رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وبدأ العد التنازلي.. 9 أيام على أهم استفتاء في بريطانيا.. الشعب يقرر الانفصال أو البقاء بالاتحاد الأوروبى.. ما أسباب استماتة الطرفين على موقفيهما؟

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

"خطر انقسام الاتحاد الأوروبي حقيقي، ومفاوضات بريطانيا للاستمرار فيه أصبحت هشة للغاية"، بهذه الكلمات أعرب دونالد توسك، رئيس الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه من انهيار الاتحاد بعد مرور نحو 58 عامًا على تأسيسه؛ بسبب محاولات بريطانيا منذ قدوم حزب المحافظين بزعامة "ديفيد كاميرون" إلى حكومتها إثارة أمر خروجها منه.

بداية الأزمة
بدأت القصة من تحديات تواجهها بريطانيا بسبب كونها عضوًا بالاتحاد الأوروبي، رغم أنها لم تلتزم بكل شروطه، حيث إنها ما زالت تحتفظ بعملتها "الجنيه الإسترليني" كما أنها لم توقع على اتفاقية "شينجن" لحرية الانتقال بين الدول بدون فيزا.

لكن رغبة بريطانيا في وقف تدفق عمليات الهجرة إليها، وخوفها من القوانين التي يصدرها الاتحاد الأوروبي، والتي قد تؤثر بالسلب على اقتصادها، خاصةً وأنها دولة جاذبة للسكان، دفعت حزب المحافظين ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى التفكير بالمغادرة في حين عارض تلك الفكرة عدة أحزاب ومؤسسات بريطانية أبرزها حزب الديمقراطيين الأحرار المعارض.

التفاوض بشروط
وقرر كاميرون على إثر ذلك بدء حملة التفاوض مع الاتحاد للبقاء وفقًا لشروط بلاده حيث تم عقد قمة في الـثامن عشر من فبراير الماضي في العاصمة البلجيكية "بروكسل" بحضور 22 من زعماء دول الاتحاد وحصل كاميرون على الموافقة على ما طرحه من شروط.

وضمن كاميرون بذلك "وضعًا خاصًا" لبلاده داخل الاتحاد من خلال تعطيل لنفقات الرعاية الاجتماعية التي تقدمها بريطانيا للمهاجرين من مواطني الاتحاد لفترة قد تستمر لسبع سنوات، ووضع قيود على المعونات التي تمنحها الحكومة البريطانية إلى أبناء المهاجرين الحاليين بدءًا من عام 2020 بجانب من يستجد من مهاجرين بمجرد تشريع قوانين جديدة تتناول الأمر وهو الذي كان يعد مثار خلاف بين بروكسل ولندن ويحق لبريطانيا بموجب الاتفاق سن إجراءات للطوارئ لحماية العاصمة لندن.

كما يحافظ الاتفاق على هامش حرية لبريطانيا بشأن قوانين السوق وأن المنظمين البريطانيين مثل بنك إنجلترا سيكونون مسؤولين عن الإشراف على البنوك والأسواق الوطنية حين يتعلق الأمر بالحفاظ على الاستقرار المالي، كما أنه لا يمكن ممارسة السلطات السيادية دون المساس بالقوانين الموحدة لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية.

موقف كاميرون يتغير
وتحدد يوم 23 يونيو موعدًا لإجراء استفتاءٍ شعبي على المغادرة ليتحول موقف كاميرون إلى متزعم مستميت لحملة "بقاء بريطانيا داخل الاتحاد" متحديًا حلفاءه في حزب المحافظين وأبرزهم نايجل فراج وبوريس جونسون عمدة لندن السابق وأبرز حلفاء كاميرون والذين أصروا على المغادرة.

استندت حملة كاميرون للبقاء منذ البداية على الحديث عن المصير المجهول الذي ينتظر بريطانيا حال المغادرة، كما الانهيار الاقتصادي وسنوات من عدم وضوح الرؤية، لكنه لم يقدم الفائدة التي تعود من البقاء، بمعنى أنه كلما تحدث، قال سيحدث لنا كذا إن خرجنا، ولكنه يتجنب الحديث عما يمكن أن تستفيده الدولة حال البقاء، سوى أنها تجنب لأضرار المغادرة واعتمد على رؤساء عدد من الدول أبرزهم الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند والأمريكي باراك أوباما لدعم حملته.

وجهة نظر المعارضة
أما حملة المغادرة فدعمت وجهة نظرها من خلال ما صرح به كريس جرايلنج، رئيس حزب المحافظين البريطاني، من أن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي سيرفع عدد سكانها إلى 80 مليون نسمة بفعل عمليات الهجرة.

وأضاف جرايلنج أن مقياس الحد الأدنى للمعيشة معدله 7.20 يورو في الساعة، وسيرتفع إلى 9 جنيه استرليني بحلول عام 2020، وسيشجع المزيد من العمال في أوروبا بالقدوم إلى المملكة المتحدة وستكون الحكومة عاجزة مع ارتفاع السكان إلى 80 مليون.

وتابع جرايلنج أن إدخال الأجور المعيشية سيكون لها تأثير على جذب بريطانيا كمكان للمجئ مشددًا على الحاجة إلى اتخاذ خطوات لوضع بعض القيود على تلك الضغوطات من أجل المستقبل و لا نستطيع فعل ذلك داخل الاتحاد الأوروبي .

ونوه إلى أن تشرعيات الاتحاد الأوروبي ستؤدي إلى ارتفاع عدد السكان من 75 إلى 80 مليون وأن بريطانيا ليست قادرة على استيعاب ذلك كبلد فهي لا تمتلك المنازل ولا أماكن الدراسة والمدارس ولا المستشفيات ولا الطرق أو محطات السكة الحديد التي تكفي لكل ذلك.

كما أكد عمدة لندن السابق بوريس جونسون اليوم "الاثنين" أن بريطانيا ستستعيد 350 مليون جنيه إسترليني أسبوعيا من الاتحاد الأوروبي، مكررا بذلك نفس التصريح الذي أعلنته حملة "صوت للخروج" مشيرا إلى أن المبلغ قد يكون أكثر من ذلك.

كاميرون.. تائه
وعلى الرغم من أن الأسباب التي أعلنها كاميرون لتبرير تأييده البقاء في الاتحاد الأوروبي وحشد كافة الوسائل الإعلامية والسياسية، إلا أن أعضاء في البرلمان البريطاني تحدثوا عن السبب الحقيقي وراء استماتته من أجل البقاء، وهو أنه سيفقد منصبه حال خسارة الاستفتاء رغم ما أعلنه كاميرون من أنه سيقبل نتيجة الاستفتاء ايًا كانت وسيستمر في السلطة ويسعى لتحقيق اتفاق بشأن هذا الأمر ووضع خطة مستقبلية.

ويشير آخر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "أو.آر.بي" لصالح صحيفة "الإندبندنت" البريطانية إلى ارتفاع معدل المؤيدين لخروج بريطانيا بنحو 9 نقاط عن المعارضين حيث وصل إلى 55% مقابل 45% سيصوتون لصالح البقاء.

ويتبقى نحو تسعة أيام على الاستفتاء الحاسم الذي سيقرر مصير بريطانيا والتي انضمت للاتحاد عام 1973 إما بالنفصالب بعد هذا التاريخ الطويل أو البقاء بـ"وضعٍ خاص".