رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مناظرة الأمن والحرية


فى خطاب لوزير العدل الأمريكى فى إدارة بوش «جون آشكروفت» فى معهد «أمريكان انتربرايز» فى 19 أغسطس 2003 قال: «إن الولايات المتحدة استخدمت الأدوات التى وفرها قانون باتريوت لتحقيق مسئوليتنا الأولى: حماية الشعب الأمريكى... ومنع الإرهابيين من إحداث مزيد من القتل والتدمير على ترابنا... وإنقاذ أرواح أمريكية بريئة... وتوفير الأمن الذى يضمن الحرية»،وقال الوزير آشكروفت: «لوعرفنا عندئذ ما نعرفه الآن لكنا قد أقرينا قانون باتريوت قبل 11 سبتمبر بستة أشهر بدلا من ستة أشهر بعد الهجمات» «حسب مصلحة أبحاث الكونجرس، يمنح قانون باتريوت المسئولين الفيدراليين سلطة أكبر لتتبع واعتراض اتصالات، من أجل غايات تنفيذ القانون وجمع معلومات استخباراتية أجنبية. وقد أصبح القانون نافذ المفعول فى 26 أكتوبر، 2001».. فقد أدرك بوش بطريقة فطرية أن الولايات المتحدة تحتاج إلى نوع من التفكير الأكثر ابتكارا، وإلى مرونة جديدة من أجل الانتصار على عدوغير تقليدى وعلى هذا القدر من الشر مثل تنظيم «القاعدة».

إن المناظرة المتجددة حول الأمن والحرية وكثرة المنظرين الأمريكيين علينا نحن العرب الذين نتعرض لهجمات الإرهاب علينا أن نذكرهم بأن المحاكم العسكرية لمحاكمة الأجانب المتورطين فى أعمال إرهابية، أو التنصت على الاتصالات بين المعتقلين ووكلائهم من المحامين، أو تأجيل تنفيذ الأحكام القضائية بالإفراج عن المعتقلين إذا ما رأت الإدارة أنهم يمثلون خطراً على المجتمع، أويُخشى من هروبهم إلى خارج البلاد. ولا يزال الأمر معمولاً به حتى الآن وفق ما كشفته وثائق «سنودن» العميل فى وكالة الأمن القومى وما عرفه العالم من مضمون « FISA - قانون مراقبة المخابرات الأجنبية» الذى يجبر شركة الهواتف الخلوية Verizon على تقديم كل ما يتعلق باتصالات زبائنها. كما أن برنامج «بريسم» الذى يجمع معلومات من الشركات المزودة للإنترنتوينخرط فى عمليات لجمع بيانات حول الأمريكيين، ولما عرض الأمر على الكونجرس الأمريكى صوت بأغلبية لصالح الاستمرار فى عملية جمع البيانات والتجسس على المواطنين فى الداخل والخارج.

وسعيا لتحقيق التوازن اللائق بين الأمن والحرية، فإنه على طرفى المناظرة أن يدركا أنه بالتخلى عن مواقفهما المطلقة ربما يجدون التوازن المناسب وتجنب السياسات السيئة التى يجلبها الجموح الشديد من أنصار الجانبين، وحتى الآن فى الولايات المتحدة الأمريكية وبعد 15 عاماً من هجمات سبتمبر ليس معروفا بدقة فى موضوع مكافحة الإرهاب أين تبدأ وتنتهى سلطات الرئيس، وأين تبدأ سلطات الكونجرس علما بأن إقرار مشروع سلطات الحرب للرئيس باراك أوباما لمحاربة الدولة الإسلامية لم يقره الكونجرس حتى الآن، وإذا كانت حرب أوباما على الإرهاب تختلف عن سياسة سلفه جورج بوش، فالأخير دعا إلى الحرب دفاعاً عن الحضارة ضد الإرهاب، أما أوباما فيشن حرباً فى الظل، مستخدماً ضربات بطائرات من دون طيار وعمليات خاصة. «أوباما» نفّذ خلال ولايته الأولى هجمات باستخدام هذا النوع من الطائرات عددها يفوق ما شنه بوش خلال سنواته الثمانى فى الحكم بستة أضعاف، ودائما نصيحة حكيم «لا حرية دون أمن».