رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

588


المذكور أعلاه رقم قطار يغادر الإسكندرية فى الرابعة والنصف صباحاً متجهاً إلى بورسعيد، ويشمل «عربتين إسبانى» مكيفتين وعدة عربات درجة ثالثة، فضلاً عن القاطرة وعربة توليد قوى. يصل هذا القطار إلى الزقازيق فى حوالى أربع أو خمس ساعات رغم أن المسافة بين الإسكندرية والزقازيق لا تزيد على 170 كم تقريباً، ولا أعرف موعد وصوله إلى بورسعيد، لأننى لا أستكمل الرحلة إلى نهايتها.

 ويقول العارفون بشأن السكة الحديد إن سبب التأخر الدائم فى مواعيد وصول ذلك القطار هو إصرار الهيئة الموقرة على تسييره عن طريق زفتى وميت غمر، حيث الخط المفرد الذى يجبر القطار على التوقف فى طنطا والسنطة وغيرهما لأكثر من ساعة أو ساعتين فى انتظار القطارات القادمة من الاتجاه المعاكس، ولو تم تعديل مساره لطريق بنها لاختصر زمن الرحلة إلى نحو الثلثين فقط، ولكن السادة المسئولين يقولون «هذا ما وجدنا عليه آباءنا» ويرفضون تعديل مسار الرحلة الماراثونية للقطار المنكوب!

الكارثة الثانية فى ذلك القطار تتعلق بالعربات المكيفة، فهذه العربات متهالكة إلى حد بعيد، بعض مقاعدها لا يصلح للاستخدام الآدمى، والتكييف لايعمل إلا فى الصيف، أما فى الشتاء فيقول لك رئيس القطار وفنى التكييف إن التدفئة داخل العربات تتسبب فى أمراض للسادة الركاب حين يغادرون دفء القطار إلى برودة الجو!! وبالتالى يذهب كل راكب إلى المحطة حاملاً معه ما تيسر من البطاطين والألحفة حتى يستطيع مقاومة البرد الشديد داخل العربات «المكيفة» فى ليالى الشتاء الرهيب. والواقع أن العربات الإسبانى فى كل القطارات الفاخرة بما فيها ديزل القاهرة والوجه القبلى ليس بها أى نوع من التكييف الشتوى، وأحياناً يتعطل أيضاً التكييف الصيفى، ولا أحد فى هيئة السكة الحديد يحاول إصلاح هذه المصيبة، والناس يركبون القطارات الإسبانية فى الشتاء ومعهم وسائل التدفئة الشخصية الخاصة لأنهم يعرفون أن رئيس القطار أو أى مسئول آخر لن يفعل لهم أى شىء حتى لو تجمدوا من البرودة داخل القطار.

الحمامات فى العربات المكيفة بهذا القطار وبكل القطارات ذات التركيب المزدوج «مكيف ومميز وكحيان» لا علاقة لها بالشأن الآدمى من قريب أو بعيد، وهى لا تصلح حتى لاستخدام الحيوانات، ففى بعض الأحيان يصطحب أحد الركاب كلباً أو قطة، وحين يحاول اصطحاب الحيوان الأليف لدورة المياه يرفض الكلب أو القطة استخدام ذلك المكان المقرف فى قضاء الحاجة، ويضطر الراكب لإقناع الكلب أو القطة بالصبر والتماسك لحين الوصول إلى أرض الوطن المنزلية!!

الحكومة المصرية ووزارة النقل وهيئة السكة الحديد تعرف جيداً كل عورات قطار بورسعيد ولا تعترف بالبشر الذين يستخدمونه، ففى فترة توقف تشغيل القطارات عقب فض اعتصام الإخوان وخلع مرسى ونظامه، لم يتوقف تشغيل هذا القطار بالذات، وظل يعمل وحده على الطريق رغم توقف كل القطارات الأخرى، وخلال إحدى الرحلات سألت رئيس القطار عن سبب تسيير هذا القطار دون كل القطارات الأخرى، فقال الرجل إن هيئة السكة والحكومة ووزارة الداخلية تعرف أن ركاب خط الإسكندرية – بورسعيد ليسوا من ذوى الشأن، وأن أى عمل إرهابى يطيح بهم وبالقطار لن يمثل خسارة حقيقية للدولة، بل على العكس سوف يسمح للحكومة بتقدير الموقف والتخطيط الجيد لموعد عودة تشغيل القطارات بصفة عامة أو جزئية. وظل قطار بورسعيد يعمل وحده لمدة ستة أشهر دون أن ينفجر بركابه، فقررت الهيئة إعادة تشغيل باقى القطارات!

السيد وزير النقل راجل طيب ومحترم وكان محافظاً ناجحاً فى القاهرة، وأرجو أن يتكرم سيادته بركوب قطار بورسعيد ولو مرة واحدة ليعرف بنفسه حجم المعاناة اليومية لركاب العربات المكيفة، وحجم اللاآدمية فى باقى العربات، وحجم التخلف والعشوائية فى هيئة السكك الحديدية.

الحكومة المصرية ووزارة النقل وهيئة السكة الحديد تعرف جيداً كل عورات قطار بورسعيد ولا تعترف بالبشر الذين يستخدمونه