رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إعلام تصفية الحسابات «1 - 2»


لاشك أن الأزمة التى يعيشها الإعلام المصرى حاليا تعتبر نتاجا لحالة الإنفلات الغريبة السائدة فى كثير من القنوات الفضائية التى حولها « مدعو» الإعلام إلى منابر للسب والقذف وتصفية الحسابات الشخصية وترويج الجهل رغم أن بعضهم يدعون العلم والمعرفة ولا يستطيعون صياغة أو نطق جملة مفيدة على الهواء وأتساءل هل هذه هى مصر مركز العلوم والثقافة وبؤرة الاشعاع الفكرى فى المنطقة العربية؟ هل هذه وظيفة الإعلام فى التثقيف والتنوير؟.

مشهد عبثى يومى لهذا أو ذاك من أصحاب الأصوات العالية، حيث يظل بالساعات يطنطن ويحاول جاهدا أن يصنع بطولات بالزيف والبهتان وتنتابنى الدهشة لأن الحكومة لا تحرك ساكنا رغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أكثر من مرة لفت نظر الإعلاميين لهذا الوضع المتردى وربما أحدكم يسأل وماذا تفعل الحكومة؟ إذا تدخلت لوقف هذه المهزلة خرج من يقول إن الحكومة تكمم الأفواه، وإذا صمتت قال قائل إن الحكومة راضية عما يحدث فى المشهد الإعلامى لدرجة أن هناك من يؤكد أن الحكومة تدعم صانعى الإسفاف الإعلامى وتحرص على استمراره!!

ومن وجهة نظرى استبعد تواطؤ الحكومة لكن دورها يجب أن يكون إيجابيا بمعنى الوقوف إلى جانب إعلام الدولة إعلام «الخدمة العامة» حتى يمكن إنقاذ الإعلام المصرى من أزمته وتمكينه من تقديم النموذج فى رقى الأداء ويكون المدرسة التى تعلم أخلاقيات المهنة ويواجه باحترافية كل الذين تسول لهم أنفسهم تدمير الإعلام المصرى وتحويله إلى سويقة للسباب بما يشكل وصمة عار فى جبين ليس الإعلاميين فقط بل فى جبين كل مصرى. أرى أن دور الحكومة فى سرعة إخراج نقابة الإعلاميين إلى النور لتنقية الأجواء الإعلامية من الشوائب التى تشوه صورة مصر، حقيقة لا نريد تكميما للأفواه ولا توجيها للرأى، ولكننا فى الوقت نفسه لا نريد إسفافا وتفاهة وانحدارا بالذوق العام وكفى ثلاثين عاماً من تجريف وعى المواطن المصرى!!.

ومن هنا لا أعتبره رأيا صادما إذا قلت إننى لا أجد غرابة فيما يحدث فى «عشوائيات» الإعلام، لأن عدم وجود انضباط يقود إلى انفلات، وهذه طبيعة الأشياء وبناء عليه يصبح من الضرورى إعادة إحياء القيم الإعلامية المتمثلة فى المحاسبة الذاتية وإعلاء المصلحة العامة وتحرى الدقة والموضوعية والتوازن والتنوع وتدريب شباب الإعلاميين على كيفية تطبيق المعايير المهنية على الرسالة الإعلامية وعدم الانسياق وراء إعلام الضجيج والصوت العالى وذلك وصولا إلى اتفاق المؤسسات الإعلامية سواء كانت عامة أوخاصة على ميثاق شرف يعتبر مدونة سلوك لأخلاقيات المهنة وبالتوازى معها تفعيل الرقابة الذاتية لدى القائم بعملية الاتصال..

ومن الأمور التى تسببت فى ضبابية المشهد الإعلامى عدم الاتفاق بين الإعلاميين أنفسهم على تعريف محدد لمصطلح «الإعلامى» وليس كل من التحق بوظيفة فى قناة فضائية أصبح إعلاميا بين عشية وضحاها، أو كل من جعل من الإعلام وسيلة ارتزاق متنقلا يعرض خدماته على الفضائيات يصبح إعلاميا، أو كل من يبحث عن شهرة مفتعلة دون دراسة وتدريب للعملية الإعلامية يصبح إعلاميا، إذن من هو الإعلامى؟

للحديث بقية الثلاثاء القادم بإذن الله تعالى.