رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مذبحة بورسعيد.. أكبر جريمة قتل في تاريخ الكرة والقاتل "مجهول".. من "لافتة الموت" وصفقات التوتر إلى أحكام الإعدام.. المصالحة مرفوضة والقاهرة "محرّمة" على أبناء بورسعيد

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أربع سنوات مضت، على مذبحة بورسعيد، أكبر كارثة في تاريخ الكرة المصرية، والتي راح ضحيتها 72 شهيدًا، خرجوا وراء فريقهم لمؤازرته فعادوا جثثا، في واقعة زلزلت الدولة، ومايزال الأسى والحزن يخيم على أهالي الضحايا، ومشجعي النادي الأهلي، كما لم يزل القاتل مجهولا بالرغم من أحكام الإعدام التي صدرت بحق عدد من المتهمين.

وقضت محكمة جنايات بورسعيد والتي عقدت بأكاديمية الشرطة، بإعدام 11 متهما بعد إدانتهم بتهم القتل والتحريض عليه في القضية المعروفة إعلاميا بـ"مذبحة بورسعيد" كما أصدرت المحكمة ذاتها حكما على 11 من المتهمين بالسجن المشدد لمدة 15 عاما، وعلى آخرين بأحكام تراوحت ما بين السجن لمدة عشر سنوات والحبس لعام واحد.

وقضت المحكمة ببراءة 21 من بين المتهمين البالغ عددهم الإجمالي 73 متهما من التهم التي أسندت إليهم، وعلى الرغم من تلك الأحكام القاسية إلا أنها على ما يبدو لم ترض الطرفان فأهالي بورسعيد يرونها ظالمة، لعدم تورط ذويهم في المذبحة، فيما يرى ألتراس أهلاوي أنه لن يشفي صدورهم سوى القصاص العادل بتنفيذ الإعدام في كل من تورط في إراقة دم شهداء الأهلي.

لافتة الموت والقاتل المجهول
وبحسب شهود عيان، فإن لافتة "بلد البالة مجبتش رجالة"، التي رفعها مشجعو الأهلي في المدرجات، كانت بمثابة "شرارة الفتنة"، أو "لافتة الموت"، التي اعتبرها جمهور بورسعيد إهانة لمدينتهم، كما أشارت مصادر عديدة إلى غياب كلّ الإجراءات أمنية والتفتيش أثناء دخول المباراة، فضلا عن قيام قوات الأمن بقفل البوابات في اتجاه جماهير الأهلي، وفيما اختلف الفريقان وجماهيرهما في كل شيء إلا أن أنهما اتفقا على إدانة طرف واحد، فجمهور الأهلي، اتهم وزارة الداخلية والشرطة بتدبير الكارثة انتقاما منهم لمساهمتهم في إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك، مشيرين في ذلك إلى تهاون ضباط الشرطة في توفير الحماية لهم أثناء وقوع المجزرة، حيث اكتفوا بموقف المتفرج، ولم يفعلوا شيئا لإيقاف العنف، كما يتهم جمهور المصري البورسعيدي الشرطة وأنصار مبارك بتدبير الحاداث والمسئولية الكاملة عن الأحداث.

وفي يناير 2013 أدانت المحكمة 21 من جماهير المصري بالضلوع في أعمال العنف وحكمت عليهم بالإعدام، وتأجل الحكم على 52 شخصا آخرين بعدما قدم المدعي العام أدلة جديدة كان ينبغي فحصها، وابتهج جمهور الأهلي فور صدور الأحكام بالإعدام، لكنهم احتجوا على عدم إدانة أي من أفراد الشرطة.

وثار سكان بورسعيد على إدانة جماهير مدينتهم في القضية، ووصفوا الأحكام بأنها غير عادلة ومسيسة، وقتل أكثر من 30 شخصا في مواجهات وأعمال شغب تخللت مظاهرات بالمدينة، وبعد شهرين أيدت محكمة الاستئناف أحكام الإعدام على 21 متهما، وحكمت بالمؤبد على 5 آخرين، وأصدرت عقوبات أقل على البقية، من بينهم ضابطا شرطة حكم عليهما بالسجن 15 عاما لإدانتهما بالإهمال، وبرأت المحكمة 28 متهما من بينهم 7 ضباط شرطة ومسؤولين في النادي المصري.

الصفقات أشعلت التوتر قبل وبعد المذبحة
الأمور بين الناديين دائما لم تكن على ما يرام من قبل المذبحة، ومن بعدها، لكن أكثر الناس تشاؤمًا لم يكن يتوقع أن تنتهي الخلافات وصراع الصفقات بالدم، وعلى الرغم من المشاكل والعوائق التى كانت تواجه الأهلى عبر التفاوض مع لاعبى المصرى علناً أو فى الخفاء، وما تركه ذلك من أثر سيئ في نفوس عشاق البورسعيدي، إلا أنها ليست سببا فيما حدث، لكنها ربما مهدت لشحن النفوس.

البداية كانت فى تفاوض الأهلى مع نجم المصرى آنذاك "أكوتى منساه" والذى رفضت الجماهير بشكل قاطع رحيله للأهلى فى ذلك الوقت بل وهددت الجماهير بالعزوف عن المباريات على ملعب بورسعيد، لكنه انتقل فى النهاية للأهلى مقابل 11 مليون جنيه فى صفقة ضخمة فى الكرة المصرية فى ذلك الوقت.

المرة الثانية كانت بعد رحيل أحمد شديد قناوى من الأهلى ووقتها اختار اللاعب اللعب للمصرى البورسعيدى وتألق بشدة مما جعل مسئولو الأهلى يفاتحونه للعودة مرة أخرى للفريق وهو فى أوج تألقه.

جماهير المصرى كانت تعلم بمخطط الأهلى من البداية بعد تسريبه لوسائل الإعلام عن المفاوضات بين شديد والأهلى ومن هنا أعرب عدد كبير من جماهير النادي المصرى البورسعيدي، عن رفضهم عودة الظهير الأيسر السابق للفريق أحمد شديد قناوي، مرة أخرى للنادي، بعد رحيله إلى الأهلي ورفضه عرض كامل أبو على رئيس المصري في ذلك الوقت للبقاء.

أما المرة الثالثة كانت بعد "مجزرة بوسعيد" حينما أعلن كريم حسن شحاتة عن دخول الأهلى فى مفاوضات جادة مع عبد الله سيسيه مهاجم المصرى وهو اللاعب الذى تألق بشدة خلال هذا الموسم وتلقى اهتماما بالغا من نادى الزمالك خاصة بعد توقف الدورى.

وتابع شحاتة الخبر قائلا إنه علم من مصدر مقرب من اللاعب الذى يتواجد حاليا مع عائلته بعد أنه تم إيقاف نشاط النادى المصرى لموسمين وأكد شحاتة أن أحد أشخاص الجهاز الفنى بالأهلى أجرى اتصالا باللاعب فى فرنسا وطلب منه رفض كافة العروض تمهيدا لضمه إلى الأهلى.

ووقتها لم تقدر الجماهير على فعل أى شىء خاصة فى ظل تجميد النشاط الذى يسمح للاعبين بشكل رسمى الانتقال إلى أى نادٍ آخر.

فى وقت ما اعترف أحمد الشناوي حارس مرمى منتخب مصر الأول وفريق المصري البورسعيدي عن وجود مفاوضات مع بعض مسئولي النادي الأهلي للانتقال إلى صفوفه.

وفى أحد البرامج الرياضية قال شخص ينتمى للنادى المصرى: "على جثتنا لو الشناوى راح الأهلى" فى إشارة واضحة إلى توتر كبير تشهده مفاوضات الأهلى مع لاعبى المصرى ومثلهم جماهير الإسماعيلى.

المصالحة مرفوضة.. والقاهرة "محرّمة" على المصري

على الرغم من مرور 4 سنوات على المذبحة، التي وقعت في الأول من فبراير 2012 وما قد يعتقده البعض بأن الأمور هدأت، إلا أن جماهير الأهلي لم تزل تقطع الطريق على أي محاولة للصلح، وصم آذانها عن كل حديث بشأن ذلك، أو مساعي إعادة المياه إلى مجاريها بين الطرفين كما كان الحال قبل المذبحة.

ووصل الأمر لرفض ألتراس أهلاوي عمل أي مدرب ينتمي للقلعة الحمراء في بورسعيد كما حدث من قبل مع مختار مختار وأنور سلامة وقيامهم برفع لافتات ضدهم خلال حضورهم أحد تدريبات الفريق وشنوا هجوماً شرساً عليهم.

وعلى الرغم من خروج بعض الدعوات خلال الفترة الماضية بزيارة مجلس إدارة المصري للنادي الأهلي والعكس للمصالحة بين الطرفين لكن كل المحاولات باءت بالفشل ولم تنجح مساعي الصلح بين الطرفين لكن في الوقت ذاته تحسنت الأجواء بعض الشيء، وبعد أول مباراة بين الناديين في الموسم الماضي على ستاد الجونة وتجاهل لاعبي الأهلي مصافحة لاعبي المصري تغير الوضع في لقاء الدوري الثاني على ستاد شرم الشيخ وتصافح لاعبو الفريقين بشكل طبيعي.

وعلى الجانب الآخر لازال فريق المصري يخوض مبارياته حتى الآن على ستاد الإسماعيلية بعد قرار غلق ستاد بورسعيد في السنوات الماضية، ورغم إقامة مباريات الأهلي والمصري بشكل طبيعي لكن عودة الفريق البورسعيدي إلى ملعبه تحتاج إلى فترة أطول، من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن قدوم الفريق البورسعيدي إلى القاهرة لخوض أي مباراة له أصبح أمرًا في غاية الصعوبة لخوف الجهات الأمنية من حدوث أي مشادات أو الاعتداء على لاعبي الفريق كما حدث مع فريق الناشئين البورسعيدي وفريق الرباط والأنوار لكرة اليد في ظل حالة التعصب الموجودة وهو ما دفع اتحاد الكرة لاتخاذ قرار بإقامة كل مباريات الفريق البورسعيدي ببطولة الدوري على ستاد الإسماعيلية.