رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الذين يضرون بالأمن القومى



حياة عبدون

 لا شك أن الأمن القومى المصرى يعتمد بدرجة كبيرة على ما تقوم به كل من الشرطة والقوات المسلحة، وأن ما تقوم به هذه القوات من أعمال وجهود والتضحيات التى يقدمها أفرادها من مجندين ومتطوعين بأنواعهم، والتى يشاركهم فيها أسرهم وزملاؤهم وأصدقاؤهم، ويفترض أن باقى أجهزة الدولة تساعدهم كما هم يساعدونها، وأن هذه الجهود والتضحيات المقدرة من أفراد الشعب لا يقلل منها، ولا يجوز أن يحط من أثرها، أن يخطئ بعض هؤلاء الأفراد فى الشرطة والقوات المسلحة، ففى النهاية هؤلاء بشر يصيبون ويخطئون أحياناً كثيرة دون قصد وأحياناً بقصد، وكما يقول المثل المصرى إن «الشيطان شاطر» وهو يستطيع أن يغرى البعض ليخرجه من الجنة!.

لكن الأمر لا يخص هذه الأجهزة فقط، فالأمن القومى يتحقق حينما يتحقق الرضاء العام من أبناء الشعب وهو مطلب صعب عموماً، وهو أصعب فى الظروف الحالية، حيث هذه الظروف ناجمة عن ثلاث سنوات على الأقل من الفوضى، والتردد وتوقف عجلة العمل وبالتالى تناقص الناتج المحلى الإجمالى، واستغلال البعض الظروف لنهب موارد الدولة. وفى هذه الظروف تعتمد الدولة بدرجة كبيرة على وعى الشعب وإدراكه للعوامل التى يمكن أن تؤدى إلى مصاعب فى حياته نتيجة قلة الإمكانيات، ولكن الدولة فى نفس الوقت تعمل على التقليل من هذه الآثار لتساعد المواطن على التحمل.

فى هذه الظروف نجد أن المصريين، أو بعضهم على الأقل، يعانون من مصاعب يواجهونها نتيجة أخطاء فى بعض المرافق التى لها علاقة بالمواطنين، فنجد من يجأر بالشكوى من ارتفاع مفاجئ وغير منطقى فى فواتير المياه والكهرباء والغاز. والحديث هنا لا ينطبق على ما نعرفه من ارتفاع الأسعار نتيجة لرفع الدعم عن بعض المنتجات البترولية أو ارتفاع أسعار بعض المنتجات مثل زيت الطعام، لكن أن يفاجأ مواطن بأن فاتورة المياه مثلاً انتقلت من المئات إلى عشرات الآلاف أو مئات الآلاف، وأن يقال للمواطن إن العيب فى العداد فيذهب ليصلح العداد ليعلم أنه مطالب بمبلغ خرافى ثم يجد فى النهاية أن العداد الجديد مصاب بنفس عيوب القديم.

وإذا كان هذا فى أحد الأجهزة فقد نرى أن شيئاً ما أصاب أحد أجهزة الدولة، لكن أن نجد الأمر يتكرر فى أجهزة أخرى بحيث يصبح الشعور بأنها ظاهرة فهذا يوحى مباشرة بأن هناك شيئاً ما، وأن الغالب أن يكون هناك نوع من التعمد المقصود، وأن الهدف هو أن يشعر المواطن باليأس، ويقتنع بفساد النظام،وهو يستمع ويشاهد ما يشير إلى ذلك على قنوات التليفزيون وعلى صفحات الصحف، والأخطر من ذلك أن المواطن قد لا يجد من يستمع إلى شكواه، أو أنه إذا وجد من يستمع لا يجد نتيجة جدية لشكواه، وسيجد دائماً من يحاول أن يقنعه بأن النظام فاسد، وألا فائدة من الشكوى، وهو يمكن أن يستميله إلى الجانب الآخر دون أن يكشف عن حقيقة علاقاته إلا بعد أن يكون المواطن قد وقع فى الفخ، وأصبح هدفاً لقوات الأمن نتيجة لتورطه فى جرائم لم يدرك خطورتها، أو حتى جرائم لم يرتكبها لكن هناك من يقنعه بأنه مطلوب على خلفيتها.

إن الموظف الذى يقوم بمطالبة المواطن بأعباء غير مبررة ودون أن يوضح له أسلوب المراجعة والشكوى للتصحيح، هذا الموظف خطير على الأمن القومى بما لا يقل عن جرم من يقوم بتعطيل العمل أو يقوم بجرائم مثل نسف أبراج الكهرباء وتخريب منشآت الدولة والبناء بالمخالفة للمواصفات أو من يقوم بترويج وتقديم سلع ضارة بالصحة أو المصلحة العامة أو الذى يقوم بتهريب المخدرات، كما أن الرئيس المسئول فى مؤسسات الدولة الذى لا يشرف على أعمال مرءوسيه بحيث يخففوا من أعباء المواطنين وفقاً للقوانين والتعليمات ، هذا الرئيس المسئول خطر على الأمن القومى ويجب العمل على تصحيح مساره فوراً، وإلا فإنه يجب تنحيته، وهذه مسئولية الوزراء الذين عليهم أن يتأكدوا أن كبار موظفى الوزارة ومسئوليها يتأكدون من صحة مطالباتهم للمواطنين وأنهم ينظمون أسلوب الشكاوى والتظلمات وأن هذه الشكاوى والتظلمات يتم نظرها بمنتهى الجدية وتلقى ما تستحقه من اهتمام وأن الحق يعود لأصحابه، ويؤخذ الحق، حق الدولة والشعب، ممن ينهبونه.

هناك من يفسر الأوضاع السابقة بأن هناك من تعرض للظلم والاتهام نتيجة أحداث يناير 2011 وأن أجهزة بالكامل أحيلت إلى التحقيق، وهو أمر صحيح بدرجة ما، ولكن هذه إحدى المصاعب التى تواجهنا، والتى يجب على الوزارة أن تواجهها وتحلها بسرعة وأن تساند من يقوم بالعمل الصحيح، بينما تعاقب وتحاسب من يتسم بالسلبية وليترك مكانه لمن يستطيع أن يتحمل المسئولية.