رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيناء.. من كارثة «التفريخ» إلى وهم «التفريغ»


جاءت عملية نزوح بعض الإخوة المسيحيين من العريش، لتشعل الجدل والببغائيات التى تتجوّل على الألسن والشاشات، بكلام لا يعنى شيئًا فى المحصلة، سوى الاتهام للدولة بالعجز عن حماية بضعة من مواطنيها، من أفعال إجرامية تقوم بها باقة من الذئاب الطليقة التى تتحكم برقاب العباد لتنال من البلاد، وليست ـ حتى اللحظة ـ فى وارد التخلّى عن رسالتها المفترسة وواجبها الشرِّير الذى راكمته على إمتداد عقودٍ لا تريد لها أن تنتهى.

بعض الإعلام «الأصفر» ورقيًا أو فضائيًا أو إليكترونياً، أخد على عاتقه مهمة إبليس فى تواتر الروايات، والتباكى على الأشقاء المسيحيين فقط، باستدعاء كارثة «التهجير القسرى»، متناسيًا أن رصاصات وسكاكين الإرهاب الأسود، لا تفرّق بين مصرى وآخر، ولا بين دين وآخر.. بدليل أن ذات الرصاص والسيوف قد توجهت قبلًا إلى مسلمين كُثر، رجالًا ونساءً وأطفالاً.. قتلوا وقطعت رؤوسهم لأنهم أيضًا «كفار» من وجهة نظر التنظيمات الإرهابية.

قد تكون حوادث استهداف الأشقاء المسيحيين مبرمجة تنظيميًا وفى الأسابيع والأشهر الأخيرة تحديدًا لضرب الصف الوطنى، وتأليب العالم الغربى على مصر وإظهارها بمظهر العاجز عن حماية «الأقليات»، ولإعادة استنساخ عملية تهجير المسيحيين فى الموصل بالعراق، فى خطوة تعكس سياسة النفس الأخير لدى الإرهابيين بعد فشل غالبية مخططاتهم فى السنوات الأربع الأخيرة، وربما قد تأتى جزءًا أخيرًا بعد التأكد من فشل التنظيم "الأم" داعش بالعراق، وإتمام عملية محاصرته هناك، إضافة لمواجهته فى سوريا.. الأمر الذى يستوجب أن نتوقف قليلًا عما نشره موقع فضائية RT الروسية، الثلاثاء الماضى، ومفاده أن زعيم التنظيم الإرهابى أبوبكر البغدادى وجه رسالة وداعية لأنصاره ـ فيما يُشبه الإقرار بالهزيمة ـ دعاهم إلى «التخفى والفرار» للمناطق الجبلية، وتفجير أنفسهم عند محاصرتهم، وأمر أيضًا بإغلاق ما يعرف بـ«ديوان الجند والمهاجرين»، وخيَّر مسلحى التنظيم القادمين من خارج العراق بين العودة إلى بلدانهم أو تفجير أنفسهم والحصول على «72 حورية» إضافة لمعلومات أخرى عن هروب ما يُسمى «مجلس شورى المجاهدين» باتجاه سوريا.

الأهم مصرياً، كان فى سيطرة الجيش المصرى على منطقة جبل الحلال المعروفة باسم «تورا بورا» السيناوية، والتى تأوى العديد من «مفارخ» التنظيمات العابرة للقارات، والتى سمح بوجودها سيىء الذكر محمد مرسى وتنظيمه الإخوانى المجرم فى عام حكمهم الأسود.

ومثلما كان مصطلح «الاختفاء القسرى» أداة فى يد المغرضين والخونة للضغط على الدولة والتأليب عليها، بتواطؤ وسائل إعلام خبيثة لتشويه جهدها الأمنى والعسكرى، سمعنا مؤخرًا عن «التهجير القسرى» للأشقاء المسيحيين، ورأينا من ينساق خلف هذا التسويق بجهل وسوء نية، أو مندفعًا عاطفيًا وراء وَهْم تفريغ سيناء، دون أن يقرأ جذور الملابسات.. أو يعرف أن ما حدث فى العريش ليس تهجيرًا لشركاء الوطن، وإنما تأمين لحياتهم من توابع مسرح لعمليات عسكرية ضد الإرهاب.

قراءة واعية لردود أفعال جماعة الإخوان الإرهابية و«مراكيبها» من التنظيمات التكفيرية، تفضح التناقض الشرير، واحد مثل طارق الزمر، كتب متباكيًا على المسيحيين، فيما هو وجماعته يحرمون حتى السلام عليهم.! كل ردود الأفعال تصطف فى خانة التشفى والانتقام من الدولة، ولم تحمل إدانة واحدة للمتسبب الإرهابى أو إشارة لجرائمه أو استنكارها على الأقل.