رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بين "هيلاري" و"الإخوان".. ردٌ استباقي؟


مثلما كان باراك أوباما، أول أسود يتربع على عرش الرئاسة الأمريكية منذ الاستقلال، جاء حصول هيلاري كلينتون، على الأصوات اللازمة للترشح في المنافسة على المقعد الوثير في البيت الأبيض، لتكون أول امرأة في التاريخ الأمريكي، بات وصولها للرئاسة قريباً جداً، بالتزامن مع ترشح منافسها الجمهوري دونالد ترامب المثير للجدل والصخب بسبب تصريحاته التي اعتبرها كثيرون ـ حتى داخل الولايات المتحدة ـ عنصرية.

المدهش، أن أوباما وكلينتون، يمثلان الحزب الديمقراطي، صاحب النقلة الأهم في السياسات الأمريكية، أوباما الذي فشلت إدارته تماماً في كافة الملفات العالقة، ترك أسوأ انطباع ـ خارجياً على الأقل ـ في سياساته المترددة، والتي حاول أن يختمها بإنجازٍ ما، كان الملف النووي الإيراني أهمها، وهو ما جلب عليه المتاعب، فشله في إدارة الحرب على الإرهاب وممثلها الحالي "تنظيم داعش الإرهابي"، كان عنواناً آخر لا يقل خطورة وتعبيراً عن إدارة عاجزة، ورئيس يتخبط، مواقفه في سوريا والعراق، وليبيا.. نماذج واضحة لمعنى السياسة المرتعشة.. والتي لا تليق بالدولة الأكثر قوّة في العالم.. ليبدو الأمر وكأن واشنطن تسحب أيديها تماماً من مواجهة نفسها على الأقل، وهذا ما أتاح الفرصة للدب الروسي، لأن ينتزع زمام المبادرة في الشرق الأوسط، وتحديداً سوريا، ويعيد صياغة ترتيب الأوراق من جديد، ويفرض نفسه على الساحة بشكل جدّي وجديد، جعل واشنطن وأهم حلفائها التقليديين في المنطقة، تركيا، في ورطة حقيقية، وكشفت موسكو من خلال تدخلها الواضح في مسار اللعبة، كم ضحك الأمريكيون علينا ـ كعرب ـ باسم مكافحة الإرهاب، واستغلوها ورقة للابتزاز والتسويف، فيما أصبح الأتراك، وخاصة بعد إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية، في موقف الضعيف تماماً، وبات أردوغان في مواجهة نفس الحائط الذي روج له، وموله وأتاح لفلول الإرهابيين الانضمام لـ"داعش".

 بعيداً عن غوغائيات ترامب، ومواقفه المعلنة، إلا أن هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة، والمرشحة الأوفر حظاً ـ حسب قناعاتي واستقراءاتي الشخصية ـ هي صاحبة الاعترافات الشهيرة في مذكراتها، عن صفقة بلادها مع تنظيم الإخوان الإرهابي للوصول للحكم في مصر عام 2012، وترتيبات ما قبلها، وهذا هو ما يهمنا في مصر تحديداً، لأننا سنكون ـ في حال وصولها للحكم ـ أمام شخصية معروفة تقليدياً بمساندة إسرائيل، وهذا لا يهم كثيراً، لأن كل الساسة الأمريكيين، هم إسرائيليون أولاً وحتى النخاع. ولكن كلينتون بالذات ربما تكون الأكثر تطرفاً، وإذا أخذنا بالاعتبار علاقتها بجماعة الإخوان الإرهابية فإننا سنكون أمام إشكالية ربما غير مثالية.

 وهنا يلفت انتباهي، ما لمّح إليه المحارب الأمريكي السابق والمحلل جيمس زومالت، في تقرير له منشور على موقع "بريتبارت" الأمريكي، من أن تكون هيلاري مدعومة في حملتها الانتخابية من قبل "الإخوان". وأكد أنها احتضنت حركة الإخوان رغم سعيهم إلى ما يعتبرونه "خلافة إسلامية"، وتساءل عن كيفية ذلك مع جماعة "تريد إزالة أمريكا" نفسها.!

لا أعرف ماذا ترى السيدة هيلاري الآن في جماعة ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ الإرهابية، التي قالت في مذكراتها أنهم "ﺭﻏﻢ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﻤﻘﺮﺑﺔ ﺑﺤﻤﺎﺱ، ﻟﻢ يبدوا أي نزوع لاستخدام العنف لأجل تحقيق أهدافهم" وأنهم "حتى الآن، رغم القمع الذي يتعرضون له، لم يظهروا أي موقف يدل على أنهم من الممكن أن يتحولوا إلى حركة مقاومة عنيفة" وكأن كل جرائم الإخوان وتنظيمهم الدولي طيلة العامين الأخيرين تحديداً، لم تسمع عنها السيدة كلينتون؟.

ما يطمئنني شخصياً، هو ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشكل عابر، ولكنه مقصودٌ في حديثه الأخير مع الإعلامي أسامة كمال، من أن "السياسات التي كانت سائدة مع الولايات المتحدة ليست ملزمة لنا؛ وما كان يصلح من 30 سنة ربما لا يصلح الآن".

باختصار.. تلميح مستقبلي من الدولة المصرية، يستبق كل الاحتمالات القائمة، مع الرد عليها.!