رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العبادات فى الإسلام


مفهوم العبادة فى الإسلام مرتبط بكل ما يحبه الله -عز وجل- ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، وهى ذات أثر عملى فى قلب المؤمن من الإحساس والشعور بحلاوة الإيمان، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان،

أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يقذف فى النار»، وارتباط الإنسان العابد بالله معبوده - جل شأنه - ارتباط وثيق فى جميع أموره، قال الله - تقدست صفاته - «قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين» وصبغ الحياة الإسلامية للفرد والجماعة أينما وجد المسلم طابعها الإسلامى، وربط المسلمين مهما اختلفت أقطارهم عن طريق الشعائر والتكاليف التعبدية، فيعطى ذلك المجتمعات المسلمة نمطية واحدة مشتركة، وهى خضوع شامل لشريعة الله - تعالى - واستسلام لأمره، وتهدف العبادات فى مجموعها ومجملها إلى الارتفاع بحياة الناس إلى أرقى مدارج الكمال البشرى.

ومن المقرر شرعا أن العبادة من مقاصدها تهذيب النفس بالتوجه إلى الله وهى لا تصدر إلا عن طريق الوحى السماوى بنوعيه: القرآن الكريم والسنة النبوية وهذا معنى أنها توفيقية لا مدخل للاجتهاد فيها فلا يكلف الناس إلا ما رسمه الشارع الحكيم.

بالاستقراء فى أصول الأحكام الشرعية فإن العبادات على أنواع أهمها: عبادات بدنية محضة مثل الطهارات والصلوات والصيام.

عبادات مالية محضة مثل الصدقات.

عبادات بدنية مالية معا مثل الحج والجهاد فى سبيل الله تعالى.

عبادات عقلية فكرية مثل التفكر والتدبر فى بدائع صنع الله.

عبادات أصلها عادات صارت لها ثواب بالنية كالأكل والشرب والنوم.

وعلى ضوء ما ذكر فالعبادات استقامة على النهج الربانى «إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا»..«قل آمنت بالله ثم استقم».

«الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان»، وأنها لا تلزم إلا بالنية، قال الله - سبحانه- «وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء»، وقوله صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى».

والأصل فى العبادات رفع الحرج وعدم العنت، قال المولى الكريم - عز وجل - «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها»، «هو اجتباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج»، «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر»، «يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا»، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه».

والعبادات إن كان لها وقت محدد الطرفين ووقعت فى الوقت ولم يسبق فعلها مرة أخرى فى الوقت فأداء، وإن سبق فعلها فى الوقت وفسدت لأى سبب فإعادة، وإن وقت بعد الوقت فقضاء، وإن وقت قبل وقتها وأجيز كإخراج الزكاة قبل الحول فتعجيل، وإن لم يكن لها وقت محدود الطرفين فلا توصف بما ذكر كالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

والعابدون المتقلبون فى مقامات «إياك نعبد وإياك نستعين» مع المسارعة والمسابقة والمسابقة لفعل الطاعات وتحصيل القربات واغتنام مواسم الخير ومناسبات البر ببذل المجهود لنيل المقصود، إلا أنهم يجعلون المواظبة والعناية ممتدة ليست مؤقتة أو طارئة بل «واعبد ربك حتى يأتيك اليقين»، «من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إليّ عبدى بشيء أحب إلىّ مما افترضت عليه ولا يزال عبدى يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه..».

■ أستاذ الشريعة الإسلامية