رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملف ـ «رحيل هيكل»: زوجة الأستاذ «كلمة السر في رحلته إلى الشهرة».. وأم كلثوم غازلته في حفل زفافه: «كفاية عليك وصلة واحدة»

جريدة الدستور

«إن لم تستطيعِ أن تكوني نجمة في السماء فكوني ولو ضوءًا خافتًا في بيتك».. مقولة آمنت بها هدايت علوي تيمور، زوجة الراحل محمد حسنين هيكل، فكانت خير سند وداعم له في مسيرته الممتدة نحو الشهرة..لم تجر خلف الأضواء.. ولم تسعَ للاستفادة من شهرة زوجها.. وإنما اختارت الظل، واكتفت بأن تكون المرأة العظيمة التي تقف وراء رجل عظيم.

تزوج هيكل وهدايت في 27 يناير 1955، وكما شهد الأستاذ على عقد زواج الصحفي علي أمين، شهد الأخير على زواج «هيكل». كانت الشائعات قد رشحت أسماء فتيات بعينها للزواج منه، لكنه خرج بمفاجأة خيبت كل الظنون والشائعات، حيث كانت رفيقة دربه ابنة أسرة ليس لها علاقة إطلاقًا بالسياسة.

جمعت الصدفة بين «هيكل» وزوجته، حينما كان في زيارة لعائلة صديقة، فالتقى بها هناك وكانت بصحبة والدتها، ويبدو أن ثراء عائلتها، التي اشتهرت بتجارة فاكهة المانجو، صعبا من اللقاء الأول، فقد هاجمت والدتها جمال عبدالناصر؛ بسبب قانون الإصلاح الزراعي، وتحول الهجوم إلى (خناقة)، لكن فيما بعد تحولت العداوة إلي محبه ليتحقق المثل الشعبي «ما من محبة إلا بعد عداوة».

كانت هدايت مهتمة بالعمل الخيري و التطوعي، وكانت نشيطة في جمعية (الهلال الأحمر) وأكثر نشاطًا في جمعية (الوفاء والأمل) وهي جمعية كانت ترعى المكفوفين.. وقامت بزيارة إلي (أخبار اليوم) للقيام بحملة واسعة لجمع التبرعات لهذه الجمعية، واستقبلها هيكل في مكتبه، ثم قدم لها وللجمعية ما هو أكبر من كرم الضيافة، راح يدعو معها إلى حملة التبرعات بالكتابة، وبالاتصالات.. وكتب في افتتاحية مجلة (آخر ساعة) (العدد 1044 بتاريخ 27 أكتوبر 1954) مقالة بعنوان (الدنيا بخير) وتحدث في المقال عن الجمعية وجهودها في خدمة المكفوفين.

كانت المفاجأة، هي تفاعل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مع المقال، فقد كتب خطاب يبارك فيه جهود الجمعية و ويعلن تبرعه لها بمبلغ خمسة جنيهات ...وهو ما كان كفيلا بفتح باب التبرعات على مصراعيه، تبرع أمير الكويت بألف جنيه، وتبرع المليونير أحمد عبود بخمسة آلاف جنيه، و تبرع توفيق الحكيم بجنيه واحد، وقررت أم كلثوم التبرع بالغناء.

وغنت أم كلثوم في حفل جمع بين مناسبتين، زواج هيكل وهدايت، والحفل الخيري للنور والأمل.. ولأنه لا يتحمل أن يجلس متخشبا لساعات يسمع فيها تخت أم كلثوم فقد ذهب هيكل إلى غرفة أم كلثوم بعد الوصلة الأولى، وما أن رأته حتى أدركت بذكائها حالته، وقالت له ضاحكة: أنا عارفة.. خلاص.. بدون إحراج.. كفاية عليك قوي وصلة واحدة.

ومنذ اليوم الأول للزواج قال هيكل لزوجته: إنها غير مطالبة بأية واجبات اجتماعية تجاه صداقاته السياسية، وقررت هي بدورها تحديد مجالها الذي تتحرك داخله كزوجة وأم وعضو مجلس إدارة جمعية خيرية فقط، ثم تصادف بعد ذلك مشاركتها لزوجها في رحلة إلى الأندلس وهناك بهرتها الحضارة الإسلامية، وقررت أن تلتحق بكلية الآثار، و كانت قد أنهت تعليمها بالبكالوريا الفرنسية، لكن لدخول كلية الآثار، كان لابد من ثانوية عامة فبدأت من السنة الأولى، ونالت شهادة التخرج بتفوق، ما أتاح لها أن تصبح في سلك التدريس الجامعي.

وبعد فترة من العمل وبينما كانت تستعد لتحضير الدكتوراه، استقالت من الجامعة لأنها لم تعد تستطع الوفاء بواجباتها الجامعية والعائلية والاجتماعية جمعاء إلى جانب اهتماماتها الثقافية.

أما الاختبار الأصعب الذي واجهته زوجة هيكل هو فترة اعتقاله ضمن اعتقالات سبتمبر، وعن ذلك يقول «الأستاذ»، لقد كنت متوقعا الاعتقال بعدما تركت الأهرام، ومن ثم فقد قلت لزوجتي: ألا تطلب من كائن من كان طلبا يخصه أو يخصها هي وأبناؤهما وألا تحادث سوى شخصين فقط هما الدكتور محمود فوزي (رئيس الوزراء الأسبق) كصديق هذا إذا أرادت الاستعانة بنصحه وأخذ رأيه في تصرف ما إذا ما واجهتها مشكلة، والشخص الثاني ممتاز نصار المحامي.

ومن سوء الحظ أنه حين جرى اعتقال «هيكل»، كان الدكتور محمود فوزي قد رحل عن عالمنا، .ولحق به «ممتاز نصار».. لتصمد الزوجة وحدها في مواجهة الرياح حتى أصدر الرئيس الأسبق حسني مبارك قرار بالإفراج عن المعتقلين وعلي رأسهم " هيكل"!.