رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانقلاب على الديمقراطية فى تركيا «٣»


قلنا إن ما حدث فى تركيا قد أثر بشكل أو بآخر على مستقبل الاقتصاد التركى وبالتالى معادلة الاستقرار التركية وعلى سبيل المثال لا الحصر تراجعت السياحة - وهى أحد مصادر الدخل القومى الرئيسية - بنسبة أربعين فى المئة خلال شهر يوليو 2016 بسبب إلغاء حجوزات عشرات الأفواج السياحية وكانت مدينة أسطنبول واحدة من المدن العالمية التى تشهد رواجاً سياحياً كبيراً فى هذا الوقت من العام، غير أن الأوضاع الحالية وعدم الإستقرار الأمنى نتيجة ماحدث من محاولة انقلابية فاشلة وما تلاها من إجراءات لاحقة من قبل الحكومة جعل تركيا بلدا غير مرغوب فيه سياحيا على الأقل فى الوقت الحالى، وقد نشرت صور فى وسائل الإعلام الدولية ومواقع التواصل الاجتماعى وتوضح التعامل اللاإنسانى لجنود أتراك تم تجريدهم من ملابسهم ما يعد وصمة عار فى جبين نظام أردوغان الذى ضرب عرض الحائط بكل قيم الحرية والديمقراطية التى يتشدق بها، من هنا إن الانقلاب على الديمقراطية التركية يجعلنا نراجع سياسات تركيا من دول الشرق الأوسط وأزمات المنطقة لأنها بلا شك لاعب إقليمى رئيسى بها ولكن بما إن السياسة الخارجية والسياسة الداخلية وجهان لعملة واحدة فنرى أن على «أنقرة» اليوم أن تعيد النظر فى دورها الإقليمى وتخلت عن أطماعها حتى يمكنها إزالة اختلالات المعادلة التركية ومنها مثلا العلاقات التركية -الإسرائيلية حيث كشف التقارب الأخير بين أنقرة وتل أبيب تناقض المواقف التركية الإسرائيلية تجاه تنظيم الإخوان المتطرف، ففى الوقت الذى تؤيد فيه تركيا الإخوان تأخذ منه إسرائيل موقفاً متشدداً بسبب ارتباط حركة «حماس» به، وكذلك التنسيق بين تركيا وإيران بشأن ادوارهما بمنطقة الشرق الأوسط التى تصب فى سحب السجادة من تحت أقدام الدول العربية وخاصة دول الخليج ثم ضبابية الدور التركى فى سوريا والعراق خاصة بالنسبة للأزمة السورية وبشكل خاص فى العلاقة المشبوهة مع تنظيم «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية التى تعمل على الارض فى منطقة الشرق الأوسط وآخرها محاولة الظهور الأردوغانى فى المشهد الليبى. ثم تبنى النظام التركى للمعارضين والخارجين على القانون والهاربين من دول تختلف مع حكومة أردوغان ومن هنا يمكن القول إنه من الضرورى إعادة صياغة العلاقات العربية التركية بشكل عام وعلاقاتها المحتقنة مع بعض هذه الدول مثل مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص، وتكف عن التدخل فى الشئون الداخلية لها ويجب أن يدرك أردوغان أن حكم الإخوان قد سقط فى مصر بغير رجعة، وأن يتفهم أن شرعية الجماهير هى التى عزلت مرسى، وأن يعيد قراءة التاريخ، وأن الشعب المصرى قال كلمته وليس الرئيس عبد الفتاح السيسى سوى منفذ لإرادة الجماهير التى قالت كلمتها يوم 30 يونيه عام 2013، ومن هنا لا وجه للمقارنة بين النموذج المصرى فى 30 يونيه 2013 والنموذج التركى فى 15 يوليو 2016 لأن الفارق كان واضحا هو فى الأول سقوط شرعية الإخوان برغبة من أتى بهم إلى حكم مصر، وفى الثانى تمكن نظام حزب «العدالة والتنمية» من إفشال حركة الجيش التركى بالقمع والانقلاب على الديمقراطية!!