رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطاب «الرئيس».. المصارحة وكشف الحقائق


فى خطابه الأكثر أهميّةً منذ انتخابه قبل عامين تقريباً، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى، كما لم يتحدث من قبل، واضعاً النقاط فوق الحروف على العديد من القضايا المثيرة للجدل داخلياً فى الأيام الأخيرة، وأكثرها صخباً خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، قضية جزيرتى «تيران وصنافير»، اللتين أصبحتا سعوديتين، بموجب ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة...

... واعتبارات الحقوق التاريخية التى اعترفت بها غالبية مؤسسات الدولة الرسمية.

الرئيس السيسي، نجح فى اختبار المصداقية التى حرص عليها، مع ممثلى الكتل البرلمانية بمجلس النواب والمجلس القومى لحقوق الإنسان ورؤساء النقابات، وعدد من رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين ومجموعة من شباب البرلمان والبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، حيث بدا واضحاً وصريحاً ومباشراً دون «لف ودوران». وهو وإن شدّد مرة أخرى على وحدة المجتمع المصرى، وأن «البلد صاحبها شعبها».. كان أكثر جرأة وشجاعة عندما قال «إحنا لا بنبيع أرضنا لحد ولا بناخد أرض حد»، فى إشارة إلى أزمة جزيرتى «تيران وصنافير».. وأكد أن هناك مؤامرات داخلية وخارجية للقضاء على مصر، وردَّ على سيل الهجوم والاتهامات غير الصحيحة التى سرت خلال الأيام الماضية حول اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية، بالقول إنه «من ثوابتنا عدم التفريط فى ذرّة من حقوقنا وعدم المساس بحقوق الآخرين، إننا نتبع الصبر على إيذاء الآخرين لنا وإعطائهم فرصة لمراجعة أنفسهم».. وأضاف أيضاً: «لا ندخل فى تحالفات مع أحد ضد أحد والحفاظ على اعتدال وتوازن القرار المصرى».

وبينما قال إنه «أخذ الضربة الخاصة فى صدره» وتحمل كل هذا السيل من المغالطات، أعاد التأكيد على أنه «مسلم وبس» و«مش إخوان ومش سلفى ولا هابقى سلفى».. مؤكداً أيضاً على أنه يرفض الأفكار الشريرة، ومحاولة التغطية على الأزمات الداخلية من خلال «أطماع خارجية» بالاعتداء على دولة أخرى، ملمحاً بذلك إلى ليبيا عقب ذبح 21 مصرياً ولكنه رفض ذلك. النقطة الأهم فى كلمات السيسى، أنه صارح الشعب المصرى، بالعديد من محاولات ضرب الإرادة الشعبية، عبر فرض حالة من الانقسام المجتمعى، مثلما هو حادث الآن، وقال إن هدفها هو الوصول إلى ما اعتبره «الانتحار القومى» من خلال بث روح التيئيس والشك فى كل شىء، ولفت إلى أن تلك الحالة وصلت إلى عدم تصديق الآخر، قائلًا: «مش بنصدق بعض.. وفقد الناس الأمل فى بكرة». وعلينا أن نعترف أن حالة الانتحار القومى التى أفصح عنها الرئيس، هى الغالبة فى معالجتنا غير الواعية مع كل القضايا المثارة، وللأسف الشديد، يتحمل مسؤوليتها العديد من الأطراف، بداية من الكتائب الإعلامية المجهولة والمنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى، وليس انتهاءً ببعض وسائل الإعلام التى تُسهم بمعالجاتها غير المسئولة فى نشر روح التشكيك واليأس، رغم أن حجم ما تم إنجازه خلال العامين الماضيين يحتاج 20 عامًا.. مروراً بالعديد من الممارسات السلبية فى الأداء العام.

وإذا كان الرئيس، قال إنه سعيد برد الفعل المصرى، مؤكداً أن غيرة المصريين تسعده وتسعد البلد، لكنه أوضح بجلاء، أنه يجب أن يفهموا الحقيقة، مؤكداً أن شراسة الهجمة تعكس النجاح.. وجدد إصراره على الاستمرار فى العمل المخلص والأمين من أجل مصر وشعبها.. وكان الملمح الأخلاقى فى شخصية الرئيس بارزاً حينما رفض الرد على الإساءات التى وجهت له خلال الفترة الأخيرة، مؤكدًا أنه لن يرد على الإساءة بالإساءة، ولكن بالعمل والنجاح.. وأضاف «أننا نتحمل تكلفة التجربة المصرية بما لها من خصوصية»، وتابع: «نحتاج مزيدا من الوقت لمعالجة المشكلات، وأن الدولة الحقيقية والمؤسسات القادرة تحمى بلدها».. مع وجود قوى الشر ـ بالداخل والخارج ـ التى تريد القضاء على رئيس مصر لفشلها فى القضاء على مصر.

وبعيداً عن «وعد» الرئيس بضبط الأسعار كمشكلة داخلية، وكذلك الكثير من الإنجازات المحورية والتنموية التى تحدث فعلاً على الأرض، ويتجاهلها كثيرون، كان التحذير الأبرز من اعتماد الإعلام على شبكات التواصل الاجتماعى كمصادر للأخبار، قال إن تعاملنا السلبى مع بعض القضايا هو من يصنع الأزمات التى نراها ونعانى منها، مثل قضية سد «النهضة»، أو جريمة قتل الشاب الإيطالى، داعياً للتعامل بروح مسؤولية الدولة، وليس بمفهوم الرأى الفردى.