رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المسكوت عنه في ذكرى اغتياله.. هل مات حسن البنا برصاص رجاله؟.. 3 أطراف متهمة بقتل مؤسس جماعة الإخوان.. وسياسيون يكشفون القاتل الأكثر قربا من تنفيذ الحادث

جريدة الدستور

من قتل البنا؟.. سؤال لم تفلح 67 سنة في إيجاد إجابة عنه، منذ رحيل مؤسس جماعة الإخوان "حسن البنا"، بعد اغتياله في 12 فبراير 1949، وهو اللغز الذي لم يجد تفسيرا حتى الآن، وإن كانت هناك بعض الأدلة الناتجة عن مغامرات تاريخية، حاول القائمون بها سبر أغوار اللغز الذي لم يزل هو الأصعب والأكثر غموضًا بين ألغاز لعبة السياسة، لكنها جميعا تقف عند مرحلة الاجتهادات، ومحاولات ربط المقدمات بالنتائج وترتيب المربعات لاكتمال الصورة.

الجماعة تنسى إحياء الذكرى
واعتاد الإخوان إحياء الذكرى الأهم عندهم، ذكرى وفاة المؤسس، في 12 فبراير من كل عام، بتجديد البيعة للمرشد الأب كما يطلقون عليه، رافعين شعار "الله غايتنا.. ورسولنا قدوتنا.. والجهاد سبيلنا.. والموت في سبيل الله اسمى أمانينا.. إحنا الإخوان الله أكبر.. أقسمنا يمينا لن نقهر.. وكتاب الله بأيدينا.. سنخوض اليابس والأخضر.. شعارنا وأعدوا.. وللجهاد استعدوا".

إلا أنه وفيما يبدو أن الصراع الذي تعانيه الجماعة الآن داخليا، بعد السقوط المدوّي لها من فوق عرش الرئاسة في مصر، وانتهائها إكلينيكيا في عالم السياسة، وفي ظل الانقسامات التي ضربت أركانها وعصفت بها، تناست الجماعة إحياء الذكرى هذا العام.

هذه بتلك.. اغتيال مقابل اغتيال
يذهب بعض الباحثين للربط بين اغتيال النقراشي باشا رئيس وزراء مصر، واغتيال البنا، خاصة وأن الواقعتين يفصل بينهما شهران تقريبا، ففي 8 ديسمبر 1948، أعلن النقراشي باشا، حل جماعة الإخوان ومصادرة أموالها، واعتقال معظم أعضائها باستثناء حسن البنا، وصادرت الحكومة سيارته الخاصة فقط، ثم في الثامنة من مساء 12 فبراير 1949، تم إطلاق النار على حسن البنا أثناء خروجه من جمعية الشبان المسلمين، وبحسب رواية الجماعة، فإن البنا تماسك عقب إطلاق الرصاص عليه، وأخذ رقم السيارة التي نفذت الهجوم، وهو "9979"، والتي عرف فيما بعد أنها السيارة الرسمية للأميرلاي محمود عبد المجيد، المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية وقتها، غير أن الحادث سجل ضد مجهول.

ومن يذهب إلى الربط بين الواقعتين، بوصف الثانية ثأرًا نتيجة انتقامية من الأولى، يقول إن "البنا" استخدم التنظيم الخاص الذي أسسه بالجماعة "ميلشيا الاغتيالات"، لقتل النقراشي، ما كان سببا – ربما – للثأر منه، بحسب بعض الرؤى التي تبناها عدد من مؤرخين محسوبين على الجماعة، وتضاربت أقوال المؤرخين من الإخوان وتناقضت وشهاداتهم التي تدل بمجموعها على أنهم اتفقوا على إخفاء معالم الواقعة والتغطية عليها.

3 جهات متهمة بالاغتيال
طرح الصحفي محمد الباز، في تحقيق له حول لغز اغتيال "البنا، عدة تساؤلات وصولا لحقيقة الحادث، "إذا كان الأستاذ سيف الإسلام يعرف جيدا من هم القتلة الذين قتلوا والده، ولديه من المستندات ما يثبت كلامه .. فلماذا لا يتحدث ويفضح من تلوثت أيديهم بدماء والده؟.

وإذا كانت الإجابة المتوقعة هي أنه يخشى من هؤلاء القتلة، فإن أصابع الاتهام تشر إلى ثلاث جهات وهى الملك فاروق ومعه رئيس الوزراء ابراهيم عبد الهادي والبوليس السياسي، والطرف الثاني هو الاستعمار البريطاني، والجهة الثالثة هي جماعة الإخوان وبالتحديد النظام الخاص (ميليشيا الاغتيالات) وقائدها عبد الرحمن السندي، بعد أن أصدر الشيخ حسن البنا قرارا بعزله وتعيين السيد فايز قائدا للنظام الخاص بدلاً منه، وتحديدا بعد أن أصدر البنا بيانه الذى قال فيه “ليسوا إخوانا .. وليسوا مسلمين” وهو ما يعنى تكفير أعضاء النظام الخاص الذين قتلوا رئيس الوزراء النقراشي والمستشار أحمد الخازندار.

هل قتل الإخوان معلمهم؟
في دراسة أعدها الدكتور "سيتي شنودة"، قرأ كل المذكرات التي كتبها أعضاء الإخوان التي تناولت حادث الاغتيال، وضع التفاصيل إلى جوار التفاصيل، قارن واستبعد وقرَّب وخرج بنتائج هائلة، بدراسة عنوانها هو "هل قتل الإخوان المسلمون الشيخ حسن البنا؟".

وفي مفاجأة من العيار الثقيل نفى نجل "حسن البنا"، أحمد سيف الإسلام حسن البنا، الأبن الوحيد للشيخ حسن البنا، تهمة اغتيال والده عن الملك فاروق، ويستبعد الرواية التي تناقلتها جماعة الإخوان عن هذا الحادث.

وإذا كان الملك فاروق ونظامه وعهده قد انتهى من سنوات عديدة، ورحل الاستعمار البريطاني 1956، فإنه لم يبق من المتهمين باغتيال البنا إلا الجماعة نفسها وقيادات النظام الخاص "ميليشيا الاغتيالات" التي تسيطر حاليا على زمام الأمور بالتنظيم.

3 إشارات قوية حول القاتل الحقيقي
طارق أبو السعد، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، قال إن كل الاحتمالات واردة في الألغاز التاريخية، وهناك 3 إشارات قوية حول مرتكب حادث اغتيال "البنا".

وأضاف أنه ربما يكون أحفاد الأمام "يحيي حميد الدين" إمام اليمن الذى اغتاله حسن البنا في 12 فبراير عام 1948، هم من انتقموا في نفس اليوم من البنا، الذي قتل جدهم عبر حركة الإخوان في اليمن واستولى على الحكم 28 يوما، حتى تكاتفت السعودية ومصر وتم إزاحة حكم الإخوان من اليمن، وتمكين الامام أحمد بن يحيي حميد من الحكم، وهناك إشارات أنه أرسل من يغتال البنا ثأرا لوالده.

وأوضح أن هناك إشارات قوية من داخل الاخوان ليس فقط سيف الاسلام الذي توفي منذ عدة أيام ونفي تهمة قتل والده عن الملك فاروق، ولكن القيادي "محمد نجيب" الذي توفي قبل عام ونصف، وهو أحد رجال التنظيم الخاص، برأ هو الآخر الملك فاروق من اغتيال البنا.

وتابع: كانت جملة نجيب "لقد قتلوه وكنت أخشى عليه أن يقتلوه"، ولكن السبب في توجيه الاتهام للملك هو محاولة إبعاد أى شبهة لتورط النظام الخاص في الحادث، رغم أن الإشارات قوية بعد تأكد نية البنا بحل النظام، وهو ما كان سيقضي على الفكرة، فانتقاما من "البنا" حتى لا يصدر مثل القرار الذي يراه أعضاء التنظيم الخاص خيانة لله ورسوله، تم اغتياله.

وأكد أنه حتى الآن لا توجد أدلة قاطعة، والتاريخ لم يحسم أن الإخوان هم من قتلوا "البنا"، أو أن النظام الملكى من اغتاله أو اليمن، مشيرا إلى أنه بعد قتل البنا النقراشي باشا وإمام اليمن، لم يكن من الحكمة بقاؤه حيا، لأنه ربما تتولد من ورائه مشاكل كثيرة.

وعن تناسي الإخوان الاحتفال بإحياء ذكرى وفاة البنا، لفت إلى أن الجماعة تستخدم التواريخ لأداء دور وظيفي، ويستخدمون كل حدث تاريخي يؤجج الصراع مع الدولة، واليوم باتت ذكرى "البنا" لا تفيدهم.

القصر الملكي وراء الاغتيال
واستبعد هشام النجار، الباحث الإسلامي، تورط الجناح الخاص بالجماعة في قتل معلمهم "حسن البنا"، مشيرا إلى أن الروايات الموثقة تاريخيا توضح أن القصر الملكى يقف وراء الاغتيال، عقب اغتيال النقراشي باشا.

وأضاف أن السلطة الملكية وقتها رأت أن يقتل رأس الجماعة مقابل رأس الدولة، وعندما خرج "البنا" من دار الشبان المسلمين تم إطلاق النار عليه، وتم تسجيل رقم السيارة التي ثبت فيما بعد أنها تابعة للنظام.

ولفت إلى أن من غير المنطقي أن تقتل الجماعة مرشدها، لأن قوة الجماعة تكمن في وجوده، كما أنه بعد وفاته باتت الجماعة في العراء وضعفت بشكل شديد خلال 3 سنوات فترة تولي "الهضيبي" المرشد العام.
وتابع أن الجماعة تناست ذكرى وفاة زعيمها، نتيجة التنازع المنهجى داخلها بجانب الصراع التنظيمي، بين من يريد العودة لمنهج البنا، وآخر يريد التمسك بمنهج سيد قطب.