رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد 146 يوما على وزارة "إسماعيل".. سياسات مبارك تحكم!

المهندس شريف اسماعيل
المهندس شريف اسماعيل

الإخفاقات تلاحق "التخطيط".. إنجازات علي الورق والمحصله "صفر".. تجميد خطة الإصلاح الإداري.. وتراجع مستوي الخدمات الاساسية.. واستثمارات فقاعية تملأ السوق.. والخبراء: الحكومة تحابي المستثمرعلي حساب المواطن.. وتسير علي نهج نظام مبارك.

146 يوم هي عمر حكومة المهندس شريف اسماعيل التي أدت اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي في 19 سبتمبر الماضي، ولم يطل التغيير الوزارى المجموعة الاقتصادية إلا في عدد محدود جدا، وهي وزارات «التعاون الدولي، والتجارة والصناعة، والاتصالات، والبترول»، فيما تم الإبقاء علي وزارات «التموين والتجارة الداخلية، والمالية، والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، والاستثمار، والكهرباء، والتضامن الاجتماعي»، رغم اخفاقات القائمين عليها في إدارة ملفات وزاراتهم.

"وزارة التخطيط .. دينامو الحكومة" تعد أحد أهم وزارات المجموعة الإقتصادية، نظرا لطبيعة دورها المتشابك مع جميع الحقائب الوزارية، إضافة الي الملفات شديدة الحساسية و الدقة المطروحة علي طاولتها من إعداد استراتيجيات التنمية المستدامة، وإعداد خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية متوسطة الأجل، وإعداد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية السنوية، ووضع خطة متكاملة للمشروعات القومية الكبرى، علاوة علي خطط الإصلاح الإداري و الهيكلي للجهاز الإداري وعدد من هيئات القطاع العام، وفض التشابكات المالية بين تلك الجهات من جهه و بنك الإستثمار القومي من جهة أخري، وغيرهم من الملفات.

شهدت الأشهر القليلة الماضية عدة إخفاقات في ملفات مختلفة تديرها الوزارة، و علي رأسها ملف الإصلاح الإداري، والذي شهد حالة من الشد و الجذب بين الوزارة و موظفي الجهاز الإداري للدولة والنقابات العمالية علي خلفية رفضهم لقانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 والذي حل محل قانون العاملين المدنيين في الدولة رقم 47 لسنة 1978، وإنتهاءً برفض مجلس النواب تمريره بتصويت غالبية الأعضاء، ما أدي إلي تجميد خطة الإصلاح الإداري لحين صياغة تشريع جديد من قبل البرلمان لينظم العمل بالجهاز الحكومي

وعلي الرغم مما حققه الإقتصاد المصري من معدل نمو مرتفع للعام المالي 2014-2015 مسجلا 4.2% بزيادة 0.2% عن المعدل المستهدف في خطة التنمية الإقتصادية و الإجتماعية مقابل 2.2% في العام السابق عليه، غير أن المواطن المصري لن يستشعر أي تحسن ملموس في مستوي الخدمات الأساسية المقدمه له.

و كشقت المؤشرات الإحصائية عن استحواذ قطاعي التشييد و قناة السويس علي الجزء الأكبر من الإستثمارات المنفذه خلال تلك الفترة مما قاد علي إثره النمو الإقتصادي للإرتفاع، حيث تصدر قطاع التشييد والبناء، قائمة القطاعات الأكثر نموا، حيث ارتفع من 26.9 مليار إلى 32.7 مليار جنيه خلال الربع الرابع من عام 2014-2015 بنسبة زيادة قدرها 21.6%، وجاءت قناة السويس في المرتبة الثانية من حيث النمو، والتي ارتفعت إيراداتها من 10.1 مليار جنيه إلى 11.1 مليار جنيه بنسبة 9.9%.

بينما تراجعت نسبة الاستثمارات المنفذة بباقي القطاعات، وفي مقدمتها؛ قطاع البترول الخام، حيث انخفضت نسبة الاستثمارات المنفذة من 20.3% إلى 1.1%، وكذلك انخفضت نسبتها بقطاع الصناعات التحويلية من 11.2% إلى 7.4%، والمياه من 3.7% إلى 1.3%.

كما انخفضت نسبة الاستثمارات المنفذة بقطاع الخدمات الأساسية، حيث تراجعت نسبتها بقطاع خدمات التعليم من 3.2% إلى 2.4%، والخدمات الصحية من 1.7% إلى 1.2%، والصرف الصحي من 4.4% إلى 2.2% والكهرباء من 4.8% إلى 3.8%، والاتصالات من 6.4% إلى 3.8% والزراعة من 4.7% إلى 4.1%.

وتعد أزمة تناقص الإحتياطي النقدي من العملة الأجنبيه، أحد الملفات التي أخفقت الحكومة في التعامل معها بعدما لجأ الي مسكنات سريعة لمنع تفاقم الأزمة حيث قام البنك المركزي مع تفاقم أزمة شح الدولار في مصر، بخفض سعر الجنيه 10 قروش ليصل سعر البيع للجمهور في البنوك إلى 7.93 جنيه للدولار في أكتوبر الماضي، الأمر الذي صاحبه موجه من غلاء الأسعار.

ثم تبعه بقرار جمهوري في 26 يناير الماضي بزيادة الجمارك على قائمة من السلع المستوردة تضم 500 صنف منها أغذية و فواكه، و أجهزة كهربائية ، وادوات مطبخ، ملابس و عطور، بنسب تتراوح من 20 إلى 40 % للحد من عمليات الإستيراد في إطار خطة توفير العملة الأجنبيه، إلا أن القرار صاحبه ارتفاع في أسعار المنتجات المحلية البديلة عن المستوردة بشكل كبير وسط توقعات بتفاقم الأزمة خلال الشهرين المقبلين.

بيانات جهاز الإحصاء كشفت بدورها عن كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع معدل التضخم السنوي خلال شهر ديسمبر الماضي ليبلغ 11.9 % مقارنة بشهر ديسمبر 2014.

أزمة عجز الموازنة هي الأخري و الذي ارتفع خلال الخمسة أشهر الأولى من العام المالى الحالى "يوليو – نوفمبر" 2015/2016، إلى 138.5 مليار جنيه تعادل نسبة 4.9% من الناتج المحلى، مقابل 107.9 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالى الماضى، ما دفع الحكومة إلي إتخاذ عددًا من القرارات الاقتصادية ولم تضع في حسبانها المواطنين البسطاء، فقد تم تطبيق الضريبة العقارية مؤخرًا، ورفع الدعم الجزئي عن الطاقة ورفع أسعار المشتقات البترولية؛ لتخفيض عجز الموازنة وتخفيض أعباء خدمة الدين السنوي، إذ خفضت الحكومة دعم المواد البترولية بنحو 30 مليار جنيه ليصل إلى 104 مليارات جنيه مقابل 134 مليار جنيه العام المالي 2014-2015.

كما أتخذت الحكومة عددًا من الإجراءات الاقتصادية خلال الأشهر الماضية، تشجيعًا لحضور المستثمرين الأجانب لمؤتمر شرم الشيخ ، منها خفض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية إرضاءً للمستثمرين الأجانب، حتى يجدوا سعرًا موحدًا للصرف يساعد على إقناعهم بالحضور لمؤتمر شرم الشيخ، إضافة إلي تقليل الدعم للوقود والكهرباء، وتقليل مصروفات الاستثمارات الحكومية بالموازنة والاستعداد لفرض ضريبة القيمة المضافة، على حساب المواطن البسيط.

الدكتور محمود عبد الحي، مدير المعهد القومي للإدارة الأسبق، أكد أن الحكومة لم يكن لديها الجرأة اللازمة للتعامل مع الأزمات الإقتصادية المتتالية لاسيما فيما يخص أزمة ارتفاع الأسعار، الذي وفقا لأساسيات السوق يضر بأصحاب الدخول الثابته لان أجورهم لن تتحرك مع تحرك الأسعار بينما يفيد في المقابل أصحاب الدخول المتغيره من الصناع و التجار، لكن الحكومة رغم ذلك قدمت العديد من التسهيلات لصالح رجال الأعمال و المستثمرين علي حساب المواطن.

وأردف: تخفيض سعر الجنيه احد الأدوات التي استخدمتها الحكومة لجذب المستثمرين علي الرغم من أثاره السلبية علي الاسعار، لكن المسئولين خرجوا علينا بتصريحات تؤكد أن تلك الخطوة لن تؤثر علي الاسعار بنوع من تزييف الحقائق و التدليس علي المواطنين، قائلا: " الحكومة بتستعبط الناس".

ولفت الي ان ملف الاصلاح الإداري متمثلا في قانون الخدمة المدنية الملغي كان احد اهم الإخفاقات الحكومية حيث لم يراعي الاستقرار الاجتماعي ، وحاولت من خلاله الحكومة تعويض الايرادات التي كان من المقرر الحثصول عليها من رجال الاعمال من الموظفين البسطاء .

وقال أن الحكومة اعتمدت علي السياسات الإقتصادية نفسها التي اتبعتها حكومات مبارك من اللجوء الي الطريق السهل لتحقيق معدل نمو مرتفع من خلال قطاع التشييد و البناء، حيث تباع الأراضي بأسعار بخثه للمستثمرين ثم يتم تشييد المشروعات السكنيه عليها ليرتفع سعرها اضعاف مضاعفة يقفز معها معدل النمو لكن المواطن العادي قي النهاية هو من يدفع الثمن، علي غرار مشروع العاصمة الإدارية العاصمة الإدارية ليس وقته وملوش لازمة مفيش رفاهية او فسح من الموارد تسمح بتنفيذه، و الذي يكلف الدولة مليارات الجنيهات ستؤدي الي زيادة دخول العاملين في المشروع الامر الذي يترتب عليه زيادة الطلب علي السلع و الخدمات مع ثبات نسبة المعروض في الأسواق فترتفع الأسعار، بينما كان من الأولي ان توجه تلك المليارات لمشروعات إنتاج الطاقة و الغذاء بما يسهم في تخفيف الضغط علي ميزان المدفوعات.

وشدد علي ضرورة التوسع في الإستثمارات الإنتاجية ، بعيدا عما اسماه بالاستثمارات الفقاعية ، من خلال التركيز علي مجالات انتاج السلع الاساسية و الطاقة الجديدة و المتجددة،

وأكد أن إلقاء لمسئولية ضعف الاداء الحكومي علي شخص بعينة ظلم، لاسيما بالنسبة لوزارة التخطيط التي يتوقف عملها علي طبيعة البيانات التي ترسلها اليها الوزارات الأخري، مضيفا أن نجاح اي مسئول سواء في التخطيط او المالية لا يقف عليه وحده انما يتوقف الامر علي استجابة الجهات المتعاونة معه مسأله مهمه ومن يقدمون له المشوره وهنا تقع المسئولية علي المسئول نفسه لتوسيع دائرة بحثه عن الحلول.

وأشار الي ان الحل لن يكون من خلال تغيير اسماء او وجوه وانما يتطلب إعادة نظر في الحلول المطروحة لمواجهة المشكلات الراهنة، بحيث تكون حلول متكاملة و البحث عن حلول خارج الصندوق ، فنحن نحتاج إلي افكار غير تقليدية، فمثلا بدل من مواجهة أزمة البطالة بتمويل مشروعات صغيرة بقيمة 200 مليون جنيه، من الممكن أن تخصص 10 أفدنه بحق الإنتفاع للشباب في الصحراء لإستصلاحها وخلال سنتين اذا ما اثبت الشاب جديه يتم تمليكه الأرض، وبذلك نكون قد حققنا المعادلة الصعبة بين التنمية و توفير فرص عمل دون أن تتحمل الدولة أية أعباء مالية إضافية.

وأكد أن البلد تمر بظروف غير طبيعية وينبغي علي الحكومة ان تجتهد في إعداد برنامج عمل افضل ما يمكن واقعي ويكون لديها من المنطق و القدرة و الصلابة في التعامل مع الأزمات المعقده مثل العجز في الموازنة و الاحتياطي النقدي و الغلاء بالتنسيق بين بعضهم البعض، وفي المقابل علي البرلمان ألا ينتظر ان يكون البرنامج الحكومي مثالي.

كما انتقد الخبير الإقتصادي الدكتور ماهر هاشم، أداء المجموعة الوزارية الاقتصادية المتراجع علي صعيد ارتفاع العجز في الميزان التجاري الي 22%، وانخفاض الإحتياطي النقدي الأجنبي إلى 16.3 مليار دولار نهاية سبتمبر، مقابل 18.1 مليار دولار نهاية أغسطس، وإعلان رئيس الوزراء عن عزم الحكومة الإقتراض من الخارج يعد بمثابة شهادة فشل الحكومة في إدارة الملف الإقتصادي.

وقال أن المجموعة الإقتصادية ككل و وزارة التخطيط علي وجه التحديد فشلت في خلق فرص استثمارية جديدة، هو ما اتضح من نتائج مؤتمر شرم الشيخ بعد مرور ما يقرب من عام علي إنعقاده، وكذلك عدم احرازها اي تقدم ملموس في هيكلة الشركات القابضة الخاسرة والاحافاظ بمجالس إدراتها، مشددا على ضرورة محاسبة رؤساء ومجالس إدارات الشركات الخاسرة بشفافية، والعمل على إعادة هيكلة الشركات الوطنية الإقتصادية وإدخال عقول جديدة لإدارة تلك الشركات علي نح مبتكر بما يخدم في النهاية زيادة فاتورة الصادرات المصرية مقابل خفض الواردات.