رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من أوراق ثورة الثلاثين من يونيه «2»



 تعد ثورة الثلاثين من يونية واحدة من المنعطفات التاريخية فى الحياة السياسية المصرية، لأنها كانت نتيجة طبيعية لأربعة متغيرات شهدتها الفترة من 30 يونيه 2012 حتى 30 يونيه 2013:

أولا – إدراك الشعب فى مصر لضرورة التغيير بشكل حتمى بعدما فشل نظام الإخوان فى أن يكسب رصيداً جماهيرياً منذ أن اعتلوا السلطة فى الانتخابات التشريعية عام 2011 حيث ما جاءوا إليها الا نتيجة وقوع الناخب سواء فى الانتخابات البرلمانية أو الانتخابات الرئاسية بين خيارين كان كلاهما «مراً»، إما نظام الإخوان الذى يسعى إلى أن يسوق نفسه على أنه المعبر عن ثورةيناير أو نظام مبارك الذى كان له تأثير آنذاك فى الإطار المرجعى لكثير من المصريين وأتصور هنا أن تجربة الثلاثين عاما ظلت حاضرة فى ذهنية المواطن المصرى بكل ما فيها وألقت بظلالها على قرار الاختيار لصالح جماعة الإخوان، وفى الوقت نفسه لم تقدم الثورة فصيلا يعبر عنها وتم ترك الساحة خالية لتيار قادم من الماضى.

ثانيا – استشعار المصريين أن ثورتهم التى قاموا بها فى الخامس والعشرين من يناير عام 2011 قد اختطفت منهم أو بعبارة أكثر دقة باللغة العامية المصرية الدارجة «انضحك عليهم» من قبل فصيل سياسى ركب الموجة واستغل الفرصة وقدم نفسه بديلا لنظام مبارك الذى من المفترض أنه توارى عن الصورة، لكن فى واقع الأمر استمرت ممارساته وأسماء بعض رموزه متجذرة فى النسيج الاقتصادى والسياسى والاجتماعى، بل من عجائب الأشياء أن هؤلاء المنتمين لفكر الثلاثين عاما كانوا أول من أيد ثورة 30 يونيه لاقتناعهم أن الثورة قامت للقضاء على حكم الإخوان فقط وهى بالنسبة لهم فرصة ذهبية لعودة الروح- إذا جاز التعبير – أو بعبارة أخرى للعودة إلى المشهد من جديد.

ثالثا – لا يمكن إغفال دور الإعلام المصرى بشقيه العام والخاص فى كشف حقيقة حكم الاخوان ويقول قائل إذا كان هذا مفهوما بالنسبة للإعلام الخاص فكيف يصبح إعلام الدولة متناقضا مع النظام السياسى؟

للإجابة على هذا السؤال لابد أن نشير إلى خطأ وقع فيه نظام الإخوان وهو أن كثيرا من قيادات الإعلام الرسمى المصرى لم تكن تنتمى لفكرهم، وبالتالى استمرارهم على رأس اتخاذ القرار كان سببا فى خلق حالة من التناقض بين إعلام الدولة بمفهومه الوطنى والمهنى والنظام الذى ثبت ولاؤه للتنظيم الدولى للإخوان وينكر فكره القطبى الانتماء للوطن، وكان معروفا أيضا أنه لم يكن لدى الإخوان ما يكفى من الكوادر المؤهلة مهنيا، فضلا عن أمر آخر أخطر وهو أن أغلب القاعدة الإعلامية وهى القوة الضاربة الناقلة للرسالة الإعلامية لم تكن منتمية أو مؤيدة لهذا النظام. ومن ثم سارعت قيادات الإخوان إلى إنشاء ما يمكن تسميته «تليفزيون موازٍ» لتليفزيون الدولة بحيث يتخذ القرار من خارج ماسبيرو مع محاولة تسخير كل الإمكانيات الخاصة بماسبيرو لخدمة هذا الفكر الموازى الذى فشل فى أن يكون بديلا مقنعا للمتلقى المصرى.. وللحديث بقية.