رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا بعد تحرير سعر الصرف؟


بداية قبل الخوض فى التفاصيل المتعلقة بتلك الحزمة من القرارات الاقتصادية التى اتخذتها الدولة وعلى رأسها قرار تحرير سعر الصرف أو تعويم الجنيه علينا أن نؤكد أن الأمور فى الاقتصاد لا تسير على وتيرة واحدة ولا يمكن حدها فى أنماط محددة كما قد يعتقد البعض.. إن علم الاقتصاد هو علم افتراضى وأن العلاقات الاقتصادية لا يمكن حدها فى مجموعة من النتائج والمحصلات المباشرة والمحددة سلفاً أى أنها لا يمكن حدها فهى متباينة وقد تكون متناقضة.. لذلك فإن الحديث عن النتائج والتوقعات لتلك القرارات لن تكون مؤكدة رغم ما نعرفه عنها وما استقر فى علم الاقتصاد وما هو شائع ومعروف من نتائج حول تحرير سعر الصرف .. إن الوضع الاقتصادى لدينا يتسم بالحرجية وهناك ارتفاع كبير فى معدلات التضخم والبطالة مع توقف الإنتاج وتراجع الإيرادات على نحو كبير وكذلك الحصيلة الدولارية من النقد الأجنبى وزيادة الإنفاق العام ونقص المعروض من السلع ولاسيما الأساسية والضرورية.. ناهيك عن زيادة الدين العام نتيجة الاقتراض الداخلى والخارجى لسد العجز فى الموازنة العامة والذى قد وصل إلى 100% وهو ما يعنى أن الاقتصاد المصرى قد وصل إلى حافة الهاوية وأصبح مستقبله على المحك الأن ولابد من التصرف ومحاولة إيجاد مخرج له أى محاولة لإنقاذه.. ومن المؤكد أنه قد كان على الحكومة أن تتخذ مجموعة من القرارات والخطوات لوقف ذلك التدهور من خلال ما اعتاد أن يطلق عليه برنامج الإصلاح الاقتصادى وإن كان لا يعنى فقط تلك الحزمة الصغيرة من القرارات فهو مفهوم شامل ومتكامل ولا يعمل على نحو مجزأ وهو ما يؤدى إلى زيادة تبعاته والتى يتأثر بها على نحو مؤلم تلك الفئة الأكثر عرضة وهم محدودو الدخل والذين فى الغالب ما يتحملون العبء الأكبر من تكلفة فاتورة الإصلاح الاقتصادى.. فماذا يعنى تحرير سعر الصرف وما آثاره المتوقعة على الاقتصاد المصرى فى عمومه ومحدودى الدخل بصفة خاصة ؟ تحرير سعر الصرف أو تعويم الجنيه يعنى ببساطة ترك الجنيه يسبح مع بقية العملات الأخرى وتتحدد قيمته بناء على آلية العرض والطلب، ومن المؤكد أن الإقبال على الدولاروالطلب عليه أكبر وهو مايعنى زيادة سعره وتراجع الطلب على الجنيه المصرى وانخفاض قيمته .. المحصلة هى أن القوة الشرائية للجنيه سوف تقل على نحو كبير وهو ما يعنى أن ما يحصل عليه من سلع وخدمات سوف يقل على نحو كبير جداً، أى أنه سوف يحصل على كميات أقل من السلع والخدمات ومع كل ارتفاع فى الأسعار تقل هذه الكميات وقد يصل به الأمر إلى الاستغناء عن بعض السلع بالكلية.. ولكن هناك بعض السلع لايمكن الإستغناء عنها ولا يمكن الاستعاضة عنها ببدائل أخرى لأنها تعرف فى علم الاقتصاد بالسلع عديمة المرونة كالدواء