رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قاعدة تركيا الجديدة فى قطر: مم يخشون؟


سمتان تميزان مسيرة الحكم فى قطر: الأولى انقلاب الابن على أبيه للوصول إلى السلطة. فى 22 فبراير 1972 خلع الأمير خليفة بن حمد والده الأمير أحمد بن على الذى كان يصيد الصقور فى إيران. فى 27 يونيو 1995 خلع الأمير حمد بن خليفة آل ثانى والده الأمير خليفة بن حمد، الذى كان يستجم فى سويسرا. والأب الامير الخالع خشى مع عقدة الخوف أن يكون أميراً مخلوعا من انقلاب ابنه عليه اختار أن يسلمه الحكم طواعية عن تنازله عن السلطة يقول مصدر دبلوماسى غربى إن «الشيخ حمد لم يكن أبدا مرتاحا لقيامه بالانقلاب على والده ومن ثم ربما أراد أن يذكره التاريخ بأنه الحاكم الذى سلم الحكم طوعا وليس الذى انقلب على والده» وكان ذلك فى 25 يونيو 2013. السمة الثانية الخوف الشديد من المحيط الإقليمى لدولة عدد سكانها ربع مليون نسمة بالكاد ومساحتها 11437 كيلو متراً مربعاً. أى تقارب مساحة لبنان. وجغرافيا هى تقع فى منطقة جغرافية متوترة كاصبع صغير ممتد من الجزيرة العربية إلى مياه الخليج. وهى تقع بين قوتين إقليميتين كبيرتين هما المملكة العربية السعودية وإيران، تفوقانها مساحة وعدداً سكانياً بشكل كبير حيث تبلغ مساحة السعودية حوالى مليونين ومائة ألف كيلومتر مربع، ما يجعلها تفوق قطر حجماً بحوالى 185 مرة، أما إيران فتفوق مساحتها البالغة مليونا و648 ألف كيلو متر مربع جغرافيا قطر بحوالى 144 مرة. مما يجعل القادة القطريين يتبنون فكرة اضعاف دولتى الجوار أو إغراقها فى مشاكل داخلية أو إقليمية أو حتى دولية لكى تشل قدراتهما التنموية وبالتالى تنحسر تطلعاتهما السياسية. ومن ثم يمكن فهم-وليس قبول- إقدامها على دعوة الولايات المتحدة لإقامة قاعدة العيديد» مقر قيادة القيادة المركزية الأمريكية على أراضيها. كان يكفيها ذلك الشعور بالأمن ولكنها لم تكتف بذلك وراحت تعبث بالأمن القومى العربى والخليجى معا. فطموح حكام قطر قد اختلط بالطموح غير الرشيد والجامح وتصور أن ثروة البلد من الغاز كفيل بشراء أدوار إقليمية كبيرة غير مؤهل له بحكم قدراته، مع أن الأدوار الإقليمية لا تشترى بل لها مقومات شاملة ثم فوجئ العالم العربى فى ديسمبر الماضى، إعلان أنقرة عن عزمها إنشاء قاعدة عسكرية جديدة لها فى قطر، لماذا تركيا؟ لأن العثمانى الجديد وهو يواجه أزمة فشل المشروع العثمانى، تورّط أنقرة فى الحرب السورية، إذ فتحت تركيا حدودها الممتدة على طول ٥١٠ أميالً لدعم المعارضين ضدّ نظام الرئيس بشّار الأسد. كذلك، تدخّلت تركيا فى السياسة العراقية، ودعمت الأكراد فى وجه الحكومة المركزية فى بغداد. كما دعمت أنقرة الأحزاب التى تدور فى فلك جماعة «الإخوان المسلمين» فى ليبيا وسوريا ومصر. وقد قامت أنقرة بكلّ ذلك أملاً منها فى تحويل هذه المعطيات لكى تصبّ فى مصلحة وكالاتها ذات النفوذ فى الشرق الأوسط. إلّا أنّ هذه المناورة قد أسفرت عن نتائج كارثية. فاستغلت حاجة العثمانى الجديد إلى تعويض خيباته، فكانت القاعدة التركية التى هى تهديد للأمن القومى العربى لأنها تعطى تركيا فرصة لبسط نفوذها فى الخليج العربى. وهى موجهة فى الأمد البعيد ضد دول الخليج لنشر النموذج الإخوانى فى تلك المنطقة. الأتراك يخافون من قدرات الصواريخ الكبيرة التى تتمتع بها إيران، ولذا فإن حامى قطر فى حاجة إلى حماية. وأمريكا ستقوم بهذا الدور وستصبح الضامن بفعل الأمر الواقع للقاعدة التركية.