رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«عشق حتى الموت»: الحب في حياة الشعراء «مآسي ودموع».. «الشناوي» يعشق نجاة الصغيرة من طرف واحد 57عامًا.. و«الموت» يغيب «بلقيس» معشوقة نزار قباني.. وفتاة يهودية تلهم محمود درويش

نزار قباني ومحمود
نزار قباني ومحمود درويش وكامل الشناوي

«قد يولد الحب بكلمة، لكنه لا يمكن أبدًا أن يموت بكلمة».. عبارة آمن بها الشعراء، فذاقوا من جرائها الأمرين، تجرعوا الآلام وذرفوا الدموع حتى الموت، فاستحقوا أن يطلق عليهم "شهداء الحب".
بائعو السعادة.. صانعو الحب.. الذين صاغوا عصارة تجاربهم في كلمات رقيقة بديعة ليعلموا الناس المعاني الحقيقية لـ«الحب والشوق».. لم يحظوا بالسعادة في حياتهم ..لتأكيد المقولة الخالدة أن «الإبداع يولد من رحم المعاناة»!
كامل الشناوي ونجاة

آخر الظرفاء في تاريخ الأدب والصحافة، وأستاذ النكتة و(الشياكة والقفشة النظيفة)..الذي وهب عمره للفن والحب فمات أعزب مكتئبًا عن عمر يناهز 57 عامًا.
هو الشاعر والصحفي كامل الشناوي، الذي تغنى بقصائده أعظم المطربين «عبدالحليم حافظ، ومحمد عبدالوهاب، وفريد الأطرش، ونجاة الصغيرة».. وكانت له مع الأخيرة قصة حب فريدة حظيت باهتمام كل من عاصروه.
ساهم بشكل كبير في تلميعها، وقدم لها أجمل القصائد التي أظهرت جمال ونعومة صوتها، ولم يتلق منها سوى الصدمات، أبرزها كان في عام 1962 في عيد ميلادها عندما اشترى هدايا الحفل، وحضر برفقة أصدقائه في شقتها بالزمالك، وعند إطفاء الشموع اختارت يوسف إدريس ليقطع التورتة معها ممسكا بيدها، فانسحب الشناوي حزينا باكيا، فكتب قصيدته الشهيرة «لا تكذبي».

«إنها تحتل قلبي.. تتصرف فيه كما لو كان بيتها تكنسه وتمسحه وتعيد ترتيب الأثاث وتقابل فيه كل الناس.. شخص واحد تتهرب منه.. صاحب البيت». إنني لا أجري وراءك بل أجري وراء دموعي» جمل لخص بها الشاعر كامل الشناوي، معاناته وحبه لـ«الصغيرة».

وعن قصة حب الشناوي الأليمة قال صديقه الصحفي المصري الراحل مصطفى أمين في كتابه الشهير «شخصيات لا تنسى»: «عشت مع كامل الشناوي حبه الكبير، وهو الحب الذي أبكاه وأضناه.. وحطمه وقتله في آخر الأمر، أعطى كامل لهذه المرأة كل شيء المجد والشهرة والشعر ولم تعطه شيئا أحبها فخدعته..أخلص لها فخانته.. جعلها ملكه فجعلته أضحوكة".
وظلت جراح الحب الأليم تنزف في قلب كامل الشناوي، وأصبحت "المقابر" مكانه المفضل يتردد عليه في انتظار لحظة الخلاص.. حتى قيل إنه مات مكتئبًا، فلم يكن يعاني من أي أمراض.

الشاعر محمود درويش وريتا
وقع الشاعر الفلسطيني محمود درويش في شبابه في غرام فتاة يهودية.. وتغنى بجمالها في أكثر قصائده الرومانسية، لكن الفراق كان المصير المحتوم لتلك العلاقة التي ظل الغموض يحيط بها لأكثر من 40 عاما، حتى اعترف «درويش»، بأن بطلة قصائده شخصية حقيقية ولكن الاسم الذي أطلقه عليها "ريتا" من وحي خياله!
وكتب لها درويش، قصيدتين، من أهم قصائده، وهما "شتاء ريتا الطويل" .."وريتا والبندقية" أعلن في الأولى حبه لها وتغزل في ملامحها وطباعها وفي الثانية تناول أسباب الفراق.
وبداية علاقة " درويش مع تامار بن عامى، أو ريتا كما كان يحلو له أن يسميها، كانت بعد رقصة أدتها في مقر الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي كان درويش عضوا فيه قبل استقالته، وكان عمرها آنذاك 16 عاما، لكنهم سرعان ما افترقا بعدما استدعيت تمار للجندية بسلاح البحرية بالجيش الإسرائيلي.
جاءت حرب يونيو 1967، لتنهي قصة الحب بشكل نهائي فقال الشاعر الفلسطيني عن ذلك، دخلت الحرب بين الجسدين بالمعنى المجازي، وأيقظت حساسية بين الطرفين لم تكن واعية من قبل، تصور أن صديقتك جندية تعتقل بنات شعبك في نابلس مثلا، أو حتى في القدس. ذلك لن يثقل فقط على القلب. ولكن على الوعي أيضا".

نزار قباني وبلقيس:
نزار قباني شاعر الحب والغزل كانت له قصة حب جميلة حدثت في أواسط ستينيات القرن العشرين حين التقى بحبيبة عمره، ( بلقيس الراوي ) وهي فاتنة من العراق .
التقاها في حفل استقبال بسيط في إحدى السفارات العربية في بيروت، وكان خارجا لتوه من أزمة وفاة زوجته الأولى "زهراء" الدمشقية وولده "توفيق" الذي توفي إثر عملية جراحية للقلب في لندن ، وهو ما يزال في الثانية والعشرين من عمره ، وكانت ابنته الوحيدة "هدباء"، قد تزوجت وانتقلت لتعيش مع زوجها في إحدى دول الخليج العربي.

كان نزار وحيدا تماما وكانت بلقيس قبيلة من النساء، وهكذا رآها بشكل جعله يعود إلى كتابة الشعر مرة أخرى بعد توقف دام ثلاث سنوات.
أراد "نزار" أن يتوج قصة حبه بالزواج ولكن أهل " بلقيس" كانوا له بالمرصاد، وأشهروا ضده مجموعاته الغزلية، لكنه لم يستسلم وظل يلاحقها بإصرار شديد مدة سبع سنين، رفضت خلالها بلقيس أشخاصا عديدين لأنها تحب نزار على الرغم من أنه يكبرها كثيرا ، وكانت لم تتجاوز الــ 23 من عمرها وهو في سن الأربعين.. وكتب خلال هذه الفترة قصيدة شديدة اللهجة انتقد فيها الحكام العرب والسلاح وعرض مشكلته الشخصية!.

وبعد فترة لجأ " نزار" سياسيا إلى العراق، واستمع رئيس الجمهورية العراقية (أحمد حسن البكر) إلى القصيدة وتحرك فيه الإنسان المثقف الشاعر فقبل طلب اللجوء الغرامي الذي تقدم به نزار ، وشكل الرئيس وفدا لخطبة بلقيس لـ"نزار تكون من: الشاعر شفيق الكيالى وزير الشباب والشاعر شاذل طاقه وكيل وزير الخارجية ورعاية أحمد حسن البكر.

هذا الوفد تسميه التقاليد القبلية (الجاهة) أي وجهاء القوم، إذا طلبوا لا يرد لهم طلب وإلا أصبح الرافض خصما للقبائل، فوافق الراوي وانتصر الحب ..وتزوجا في بيروت عام 1973 وعاشا حبا حقيقيا ثماني سنوات أثمر عن ولد وبنت " عمر وزينب" حتى قتلت بلقيس عام 1981 في حادث انفجار دمر السفارة العراقية في بيروت.