رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«انتفاضة الكراهية».. تحذيرات من اندلاع حرب أهلية وشيكة داخل إسرائيل.. الاحتلال يتصدّع من الداخل بسبب الانهيار الاقتصادي والانقسامات العرقية.. والمعارضة تدق ناقوس الخطر

جريدة الدستور

دق إسحاق هرتسوج، زعيم المعارضة في تحالف الاتحاد الصهيوني، ناقوس الخطر، حين حذّر أمام الكنيست من احتمالات نشوب حرب أهلية في إسرائيل، نتيجة زيادة الكراهية والعنصرية.

وقال هرتسوج: نحن على شفا انتفاضة الكراهية والعنصرية والظلام والقتل والاغتيال على أساس الكراهية الداخلية، فقد أصبحنا نسمع مصطلحات الكراهية في كل منعطف، سواء كانت موجهة ضد المرأة من قبل الحاخامات العسكرييين، أم من قبل اليهود الأشكناز ضد اليهود الشرقيين، والعكس، الأمر الذي سيؤدي إلى حرب أهلية، حيث يتم تنفيذ هذه الكراهية من قبل دعم كامل وغطاء من المسؤولين الإسرائيليين.

هذه التنبؤات تجد صداها، فما نشرته صحيفة "نيويورك بوست"، على لسان هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق، الذي أجمع هو و16 إدارة استخبارات أمريكية، على أنه وفي خلال 10 سنوات ستزول "إسرائيل" من الوجود.

الشرقيون والأشكناز
ويأتي التحذير من الحرب الأهلية التي تلوح في الأفق داخل الكيان الصهيوني فى ظل تصاعد الصراع بين اليهود الأشكناز واليهود الشرقيين، حيث يرون أنهم على شفا انتفاضة ضد الكراهية والعنصرية والقتل والاغتيالات، وهو ما أوضحه تقرير لمركز جلوبال ريسرش الكندى.

وعانى اليهود الشرقيون منذ مجيئهم إلى إسرائيل من استعلاء اليهود الغربيين عليهم، ووصفهم بالجهل، وهو ما أدى إلى التمييز ضدهم في كافة مناحي الحياة، بداية من إسكانهم في مجمعات سكنية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية، واستغلالهم في أعمال بدائية ، كان اليهود الغربيين يرفضون ممارستها.

وظل اليهود الغربيون يحتكرون الثروة والحكم مستغلين عوامل عدة أهمها: ارتفاع مستوى التعليم والثقافة لديهم بالنسبة لأقرانهم من أفريقيا وآسيا، إلى جانب نشأة الحركة الصهيونية ذاتها في أوروبا، مما مكنهم من استغلال مؤسساتها ومواردها لتعزيز مكانتهم في المجتمع وخدمة مصالحهم.

يهود إثيوبيا
وكان رئيس الكنيست الإسرائيلي، يولي ادلشتاين، قال في وقت سابق ان بلاده تتجه إلى حرب أهلية، وذلك تعقيباً على الصدامات العنيفة التي شهدتها مدينة تل أبيب بين الشرطة ومتظاهرين إسرائيليين من أصل إثيوبي.

واستخدمت الشرطة الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لتفريق متظاهرين من أصول إثيوبية، يحتجون في ميدان رابين في تل أبيب مطلع الشهر الجاري على ما وصفوه "بعنصرية الشرطة".

وكان إسرائيليون من أصول إثيوبية قد نظّموا تظاهرات حاشدة في أنحاء البلاد قبل أقل من عام، وكان أكبرها في ساحة رابين في تل أبيب أسفرت عن إصابة 46 شخصاً بينهم 20 ضابطاً إسرائيلياً، حيث أثيرت الاحتجاجات على خلفية مقطع فيديو يظهر فيه ضباط وهم يضربون جندياً إسرائيلياً من أصل إثيوبي.

العلمانيون والدينيون
ومن المعروف أن "إسرائيل" ليست مجتمعاً متجانساً فهي معروفة بالانقسامات العرقية، التي تقوم على القيم الدينية والسياسية التي يمكن أن توفر أرضية خصبة لتطوير المواجهة الاجتماعية بشكل خطير، وتتفشي هذه الخلافات بين المتدينين والعلمانيين، بشكل واضح.

ويمكن القول إن غالبية المجتمع اليهودي، من العلمانيين الذين يتبعون أسلوب حياة حديث، ولكنهم قد يلتزمون لى حد ما، بالشعائر الدينية، بينما يلتزم أبناء فئة المتدينين اليهود الحريديم التزاماً صارماً بأصول الشريعة اليهودية، ويقطنون أحياء منفردة، ويديرون مدارس خاصة بهم، ويرتدون لباساً تقليدياً، ويخصص مجتمعهم، القائم في أطر محددة شبه مغلقة، دوراً منفرداً للرجل والمرأة.

وينقسم الحريديم إلى مجموعتين رئيستين: مجموعة صغيرة ومتطرفة، لا تعترف بالدولة وتعيش في معزل عنها، ومجموعة أخرى كبيرة تتبنى اتجاهاً عملياً، فتشارك في الشؤون السياسية، مستهدفةً دعم الاتجاه الديني في دولة إسرائيل.

ومؤخرا تصاعد الجدل بين العلمانيين و الحريديم، في المجتمع الإسرائيلي بعد أن صادقت الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأحد الماضي، على مشروع قانون، يعفي مدارس "الحريديم" من تعليم المواضيع الأساسية: الرياضيات والانجليزية، إلى جانب العبرية، كشرط لتلقي ميزانيات من وزارة التعليم.

توتر في الجيش
ولم يسلم الجيش الإسرائيلي من التوتُّرات المتزايدة بين الإسرائيليين العلمانيين والمتديِّنين القوميين، حيث يسعى المتديِّنون القوميون داخل المؤسسَّة العسكرية الإسرائيلية منذ عدة أعوام إلى توسيع نفوذهم نتيجة لتزايد أعدادهم في الوحدات المقاتلة وكذلك في هيئة الأركان والضباط وهو في نهاية المطاف انعكاس لتنامي قوَّتهم في سياسة البلاد.

لذلك ألغت الحكومة قانونا أقر قبل عامين، يفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على شبان الحريديم، حيث تهدف المؤسسة الحاكمة، إلى تفتيت مجتمع الحريديم ودفعه للانخراط بالعالم المفتوح، بسبب قلق الصهيونية من تكاثرهم بنسبة هائلة، وهو من شأنه أن يهدد الطابع الصهيوني الحالي لإسرائيل مستقبلا.

وهناك تخوف في "الداخل الإسرائيلي" من تراجع الصورة العبرية التي يحاولون رسمها للغرب وذلك بعد تكرار الاعتداءات التي ارتكبها أصوليون من اليهود الحريديم على النساء اللواتي لا يرتدن لباساً محتشماً، وهو الأمر الذي أدى إلى صراع متزايد ومحتدم بين العلمانيين والمتدينين، حيث قام الحريديم بضرب فتاة تبلغ من العمر 7 سنوات لأنها ترتدي لباسًا غير محتشم.

شعبان مختلفان
كما حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، أمس الخميس، خلال حديثة مع شبكة "CNN"، عن استيائه من أداء رئيس الحكومة الإسرائيلية، ومن خطورة حدوث حرب أهلية في المستقبل بين الشعب الإسرائيلي والفلسطيني قائلا سينتهي المطاف بحل الدولة الواحدة من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن، داخلها الملايين من الفلسطينيين، الأمر الذي سيحتم أن تكون تلك الدولة إما غير يهودية أو غير ديمقراطية.

وقال إذا استطاع الفلسطينيون التصويت للكنيست، ستصبح الدولة ثنائية القومية بين عشية وضحاها، وخلال جيل واحد تقريبا ستصبح دولة ثنائية القومية بأغلبية مسلمة، ما يرجح وقوع حرب أهلية بين شعبين مختلفين.

الانهيار الاقتصادي
ويعتبر تدهور الأحوال الاقتصادية في الاحتلال أحد العوامل التي قد تؤدي لاشتعال الانتفاضة الداخلية، إذ أصدرت مؤسسة التأمين الوطني تقريراً في عام 2014 بينت فيه أن واحدة من كل خمسة أسر في "إسرائيل" تعيش تحت خط الفقر، وبعده بفترة وجيزة، أصدر مركز توب، السياسي البحثي الاقتصادي والاجتماعي تقريراً كشف من خلاله بأن أربعة من أصل خمسة أسر أنفقت أكثر مما كسبت كل شهر وبشكل كبير للغاية.

وكشف تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) عن صورة معقّدة للاقتصاد الإسرائيلي، فضلا عن ارتفاع معدّل الفقر، ومعدّل الفقر في إسرائيل أعلى من المعتاد، وخصوصا في أوساط النساء العربيات في إسرائيل بل وفي أوساط الرجال من الوسط الحاريدي، إضافة إلى أن قطاعات اقتصادية كاملة تعاني من غياب التنافس تتسبب في غلاء غير متناسب في مجالات الغذاء، البنوك والكهرباء.