رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القلوب السوداء


«احنا مش فى حرب، احنا فى كرب، كرب لأن القلوب بقيت «سودة»، كل قلب بقى أسود على التانى، الغنى بيفضل يرمى بقية أكله فى الزبالة على أنه يديه للفقير اللى جانبه»..

تلك هى بعض كلمات سيدة حكيمة بسيطة قابلتها وأنا أقدم العزاء وأحاول أن أواسى أسرة شهيد جديد من شهداء مصر ومن شهداء فاقوس التى فقدت أكثر من 30 شهيداً فى معركتنا ضد الإرهاب.. التقيت بهذه السيدة وأنا أقدم العزاء فى شهيد العزازى مركز فاقوس الشهيد «هانى صلاح جاد» ليتكم كنتم معى لتسمعوا بلاغتها فى وصف حالنا الآن... لكنى توقفت أتأمل طويلاً وصفها «القلوب السوداء»!!! وصف بليغ، دقيق، معبر عن حال كثير من قلوب اليوم... فعلاً القلوب «اسودت على بعضها» أصبحت حجراً، أكثر حقداً، أكثر كرهاً للناس وأكثر كرهاً لحب الخير للناس. كثرت القلوب التى فقدت الرحمة، الإنسانية، تستمتع بكوارث الناس وبأحزانهم وبمصابيهم. لاترى ضحكاتهم إلا على دموع القلوب البيضاء.. قلوب لا تعرف إلا الكذب، قلوب تؤمن بأن الطيبةغباء وضعف وإن الخبث والمكر ذكاء وقوة وأن الغاية تبرر الوسيلة. قلوب ترى فى التسامح والعفو وهناً. نحن نعيش الآن زمان اختفت فيه «القلوب البيضاء» القلوب الذهبية «أصحاب الوجوه البشوشة» أصحاب القلوب الطيبة، الرحيمة، الحنونة، المتسامحة فى وسط هذا الضجيج، الضباب الذى يحيط بنا.. اختفت القلوب الطيبة الراضية بقضاء القدير... لا تعرف إلا التسامح والعفو، القلوب التى تبرر أخطاء الآخر بحسن النية، تلتمس له الأعذار.. فهو لا يمتلك صفحات أو مجلدات سوداء عنك فى ذاكرته.. بل يسامحك بمجرد طلتك عليه.قلوب تسكنها المحبة، الإخلاص، العطاء، الصدق، التفانى، النية الطيبة والصافية... قلوب لا تعرف إلا نسيان الإساءة، لا تعرف الكره مهما تألمت.. قلوب تعرف بالآيثار قال تعالى «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة». قلوب مشعة بالأمل وبالعطاء المتدفق دون مقابل، قلوب راضية بقضاء وبتدابير القدير.. قلوب عندما تتحدث إليهم كأنك تتحدث مع نفسك، تفرغ معه شحنة حزنك وكربك وتنساها معهم.. قلوب لا ترى فى الطيبة والتسامح ضعفاً بل قوة... قلوب لا تعرف إلا أن تكون فى ظهرك وبجانبك وقت الشدة. قلوب تهتم بمصالح الآخرين، ولا تعمل إلا على إسعاد الآخرين... كلنا نعانى باختباء «القلوب السوداء» تحت شعارات رنانة «اختلاف الرأى، حرية الرأى، السم فى العسل... قلوب لا تحب لك الخير، لا تحب أن تراك سعيداً، تعمل جاهدة على تحويل بسمتك إلى دموع، وفرحتك إلى شجن.. قلوب لا ترتاح إلا إذا طعنك من الخلف ليصبح هو فى المقدمة... لا يفكر إلا فى تدميرك، لا يحب أن يراك محبوباً أو مقدراً من الناس.... يستغل طيبة وعطاء الأخرين ورقة قلبهم إيماناً منه أن طيبة القلب ضعف شخصية لأنها الأسرع فى فتح الأبواب والأول فى تلقى الضربات. اللهم ارزقنا صفاء ونقاء القلوب.. واجعلنا من أهل الجنة «سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين».. اللهم.. نق قلوبنا من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس.. اللهم اكفنا شر وحقد وحسد وكره وشماتة القلوب السوداء.... اللهم... اجعلنا من أصحاب الرحمة والشفقة ومن أصحاب القلوب البيضاء... وأحطنا وأحط مصر بكل القلوب البيضاء التى تحب مصر والمصريين... اللهم أهلك كل القلوب السوداء التى تضمر الشر لنا، وتضمر الشر للمصر. آمين يارب العالمين.. موعدنا الخميس المقبل إن شاء الله.