رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملف.. «عمال التراحيل».. تهميش في الواقع.. و«خيبة أمل» في السينما: فيلمان ورواية جسدوا معاناة «الغلابة في سوق البشر»

جريدة الدستور

«عمال التراحيل».. فئة مهمشة تعاني من النسيان والإهمال على مر العصور، عُرفت بتواجدها في ‏الأرياف والأراضي الزراعية، إلا أنها لم تشغل بال الحكومات مع مختلف العصور، كذلك لم يهتم الفن ‏والأفلام السينمائية والروايات بتجسيدها، إلا قليلًا، حتى باتت منسية في الواقع والخيال.‏

«الدستور».. تُلقي الضوء على الأفلام والروايات القليلة التي حاولت تجسيد شريحة «عمال التراحيل» ‏ومعاناتهم.‏

‏"فيلم الحرام"
أول الأفلام التي جسدت معاناة «عمال التراحيل» في السينما المصرية، عام 1965، لكاتبه الروائي ‏الكبير يوسف إدريس، ومن إخراج‎ ‎هنري بركات، ‎وبطولة‎ ‎‏ الفنانة الراحلة فاتن حمامة، والفنان‎ ‎عبدالله غيث، ‏ومعهم الفنان‎ زكي رستم.‏

تدور أحداث الفيلم حول «عزيزة»، وهي نموذج المرأة المصرية المقهورة التي تعمل كـ«عاملة تراحيل»، ‏كل يوم في أرض جديدة، ومعها زوجها عبدالله الذي يعمل بدوره ضمن عمال التراحيل، ولديهم ولد وبنت، ‏ولكن زوجها يعد متغيب، منذ أن أصيب بالبلهارسيا، فأصبح شبحًا غائب جسديًا واجتماعيًا ونفسيًا. ‏

الفيلم يلقي الضوء على القرية التي تعيش فيها «عزيزة» التي تعج بالفقراء والمهمشين، وعمال ‏التراحيل الذي يُعاملون أسوأ معاملة من أهل أغنياء القرية وأعيانها، الذي يظلمون ويفترون على الجميع، ‏فما كان والشاب محمد ابن قمرين ليغتصب عزيزة سوى لكونها عاملة تراحيل لا تستطيع الدفاع عن نفسها.‏

‏صعيد الغضب‏
واحد من الأفلام الوثائقية التي اهتمت بتجسيد شريحة عمال التراحيل، أنتجته شركة «هوت سبوت» ‏للإنتاج السينمائي في مصر عام 2011، تأليف عزة سلطان، وموسيقى تامر كروان، مونتاج عصام ‏سعدان، تصوير زكي عارف، سيناريو وإخراج سعد هنداوي.‏

الفيلم، رصد فيه معاناة أهل الصعيد الذين يعمل أغلبهم كعمال بناء أو تراحيل في القاهرة، نظرًا لفقر قُراهم ‏لفرص العمل، ويظلون هكذا لسنوات حتى يمس الشيب رؤوسهم، كما يعرض الفيلم نسب لموازنة ‏المحافظات، مثل أن 8 محافظات تشكل منطقة الصعيد وتضم 22 مليون نسمة يمثلون 29% من سكان ‏مصر، لكن المخصصات التي ترصد لهم سواء في الموازنة، أو في الخطة أقل من هذه النسبة بكثير‎.‎

يبدأ الفيلم برصد أسباب غضب صعايدة مصر أو أهل الجنوب، الذين يعانون من التهميش والفقر، الأمر ‏الذي أدى إلى شعور هؤلاء بالنقمة، وأصبح جنوب مصر أكبر مكان طارد للسكان، ما جعلهم يقبلون ‏بالعمل في مهن هامشية غير مستدامة.‏

‏ويصطحب الفيلم مجموعة من عمال التراحيل من جنوب الصعيد، للتعرف علي ظروف عملهم الصعبة ‏في القاهرة، والعودة بهم إلي قراهم في صعيد مصر للتعرف علي أسباب هجرتهم وضيق الموارد في ‏قراهم الأصلية.‏

‏"بابنوس"
إحدى الروايات التي تناولت طبقة عمال التراحيل، للكاتبة «سميحة خريس»، وتميزت الرواية ‏التي تقع في 278 صفحة بلغة سردية شعرية، وجسدت أوضاع عمال التراحيل، كثورة مكبوتة قد تنفجر ‏في يوم، مصورة إهمال الحكومات لها على مر الأزمنة.‏

وأبرزت الكاتبة أنه وسط المعاناة والبؤس، هناك قصص حب جميلة تتفجر في منطقة مضطربة وفقيرة، ‏بين أحد عاملي التراحيل، الذي تنشأ بينهم قصة عشق على نمط "قيس وليلى"، الذي غرق في الحب، لكن ‏الحبيبة فضلت الهدايا والمال والجاه على حبه.‏