رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معنى كلمة وطن


الوطن ليس مكانا نعيش عليه منذ ولادتنا أو ندفن بترابه عندما يأتى أجل الإنسان الوطن كما قال د.جمال حمدان فى كتابه الخالد «شخصية مصر» - دراسة فى عبقرية الزمان والمكان – هو تعانق بين الجغرافيا والتاريخ حيث يصبح التاريخ ظل الإنسان على الزمان وتصبح الجغرافيا ظل الإنسان على المكان وهكذا نجد أن الوطن هو الحضارة وإبداع الإنسان عبر القرون ولولا حضارة الفراعنة ما كنا قد عرفنا قيمة الهرم وأسراره، وأرى أن الوطن مشاعر لايقدرها إلا من اغترب عنه وهذا يفسر لنا لماذا يبكى البعض عندما يعود إلى أرض وطنه ويقبلها ويمرغ نفسه ورأسه بعطر ثراه؟ ومن يعرف معنى الوطن تتولد لديه طاقة ايجابية تدفعة للتفاؤل والعمل والإنتاج رغم الألم والمشكلات والأزمات.

وقد بعث لى الصديق عبد السلام عبد الرازق برسالة عبرت عن المعنى الحقيقى للوطن قال فيها «تفتح وعينا على تأميم القناة وحرب 56 وانتصار بورسعيد على العدوان الثلاثى وكانت طوابير الشهداء والأبطال هى ما يملأ حياتنا ويعبىء وجداننا بالقيم والمثل العليا ثم وقعت اتفاقية الجلاء لتحصل مصر على حريتها بعد أن تخلصت من الاحتلال الذى جثم على أنفاسها لأكثر من ثمانين عاماً ثم قامت الوحدة بين مصر وسوريا وتعبق الجو العام بإحساس الكبرياء والقوة وتعمق الفكر القومى الذى كان يمثل أملا فى تحقيق وحدة عربية لتكون قوة وسندا لكل دولة لتحتل مكانا لائقا بين عالم يجنح للكيانات الكبيرة ثم كانت قوانين يوليو الاشتراكية والتى كانت تعيد توزيع مقدرات الدولة بشكل يحقق قدرا من العدالة الاجتماعية ويعيد الوطن لأصحابه الحقيقيين، كان الفن والأدب والإعلام والتعليم يرسخ لكل معانى القوة والكبرياء الوطنى، كان الشعب هو صاحب الكلمة وهو صاحب القرار وهو صاحب المصلحة، كان الوطن متناغما مع نفسه ومتوائما مع واقعه اليوم والوطن يواجه استعداء خارجيا وداخليا غير مسبوق نجد أن الوطن يواجه عداء من داخله بالنار والخراب والدم، الفن يعانى هبوطا مزريا وقبيحا، الأدب يعانى من قلة الأدب، التعليم يعانى من هبوط حاد فى المحتوى والمضمون والأسلوب والأخلاق والقيم الإعلام حدث ولا حرج إعلام فاشل ومحتوى هابط وإعلاميون يتاجرون بكل شىء وأى شىء.

كنا ننحى كل شىء جانبا ونقف فى صف الوطن، أما الآن نجد الوطن المثخن بالجراح والمثقل بفواتير فساد قديمة مطلوب أن ندفعها الآن وليس غدا ومع هذا هناك من يراهن على سقوط الوطن وهناك من يتخذ الوطن مادة للسخرية والاستهزاء وكأن النفوس المنحطة تتعامل مع الوطن على أنه بضع من تراب عفن لا تلومونا فالوطن الذى نعرف قيمته وقدره غير الوطن الذى تعرفونه، وطننا شجرة ممتدة الجذور سامقة الوطن فى وجدانكم مجرد أرجوحة نركبها حتى نضج فنتركها إلى لعبة أخرى وطننا لم ننتظر منه شيئاً.

ولم نحصل منه إلا على ما أبقانا على قيد الحياة بكرامة وشموخ «انتهت رسالة الصديق عبد السلام عبد الرازق، وأتصور أنها رسالة فى الأساس موجهة للإعلام والإعلاميين لعل البعض يستيقظ من سباته حتى لا تنطبق علينا مقولة «اعطنى إعلاما بلا ضمير أعطيكم شعبا بلا وعى!!».