رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وليس المرأة وحدها


أنهى المفكر الدكتور وحيد عبد المجيد مقاله فى المصرى اليوم الصادر بتاريخ الجمعة 18/1/2013 بعبارة «وليس المرأة وحدها» إذ ذكر فى مقاله «كم ظلمت المرأة المصرية وهى الأم والابنة والزوجة والأخت ونصف المجتمع عدداً وتزيد وهى الأستاذة الجامعية والطبيبة والمهندسة والمدرسة والوزيرة الوحيدة فى وزارة تزيد على الثلاثين وزيراً والممتنع عليها الترشيح لرئاسة الجمهورية صراحة».

وفى تقديرى أنه قد جاء الوقت الذى تخرج فيه المرأة وليس المرأة وحدها بل كل الرجال المؤمنين بوحدة الجنس البشرى والمساواة الكاملة لجميع المواطنين فى الحقوق والواجبات، فالمرأة تدفع ما عليها من ضرائب فى عملها متساوية مع زميلها فى العمل .

كما إنها تتقاضى ذات الراتب وفقًا للقوانين المرعية، والتاريخ يذكرنا بثورة النساء الفرنسية عندما خرجت تطالب السلطة «نريد خبزًا» فكانت محركًا للثورة الفرنسية التى اسقطت السلطة الحاكمة وعلى رأسها الملك لويز وزوجته مارى أنطوانيت التى تجاهلت مطالب المرأة التى تطلب الخبز فقالت: إذا لم تجدى خبزًا فيمكنك أن تأكلى الجاتوه؟ «Mange de Gateau» وانتقمت المرأة الفرنسية لنفسها بإعدام الأسرة الحاكمة وفى مقدمتها مارى أنطوانيت المستهزئة بمطالب المرأة.

وعودة إلى دستورنا المصاب بالعوار بشهادة السلطة الحاكمة التى دعت إلى حوار مجتمعى حول الدستور وما شابهه من عوار وبالفعل هناك العشرات من المواد المطلوب تعديلها .

ومن أولويات التعديل إنصاف المرأة وليس وحدها كما يقول د. وحيد بل يشاركها هذا الظلم المقنن بالدستور المسيحيون المصريون الذين عاشوا يعطون من جهد وعرق يرفضون أى امتيازات خاصة بهم فى صورة ما عرف بـ«الكوتة» التى أُعطيت للعمال والفلاحين لا لدورة أو دورتين بل على مدى عمر ثورة يوليو1952، وكان المفترض أن يكون هذا الاستثناء لفترة محدودة بعدها يكون المجتمع ألف حق العامل والفلاح كجزء أصيل من مكونات هذا الشعب ثم أضيف مؤخراً تخصيص مقاعد للمرأة يجرى بها الانتخاب بين السيدات المتنافسات.

أما عن المسيحيين فقد ساهمت الدولة والكنيسة فى خطيئة إقصائهم عن العمل السياسى، مما رسب فى الأذهان أنهم زاهدون عن الدخول فى العراك السياسى كما نادت الكنيسة بأن المسيحى يسعى للوطن السماوى لاغترابه على الأرض بحكم الفناء والزوال والبقاء للآخرة حتى ابتعدت الغالبية عن المنافسة البرلمانية وبذل كل الجهد فى النجاح التعليمى والعلمى والاقتصادى اعتقادا منهم بأن التفرغ للأنشطة العلمية والتعليمية والاقتصادية أكثر فائدة لهم وللوطن، وذهب اعتقاد البعض إلى أن السياسة تتنافى مع الأخلاق الدينية حيث إن السياسة لا تعرف إلا المصالح وهى مقدمة على المبادئ .

أما وقد انتفض شبابنا ولحق بهم شيوخنا فى ثورة سلمية راقية بشعار محدد «عيش-حرية-كرامة إنسانية» وهى منظومة متكاملة لا تنفصل عن بعضها، فالحياة الكريمة لا تقوم إلا فى مناخ من الحرية وتوفير أساسيات العيش الانسانى بعمل مناسب يحقق دخلاً مناسبًا لسد احتياجات المسكن اللائق والصحة والطعام دون مذلة أو استجداء أو فضل لواحد على الآخر.. ومرة أخرى عودة إلى عنوان المقال فليس المرأة وحدها التى انتقص حقها، إذ يضاف إليها حقوق بعض الفئات الأخرى مثل المسيحيين والأطفال وذوى الاحتياجات الخاصة ونحتاج إلى شرح أكثر لكل فئة على حدة.

ومن يتجرد من الهوى ويخرج من دائرته الضيقة أو العائلة المحدودة والعشيرة المعدودة إلى الرحاب الأوسع وينظر حوله إلى الأمم التى سبقتنا وحققت أهدافها من عيش كريم وحرية من قيود الاستغلال والإذلال والطبقية التى اجتاحت العدالة الاجتماعية وأفرزت أصحاب الرأسمالية الجامحة التى داست فى طريقها الأغلبية الكادحة واللاهثة خلف لقمة العيش فانكمشت مطالبها من العيش الكريم إلى رغيف الخبز الذى يلوح للجياع انه قد يصبح صعب المنال لاسيما انه سيدخل إلى قائمة المحاذير ويدخل ضمن بطاقة تموينية أو «الكارت الذكى» وبموجبه سيحصل كل مواطن على كارت يشبه كارت الآلة المصرفية التى تعرف بالـــ ATM فبدلاً من أن تسحب بعضًا من أموالك أو تشترى بعضًا من احتياجاتك ستسحب عدد ثلاثة أرغفة، ولست أدرى لماذا ثلاثة فقط، هل هذا قياس على ما يعرف بالجراية فى الجيش؟

وقد يتجاوز الجندى هذا العدد أو أن هذه هى جراية السجين فى زنزانته . وماذا عن الشباب الذى قد لا يكفيه رغيف واحد بعد أن جرى عليه التخفيض المشروع وغير المشروع، ناهيك عن الأجزاء التالفة منه حرقًا أو تشويهًا أو سلقًا حتى يخرج إما محروقًا وإما ناقص اختمارًا أو نارًا.

لقد اجتزنا معارك عديدة، وربطنا الأحزمة على أكل اللحوم إلا أيامًا قليلة أسبوعياً، ومنعنا استجلاب الأطعمة المستوردة، ثم انفتحنا على العالم واستوردنا الكافيار، وغذاء القطط والكلاب، وحتى فوانيس رمضان، وتماثيل الأهرام وأبوالهول، ويا للهول، فدارت الدوائر ليصرف الفرد الجراية بالبطاقة الذكية، ولا أدرى كيف يستطيع المسنون وغير القادرين على الوقوف لصرف الجراية، هل سيتمكنوا من ذلك بتوكيلات رسمية، أم نكتفى بالكروت الذكية مع وقف التنفيذ؟!.. تلك هى بعض التساؤلات التى ترد إلينا ولا نجد لها حلولاً فى انتظار المذكرات التفسيرية ولعلها تأتى بالفائدة فى الوقت المناسب