رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فضية كوبر


الفريق المصرى الذى أحرز المركز الثانى فى بطولة إفريقيا كان يخوض كل مبارياته مذعورًا ويفشل فى الاستحواذ على الكرة بنسبة تعادل أو تفوق نسبة استحواذ الفريق الآخر حتى لو كان مالى أو أوغندا. وفى كل المباريات كان العبء الأكبر طوال الوقت يقع على خط الظهر وحارس المرمى، فضلاً عن دعاء ملايين المصريين والعرب! لم نشهد مباراة واحدة تفوق فيها المصريون هجوميًا أو فنيًا وقدموا للمشاهدين شيئاً من المتعة والثقة.



الأستاذ كوبر، المدير الفنى للفريق المصرى، يعرف جيداً أن الفريق لا ينتمى إلى فئة العمالقة الذين يستطيعون التلاعب بمنافسيهم. ولهذا السبب يحرص الرجل أولاً على عدم التعرض للهزيمة. ثم يحاول تدريب لاعبيه على خطف هدف أو أكثر كلما سنحت الفرصة. هذه الطريقة لا بأس بها من الناحية الواقعية أو الفكر البراجماتى، ولكنها تمحو عاملين فى غاية الأهمية من عوامل النصر، أولهما الشجاعة وثانيهما الطموح. الفريق المصرى يخوض المباريات خائفًا من الهزيمة قبل أن يكون ساعيًا للنصر. كل الفرق التى تواجهنا تكتشف فور بداية المباراة أننا مذعورون وخائفون، نحتشد أمام مرمانا وفى نصف ملعبنا ونترك لهم الكرة يفعلون بها ما يشاءون، ثم نقضى الوقت بعد ذلك فى انتظار هدايا السماء من أهداف قدرية مثلما حدث فى مباراة المغرب أو أهداف من هجمات بالصدفة مثل هدف الننى أو هدف عبدالله السعيد أو أهداف بمهارة شخصية مثل هدف محمد صلاح أو هدفيه.

صحيح أن فرقاً كبيرة فى أوروبا تؤدى بنفس هذه الطريقة مثل أتليتكو مدريد وإنتر ميلان وغيرهما، ولكن هذه الفرق لا تستخدم هذا الأسلوب فى كل المباريات، ولا يوجد فريق فى العالم يلعب بطريقة دفاعية بحتة أمام منافسين متفاوتى المستوى من أوغندا حتى الكاميرون. ولا يوجد فريق فى العالم يلعب دون صانع ألعاب. ولا يوجد فريق فى العالم يعتمد على ضياع الأهداف والفرص من منافسيه طوال الوقت ثم يسأل الله التوفيق ليحرز هدفاً أو أكثر يخطف به المباراة!

إخواننا المصريون لم يحمدوا الله على فوز فريقهم بالمركز الأول فى المجموعة، رغم أنه أقل الفرق استحواذًا وأداءً ومستوى وسعيًا للنصر. ولم ينظر أحدهم للمستوى المتواضع الذى نؤدى به المباريات. ولم يتذكر أحدهم كيف كنا أشباحًا أمام بوركينا فاسو فى قبل النهائى. نسينا كل هذا وظللنا ننتظر النصر والبطولة أمام الكاميرون على أساس أننا شعب بتاع ربنا وأن النصر سوف يكون حليفنا، لأن الله يحبنا أكثر مما يحب كل الدول الأخرى!!

الحكاية ليست كرة القدم فقط. ولكنها حكاية شعب يتوارث الأونطة واللاموضوعية والفكر العشوائى جيًلا بعد جيل. كلنا عايزين نكسب ونفرح حتى لو كنا لا نستحق. وكلنا نلوم المسئولين دون أن ينصرف أحدنا أولاً لأداء واجبه. وكلنا نحب ونكره دون منطق أو تفكير عقلانى موضوعى. وكلنا كنا نتمنى الفوز ببطولة إفريقيا دون أن نفكر لحظة واحدة فى كيفية الصمود الدفاعى المطلق أمام فريق ألمانيا فى بطولة كأس القارات. ومازلنا نتطلع للوصول إلى نهائيات كأس العالم، على أساس أن عصام الحضرى وحجازى وعلى جبر سوف يتكفلون بحماية مرمانا من قذائف رونالدو وميسى وغيرهما. ثم يمنحنا الله أهدافًا قدرية لأنه يحبنا