ملف.. «عمال التراحيل».. تهميش في الواقع.. و«خيبة أمل» في السينما: فيلمان ورواية جسدوا معاناة «الغلابة في سوق البشر»
«عمال التراحيل».. فئة مهمشة تعاني من النسيان والإهمال على مر العصور، عُرفت بتواجدها في الأرياف والأراضي الزراعية، إلا أنها لم تشغل بال الحكومات مع مختلف العصور، كذلك لم يهتم الفن والأفلام السينمائية والروايات بتجسيدها، إلا قليلًا، حتى باتت منسية في الواقع والخيال.
«الدستور».. تُلقي الضوء على الأفلام والروايات القليلة التي حاولت تجسيد شريحة «عمال التراحيل» ومعاناتهم.
"فيلم الحرام"
أول الأفلام التي جسدت معاناة «عمال التراحيل» في السينما المصرية، عام 1965، لكاتبه الروائي الكبير يوسف إدريس، ومن إخراج هنري بركات، وبطولة الفنانة الراحلة فاتن حمامة، والفنان عبدالله غيث، ومعهم الفنان زكي رستم.
تدور أحداث الفيلم حول «عزيزة»، وهي نموذج المرأة المصرية المقهورة التي تعمل كـ«عاملة تراحيل»، كل يوم في أرض جديدة، ومعها زوجها عبدالله الذي يعمل بدوره ضمن عمال التراحيل، ولديهم ولد وبنت، ولكن زوجها يعد متغيب، منذ أن أصيب بالبلهارسيا، فأصبح شبحًا غائب جسديًا واجتماعيًا ونفسيًا.
الفيلم يلقي الضوء على القرية التي تعيش فيها «عزيزة» التي تعج بالفقراء والمهمشين، وعمال التراحيل الذي يُعاملون أسوأ معاملة من أهل أغنياء القرية وأعيانها، الذي يظلمون ويفترون على الجميع، فما كان والشاب محمد ابن قمرين ليغتصب عزيزة سوى لكونها عاملة تراحيل لا تستطيع الدفاع عن نفسها.
صعيد الغضب
واحد من الأفلام الوثائقية التي اهتمت بتجسيد شريحة عمال التراحيل، أنتجته شركة «هوت سبوت» للإنتاج السينمائي في مصر عام 2011، تأليف عزة سلطان، وموسيقى تامر كروان، مونتاج عصام سعدان، تصوير زكي عارف، سيناريو وإخراج سعد هنداوي.
الفيلم، رصد فيه معاناة أهل الصعيد الذين يعمل أغلبهم كعمال بناء أو تراحيل في القاهرة، نظرًا لفقر قُراهم لفرص العمل، ويظلون هكذا لسنوات حتى يمس الشيب رؤوسهم، كما يعرض الفيلم نسب لموازنة المحافظات، مثل أن 8 محافظات تشكل منطقة الصعيد وتضم 22 مليون نسمة يمثلون 29% من سكان مصر، لكن المخصصات التي ترصد لهم سواء في الموازنة، أو في الخطة أقل من هذه النسبة بكثير.
يبدأ الفيلم برصد أسباب غضب صعايدة مصر أو أهل الجنوب، الذين يعانون من التهميش والفقر، الأمر الذي أدى إلى شعور هؤلاء بالنقمة، وأصبح جنوب مصر أكبر مكان طارد للسكان، ما جعلهم يقبلون بالعمل في مهن هامشية غير مستدامة.
ويصطحب الفيلم مجموعة من عمال التراحيل من جنوب الصعيد، للتعرف علي ظروف عملهم الصعبة في القاهرة، والعودة بهم إلي قراهم في صعيد مصر للتعرف علي أسباب هجرتهم وضيق الموارد في قراهم الأصلية.
"بابنوس"
إحدى الروايات التي تناولت طبقة عمال التراحيل، للكاتبة «سميحة خريس»، وتميزت الرواية التي تقع في 278 صفحة بلغة سردية شعرية، وجسدت أوضاع عمال التراحيل، كثورة مكبوتة قد تنفجر في يوم، مصورة إهمال الحكومات لها على مر الأزمنة.
وأبرزت الكاتبة أنه وسط المعاناة والبؤس، هناك قصص حب جميلة تتفجر في منطقة مضطربة وفقيرة، بين أحد عاملي التراحيل، الذي تنشأ بينهم قصة عشق على نمط "قيس وليلى"، الذي غرق في الحب، لكن الحبيبة فضلت الهدايا والمال والجاه على حبه.