رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيطان الديمقراطيين هل كان قادراً على هزيمة ترامب؟


بعد الفوز المثير لـ«دونالد ترامب» على المرشحة الديمقراطية القوية «هيلارى كلينتون» رغم جميع استطلاعات الرأى التى كانت تجزم بفوزها فى الانتخابات وضع أنصار بيرنى ساندرز اللوم على الحزب الديمقراطى الذى وضع كل ثقله خلف هيلارى وتآمر على ساندرز جازمين بأن ساندرز كان قادراً على هزيمة ترامب .الواقع أن بيرنى ساندرز اسم لمع كالشهاب فى سماء واشنطن. فقد تحول، بسرعة خارقة، مرشحاً جدياً عن الحزب الديمقراطى لخوض معركة الرئاسة. وعندما بدأت المنافسات التمهيدية فى سباق الرئاسة الأمريكية، اعتبر كثيرون أن منافسة الحزب الديمقراطى بمثابة صفقة محسومة. وكان من المفترض أن تصبح الوزيرة السابقة هيلارى كلينتون المرشحة الحتمية لكنه زاحمها بقوة وأحرجها وأخذت شعبيته تتزايد ولو بدأت حماسة الشباب حوله مبكرة لكان سحق هيلارى. وهو من خارج المؤسسة الديمقراطية فهو انتخب مرة واحدة «عام 1994» مرشحاً عن الحزب الديمقراطى فى الكونجرس بينما خاض كل معاركه النيابية مستقلاً وكان تميز ساندرز عن هيلارى أنها ترشحت لمنصب الرئيس فى عام يشكل فيه عدم ثقة الناخب فى المؤسسات السياسية والاقتصادية المزاج العام فى البلاد. ولا يعتقد كثير من الناخبين أن السياسيين ورؤساء الشركات يأخذون بعين الاعتبار راحة الشعب عند اتخاذ القرارات. وفى ضوء ذلك، أصبحت ادعاءات خبرة كلينتون وعلاقاتها القوية بالمستثمرين فى وول ستريت عبئاً سياسياً. ولو أن المنافسة بين هيلارى وساندرز على أساس القادم من داخل المؤسسة أو من خارجها، لفاز ساندرز. وكان ساندرز يتميز عنها بحماسة الشباب له فهو تحدث بحرارة إلى أن أغنى الأغنياء الذين يشكلون 1 فى المئة من الشعب الأمريكى يسيطرون على أكثر من 90 فى المئة من ثروة هذا الشعب، وعندما يشير إلى أن الطبقة المتوسطة تسيطر على نسبة من الثروة تقل عن أى طبقة متوسطة فى أى دولة صناعية أخرى، فإن هذه الرسالة تجد صداها بكل تأكيد. وكذلك رسالته الأوسع بشأن العدالة الاجتماعية وإعادة ترتيب الأولويات السياسية والاقتصادية. وفى حين يتم رفض دعواته إلى رعاية صحية من أجل الجميع ، وتعليم عالٍ مجاني، ومقترح دفع تكاليف هذين البرنامجين عن طريق فرض ضرائب أكبر على الطبقة الأكثر ثراء التى تمثل 1 فى المئة. ولكن لو ترشح عن الحزب الديمقراطى ضد ترامب فلا أعتقد أنه كان سينجح صحيح شباب الجزب الديمقراطى كان سيصوت له بكثافة ولكن الجمهوريون والإنجليون وكل أعداء ترامب كانوا سيصوتون لترامب لأنهم يعتبرون ساندرز شيطاناً رجيماً واشتراكياً ملعوناً فهو يحمل رهاناً على تحويل بلده إلى النموذج الإسكندنافى الذى يمزج الديمقراطية الغربية واقتصاد السوق بدرجة من تدخل الدولة وتوزيع الثروات لمصلحة الأضعف والأفقر. فساندرز، يعتبرونه الغريب والطارئ.

بيد أن ذلك لا يلغى حقيقة ستزداد آثارها وضوحاً فى السنوات القليلة المقبلة، وهى أن ساندرز ترك على السياسات الأمريكية بصمة سيضطر أى رئيس قادم إلى أخذها بعين الاعتبار. وهو أصدر كتاباً بعنوان «ثورتنا».. المستقبل الذى نؤمن به قبل أسابيع من تغلب دونالد ترامب المفاجئ على هيلارى فى الثامن من نوفمبر، وفى ضوء ما حدث يكتسب الكتاب أهمية كبيرة، ويبدو وكأنه كان توقعاً لما آلت إليه الأمور. وكانه يتوقع هزيمة هيلارى حيث يقول إن «طريقة هيلارى كانت محاولة للجمع بين مصالح وول ستريت والشركات الأمريكية واحتياجات الطبقة المتوسطة الأمريكية.. وهى مهمة مستحيلة». ويرى أن ذلك ربما كان أكبر نقاط ضعفها ضد ترامب.