رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبوتريكة وقضاؤنا المفترى عليه



كعادة «الهرى» المصرية المزمنة فى السنوات الأخيرة، خلال أقل من 72 ساعة فقط، تحول قضاؤنا من «شامخ» يشيد به الجميع، عندما أبطل طعن الحكومة فى قضية جزيرتى تيران وصنافير.. إلى قضاء «مُسَيَّس» يستحق اللعنة، لمجرد أنه أدرج اسم لاعب الكرة محمد أبوتريكة، ضمن 1400 شخص على لائحة الكيانات الإرهابية.

وقبلها يتكرر التناقض المزاجى العجيب لدى العديد من عواطلية النشطاء الثوريين، ومعهم بالتأكيد جماعة الإخوان الإرهابية وأذرعها الإلكترونية وأبواقها الإعلامية، فى أبشع عملية تزييف للوعى المصرى، الذى يتم بمقتضاه تحويل المجرمين والإرهابيين القتلة إلى شهداء، يتم الترحم عليهم والدعوة للقصاص منهم، فيما يخرسون جميعًا ولا ينطقون بأى كلمة، تعاطفًا أو رثاء لقوافل الشهداء التى تتساقط من القوات المسلحة والشرطة، وكأنهم لا يستحقون كلمة تضامن واحدة وهم الذين يقدمون أرواحهم رخيصة من أجل أن يقبع هذا الناشط، أو ذاك الثورجى، آمنا فى بيته، يدشن من على جهاز كمبيوتره أبشع أنواع السب والقذف ضد الجميع.
القضاء المصرى، الذى كان حائط الصد الأول ضد محاولات أخونة الدولة، وفرض سياسة التمكين بمواجهة عصابة الكهنة فى مغارة مكتب الإرشاد، وتعرض للعديد من الاستهدافات، يدفع حتى الآن ثمن مزاجية الجماعة، وفاتورة الهوس الثورى المزيف والمفضوح، لمجرد أن لاعب كرة نحترم تاريخه وموهبته الكروية، متهم بدعم جماعة الإخوان، فلم يُعجب شلة الأنس هذه ذلك، واستمرأوا تقديس الأشخاص، بدعوى أنه «أسعد مصر»، هذا كان صحيحًا فى فترة من الفترات، وكان يمكنه أن يسعد بلده أكثر بالاصطفاف معها، وليس تمويل خونتها والتعاطف مع مجرميها.
إذا كان أبوتريكة قد أسعد مصر، فإن مارادونا قد أسعد الأرجنتين والعالم، ومع ذلك فقد حوكم على جريمة، وكذلك نجوم عالميون كبار، من نجم إيطاليا السابق وهدافها التاريخى باولو روسى، الذى أوقف عن اللعب وسجن 4 سنوات، فى فضيحة مراهنات وتلاعب بنتائج المباريات، وكذلك جوزيبى سينيورى، الذى وضع تحت الإقامة الجبرية، بشبهة الرهانات غير المشروعة، وحتى ميسى ورونالدو.. وغيرهم كثيرون.. وبالمناسبة، هناك هاكان شوكور، أحسن لاعب فى تاريخ بلد الخليفة التركى، سجن بشبهة الانتماء لجماعة فتح الله جولن بزعم الانقلاب على أردوغان، ولم يتحدث أحد.!
وإذا كان أبوتريكة قدم فاصلًا من الإمتاع الكروى، فإنه لم يكن مجانًا ولله، ولكن كان مقابله الشهرة والملايين التى انتشلته من لاعب مغمور ليصبح لاعب مصر المميز، و«قديس» جماهيرها المخدوعة.
صورة أبوتريكة ربما وراءها الكثير من الخداع غير الأخلاقى، فهذا اللاعب الذى ساهم فى تمويل اعتصام رابعة والنهضة بمولدات الكهرباء والطعام، وسبَّ المجلس العسكرى، كان مدربه هو نجم الترسانة الراحل ضابط الشرطة الكابتن عامر عبدالمقصود، الذى قدمه، بل ساهم فى صقل موهبته، ونقله للأهلى، كان ردُّ جميل أبوتريكة له ولأسرته، أن زار أسرة قاتليه فى مذبحة كرداسة الشهيرة، وتبرع بعمرة لوالدة أحد المشتركين فى الجريمة، بل زار عائلة الإرهابية سامية شنن، التى بدلًا من أن تسقى أحد الشهداء شربة ماء طلبها وهو يلفظ أنفاسه، سقته ماء النار، فى جريمة لا تقل سفالة ونذالة وحقارة!.
لا خلاف على أبوتريكة اللاعب، ولكن الخلاف على أبوتريكة الإخوانى أو المتأخون. وهذا السعار المجنون تقديسًا له، هو إهانة حقيقية لكل معنى وطنى مصرى، وما إدراجه قضائيًا إلا مجرد اتهام قد يتأكد بالإدانة، وقد ينتهى بالبراءة، وفق التحقيقات.. أما عملية التسرّع الاعتباطى واعتباره خطًا أحمر، فيجب أن يفهم الجميع أن مصر وحدها هى الخط الأحمر، ولا شخص يعلو عليها أو يسمو فوقها!.
لا خلاف على أبوتريكة اللاعب ولكن الخلاف على أبوتريكة الإخوانى أو المتأخون