تكون كاسحة وقتها... وكأن إشاراته كلها تدفع بهذه المعارضة أو القوى السياسية بقوّة نحو خيارين لا ثالث لهما: إما اقتحام صعوبات التغيير إذا كانوا جادين، أو الاستمرار بجوار جدار الولولة وحفلات اللطم والبكاء، وفى الحالين فهى «حارة مزنوقة» ـ على رأى سييء الذكر محمد مرسى تفضح عجز هذه التكتلات وفشلها الأزلى فى بناء تكتل أو تحالف حقيقى وموضوعى يستوعب الحقائق والتحديات بكل أنواعها النظيفة وليس القذرة.