رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإعلام.. وتكريس ظاهرة العنف «١-٢»


شاركت الأسبوع الماضى فى مؤتمر عقد بكلية الإعلام بجامعة القاهرة حول «الإعلام وقضايا العنف بالمجتمع المصرى» ضم كوكبة من الخبراء وأساتذة الإعلام والمهتمين بالشأن الإعلامى وقدمت الى إحدى جلسات المؤتمر ورقة بحثية تتضمن رؤية تطبيقية لدور برامج التوك شو فى تكريس ظاهرة العنف وتأثيرها على النشء، وفى تقديرى أن ظاهرة العنف إفراز طبيعى لحالة فوضى يعيشها الإعلام المصرى، وكنت قد حذرت فى بداية تولى مسئولية قطاع الأخبار باتحاد الإذاعة والتليفزيون عام 2011 من خطورة عدم وجود نظام إعلامى قوى يساند السلطة السياسية ولا يستند إليها خاصة فى المرحلة الانتقالية التى كان المجلس العسكرى يمسك بزمام الأمور فى البلاد، لأن الإعلام القوى سيبقى مرآة للمجتمع، وبالتالى عندما يأتى أى نظام حكم فإنه سيتناغممعه ولا ينفصل عنه وقد ذكرت ذلك فى كتابى «اللحظات الحاسمة» الذى نشر عام 2015 وبالفعل ما توقعته حدث تغيرت الحكومات وظل الإعلام على ضعفه وشهد المجتمع العديد من الظواهر السلبية ومنها تنامى ظاهرة العنف التى نفذت من الأشكال البرامجية المعروفة باسم التوك شو أو العرض الكلامى أو الحوارى للعبور لفكر وعقل المتلقى وأسهمت نظرية التكرار فى تأكيد الظاهرة بإطاره المرجعى، ولاشك أن هناك علاقة تأثير متبادلة بين انتشار ثقافة العنف واستمرار موجات الإرهاب، لأن المجتمع الذى يتعرض من آن لآخر لعمليات إرهابية هنا أو هناك ستأخذ موضوعات الإرهاب حيزاً ليس قليلا من معالجاته الإعلامية خاصة فى البرامج المسائية المنتشرة بالقنوات الفضائية، وأى حدث إرهابى يصبح قاسما مشتركا بين كل هذه البرامج لاسيما بالطبع فى التليفزيون الذى يعتمد الصورة وسيلة لنقل الحدث إلى المتلقى ونظرا لأن التليفزيون يدخل كل بيت دون استئذان ويخاطب كل الفئات العمرية فإن الموضوعات والصور المرتبطة بالعنف يتم تداولها بشكل مكثف ومتكرر، ومن ثم يتعود المشاهد على رؤية الصور الدموية مثل القتل بدم بارد والذبح وصور القتلى بلا أى ضوابط بل تتبارى القنوات فى عرض ما لديها من لقطات معتقدة أن بها ستحقق السبق على غيرها وأسهم فى تكريس مفاهيم العنف أن موضوعاته مادة جاذبة لما بها من قدر كبير من الإثارة، وبالتالى تتعامل معها وتركز عليها الوكالات الإعلانية خاصة بعد أن أصبحت تسيطر على المحتوى الإعلامى فى كثير من برامج «التوك شو» تحت مسمى «المعلن عايز كده»، ويبرز هذا التوجه فى إطار حالة من التسابق فى البرامج على عرض الموضوعات الخارجة عن سياق تقاليد وقيم المجتمع لتحقيق أعلى نسبة مشاهدة ممكنة ومن هنا نطرح ثلاثة أسئلة من الضرورى أن تكون إجاباتها واضحة لفهم وتتبع الظاهرة محل البحث.

هل الإعلام وحده المسئول عن تنامى ظاهرة العنف فى المجتمع؟ السؤال الثانى كيف يمكن للبرامج المختلفة تعديل وتقويم السلوك العنيف للمجتمع وبالتالى التصدى للمشكلة ومحاولة حلها؟ والسؤال الأخير ما الضوابط المهنية التى تحكم أداء القائم بالرسالة الإعلامية – وفى حالتنا هنا برامج التوك شو – سواء كان مقدما للبرنامج أو معدا أو رئيسا لفريق من المحررين؟ نجيب على هذه التساؤلات فى الجزء الثانى من المقال يوم الثلاثاء المقبل إن شاء الله!