رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بهيج إسماعيل: المثقفون المصريون انعزلوا عن المجتمع

بهيج اسماعيل
بهيج اسماعيل

بهيج اسماعيل، أحد أبرز كتاب المسرح المصري المحسوبين على جيل الستينات، تتسم أعماله بفكر معادي للعولمة والانفتاح ومؤيد للتجربة الاشتراكية، ينتمي للمدرسة الواقعية في المسرح المصري، وأغلب نصوصه تدور في إطار "البلاك كوميدي".

والتقت "الدستور" بصاحب مسرحيات "الدخول بالملابس الرسمية" و"البرنسيسة"، للتعرف على أبرز ما يستطيع أن يقدمه بفنه لمواجهة التطرف، استمراراً لسلسلة لقاءات أجرتها لبحث ذات المشكلة مع كل مبدع متحقق في مجاله تختتمها بمجال المسرح.

يقول "اسماعيل" أن صفة التطرف أحد أبرز الظواهر الاجمتاعية التي أثرت في إبداعه وحرص على معالجتها، مشيراً إلى أن من أبرز مسرحياته التي تناولت هذه الظاهرة كانت مسرحيته "العين الحمرا" التي قدمت في فترة التسعينات على مسرح الهوسابير وقام ببطولتها الفنان الراحل نجاح الموجي شارحاً انه ربط فيها بين البطالة والإرهاب.

وتدور قصتها حول خريج كلية علوم مكث أكثر من 12 عام عقب تخرجه ولم يجد فرصة عمل فيقرر تسخير جميع المعلومات التي حصلها أثناء فترة دراسته في صناعة قنبلة ذهب ليفجرها في بعض الأشخاص الذين يقفون ضده في الحياة ، ليكتشف في النهاية أنها لم تنفجر بسبب أنه قد نسي جزء من المعادلة نتيجة الفترة الطويلة التي قضاها دون ممارسة ما حصله في الجامعة وتنتهى المسرحية بأنه سيقرر إعادة الدراسة من جديد وحفظ المعادلات جيداً من أجل تصنيع قنبلة جديدة.

وأيضاً مسرحية التوأم والتي دارت قصتها بين أخين توأم أحدهما متطرف والآخر سوي، موضحاً، أن النقاد يصفون كتابته دائماً بأنها تتمتع بصفة الحدث التنبؤي حيث يستطيع أن يشعر بالمخاطر التي تهدد المجتمع ويتوقع حدوثها من خلال معطيات واقعية مشيرا إلى أن هذا دور المثقف الحقيقي.

ويضيف "اسماعيل"، أن الأغلبية العظمى من المثقفين قد انعزلوا عن الواقع المجتمعي وتقوقعوا داخل أفكارهم القديمة التي تتكأ على الماضي موضحاً أنهم اكتفوا بالثرثرة والصراع على مناصب داخلية ومطامع صغيرة كاحتلال منصب في اتحاد الكتاب أو في أتيليه القاهرة بالإضافة إلى إنهم يمضون أوقاتهم ينتقدون كل شئ إعلام سياسة أي شئ دون إبداء وجهة نظر موضوعية، مشيراً إلى أن المثقف الحقيقي القادر على الشعور بخطر الإرهاب والتنبؤ به قد اختفى بشكل ملحوظ هذه الأيام، فالسلبية هي الصفة الأكثر سيطرة عليه مدللاً على ذلك بأنه يرى التطرف منتشرا في كل مكان، ولكنه لا يعلم ماذا يفعل تجاهه.

ويرى أن الحل الوحيد الذي يقوم به المثقفين هو العمل على تحويل الطاقة السلبية عند الشباب إلى إيجابية، موضحاً أن الناس إذا أحبت الحياة دافعت عنها، والعكس صحيح وهو ما يدفع للتطرف؛ كما يرى أن الدور المطلوب من وزارة الثقافة في مواجهة التطرف هو وضع رؤية وفلسفة واضحة وصريحة لتحفيز الشباب على حب الحياة وتقديم مواضيع فنية تؤكد ذلك المعنى مشيراً إلى أنه عندما كان عضوا بلجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة لم يخرج من هذه التجربة سوى بالثرثرة كالحديث عن تغيير مسمى مهرجان فني معين فلم يعملوا على خلق حركة مسرحية حقيقية ومازال الفنانين إلى الوقت الحالي يقدمون مسرحيات لجان بول سارتر وأعمال تتكأ على فلسفات قديمة قد عفا عليها الزمن.

ويشير إلى مشكلة انقسام مؤسسات الدولة على نفسها واصفاً أيها بالعقبة أمام مواجهة التطرف مدللا على كلامه باختفاء عرض بث المسرحيات على القنوات الرسمية مثلما كان يحدث في السابق بسبب إنتهاء عقود وبروتوكلات وأشياء روتينية ليس لها فائدة سوى انتكاسة الفنون.

رغم النظرة المتشائمة لحال المثقفين في مصر التي طرحها "اسماعيل" إلا أن نظرته لم تخلو من ذكر عدد من المواقف الإيجابية للمثقفين، حيث أكد أن من أبرز تلك المواقف التي من الممكن لصقها بالمثقفين في الفترة الأخيرة هو توحد صفوفهم في ثورة الـ 30 من يونيو، والنزول بالفنون إلى الشارع المتمثلة في إقامة عدد من العروض المسرحية ورقصات البالية بالإضافة إلى أن هناك جزء من الشباب المثقفين الذين يدركون معنى أن حب الحياة يجب أن يكون قبل حب الوطن.