رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أسرار مثيرة".. لماذا لا يستطيع المجتمع الدولى تنفيذ تهديداته ضد "السلطان المنتقم".. "اللاجئون السوريون وقاعدة الإنجريليك" تضعان إصبع الغرب تحت ضرس الرئيس التركي

جريدة الدستور

مجرد ما ألمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومن قبله رئيس وزرائه، بن علي يلدريم، إلى إدراج عقوبة الإعدام ضمن الدستور، حتى حاصرته التهديدات الدولية، بُغية لي ذراع أنقرة، من أجل إيقاف انتهاكاته، ضد جنرالات الجيش ورجال القضاء والشرطة.

الاتحاد الأوروبي
لوح الاتحاد الأوروبي في أول تهديد يواجه أنقرة عقب محاولة الانقلاب، بورقة عضوية تركيا داخل ‏الاتحاد، والتي وقفت لأجلها أنقرة نحو 50 عامًا على أبواب أوروبا في انتظار الانضمام، حيث خرج ‏التهديد على لسان "فيديريكا موجيريني"، مسئولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، التي ألمحت إلى أن ذلك قد يتسبب في إغلاق ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد، حيث لا يمكن لدولة تستخدم عقوبة الإعدام ‏أن تكون عضوًا في الاتحاد الأوروبي.‏

لي الذراع
لكن جُعبة الرئيس التركي ليست فارغة، فهو يمتلك أيضًا ما يمكنه أن يلوي به ذراع أوروبا، ورقة قد تجعل كفته أرجح وهي "اللاجئون ‏السوريين"، الذين تحتضنهم تركيا بديلًا عن أوروبا مقابل مزيد من الأموال والامتيازات التي يقدمها الاتحاد ‏لأردوغان، وهو ما يؤكد حاجة أوروبا الشديدة لدعم تركيا لمساعداتها في أزمة اللاجئين السوريين، ووقف ‏تدفقهم عبر بحر إيجة إلى الجزر اليونانية.‏

ووصل الاتفاق بين الاتحاد وتركيا، خلال حكومة أحمد داود أغلو، إلى حد موافقة الاتحاد على تزويد تركيا بالأموال ووعدها بتسريع محادثات انضمامها، مقابل إعلان أنقرة استعدادها التام لاستقبال ‏جميع المهاجرين واللاجئين الذين يعبرون إلى اليونان بطريقة غير نظامية.

تهديد
وكان أردوغان قد صرّح علانية ‎بفتح حدود بلاده مع‎ ‎الاتحاد الأوروبي، أمام عشرات آلاف النازحين السوريين الذين ‏هربوا من استهداف‎ ‎حلب، وقتما طالب بإنشاء منطقة آمنة لحل الأزمة السورية، وأكد وقتها صحة الحديث الذي دار بينه وبين رئيس‎ ‎المفوضية الأوروبية‎ ‎‏"جان كلود ‏يونكر"،‏‎ ‎ورئيس المجلس الأوروبي‎ ‎"دونالد توسك" ‎بشأن مصير المهاجرين، وتهديده بإغراق الدول ‏الأوروبية بالمهاجرين، قائلًا: "نحن آسفون سنفتح الأبواب وسنقول وداعًا للمهاجرين، بسبب عدم تقديم ‏المساعدات لتركيا".‏

ويتضح أيضًا رغبة الاتحاد الأوروبي في التمسك بعلاقة جيدة مع تركيا لأجل اللاجئين، هو رضوخها بعد ‏هذا التهديد، والموافقة على تمويل صندوق مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات يورو لقرابة 2.7 مليون لاجيء ‏سوري، يقيمون على الأراضي التركية مقابل الحصول على مساعدة أنقرة لوقف تدفق المهاجرين إلى ‏أوروبا‎.‎

ورقة الناتو
وتوالت تهديدات المجتمع الدولي على رأس أردوغان، حيث حذرته واشنطن بسحب عضوية بلاده من ‏حلف شمال الأطلسي "الناتو" حال استمراره هو وحكومته في سياساتهم الحالية بعد محاولة الإنقلاب، ‏وتنفيذ عقوبة الإعدام على قيادات الجيش.‏

ألا أن الحلف أعلن أنه لن يشارك مع طرف ضد الآخر في الأزمة التي تمر بها تركيا داخليًا وخارجيًا مع جيرانها، مؤكدًا أن التعليق لا يجوز الآن على الوضع الذي يتغير بسرعة شديدة، وأن العسكريين الذين حاولا الاستيلاء على ‏السلطة في البلاد لن يعرضوا قوات دول الناتو المتمركزة في قاعدة "إنجرليك" الأمريكية للخطر، وفقًا لموقع "روسيا ‏اليوم".‏

ورقة أقوى
ويمتلك أردوغان إزاء هذا التهديد، ورقة أخرى قد تكون رابحة وهي قاعدة "إنجرليك" الأمريكية، التي ‏تحوي أكبر مخزون للأسلحة الحربية التابعة للقوات الأمريكية بالخارج، وتستخدمها الولايات المتحدة ‏الأمريكية، في ضرب تنظيم داعش الإرهابي، كما تنطلق منها العمليات الجوية والبرامج التدريبية على الخطوط الأمامية لحلف الناتو.

أشارت تقارير غير رسمية في وقت سابق، إلى أن أمريكا تمتلك 50 سلاحًا نوويًا في قاعدتها بتركيا، حيث تحتوى على قنابل نووية أمريكية من نوع "B-61"، التى تعود إلى حقبة الحرب الباردة.

في يوليو 2014، كانت الموافقة التركية لأمريكا من أجل استخدام قاعة "إنجرليك" في حربها ضد داعش ‏بالداخل السوري، بعد إبرام الطرفان إتفاقًا حوى بندًا هامًا للجانب الأمريكي، وهو إقامة منطقة حظر طيران في مناطق شمال سوريا، الواقعة قرب الحدود مع تركيا، مما يمنحها الحق في ضرب واستهداف أي طائرة تقترب من الحدود.

أهمية عسكرية
وتكمن أهمية القاعدة الجوية بالنسبة لأمريكا، في ‏أنها تتيح لها مجالًا للتحرك بشكل أسرع لضرب التنظيم، ما يتيح للتحالف التصرف في المعلومات الاستخبارية أسرع من ذي قبل عندما كان الأمر يقتصر على ‏شن غارات من قواعد في العراق والأردن ودول الخليج العربي‎، إلى جانب أن قوات التحالف بقيادة أمريكية تقوم بطلعات استطلاع وضربات في المنطقة، وتقدم تركيا الدعم لتلك الغارات بالمدفعية.

كما تعتبر "إنجليرك"، التي كانت أحد محاور العمليات الجوية، ضد العراق خلال حرب الخليج عام 1991، منفذ أمريكا داخل الشرق الأوسط ‏من الشمال، كما أنها نقطة إغاثة لأمريكا وهو ما حدث وقت الأزمة اللبنانية عام 1958، حيث جرى إنزال الجنود الأمريكيين بها، بعد انسحابه من لبنان.