"مذبحة الدم والعشق".. مجزرة بورسعيد في ذكراها الرابعة: هدف المصري "الشرارة الأولى للفاجعة".. و74 ضحية "لا زال حقهم ينتظر عدالة السماء"
منذ الدقيقة الأولى.. كانت رائحة الدم تفوح في أرجاء المكان، شبح الموت يخيم على سمائه، والقلوب تنتظر الرحيل في حضرة "عشق روح الفريق"، وها هم عشاق الفريق يصعدون المدرجات التي استقبلهم شبح الموت عليها، قاذفًا بهم إلى قبورهم، فبعد ساعات كانت الأرض تتلقى جثث شباب في عمر الزهور، صراخها يصم الآذان، وتوسلاتها تشق القلوب في يوم فرّ المرء من أخيه، ملقيًا نفس المصير.
ذكرى الموت الرابعة بلونها الأحمر القاتم تحل اليوم، حاملة معها حكايات شهداء مذبحة بورسعيد 1 فبراير 2012، التي وقعت في قلب إستاد بورسعيد أثناء مباراة فريقي المصري البورسعيدي والأهلي، التي راح فداء عشق الأخير 74 مشجعا من أولتراس الأهلي، لتظل ذكراهم محفورة في القلوب على مدى الأربع سنوات.
كانت مذبحة بورسعيد، بمثابة الفاجعة الأكبر التي شهدتها الكرة المصرية في تاريخها، حيث بدأت الكارثة بنزول الجماهير أرضية الملعب أثناء قيام لاعبي الأهلي بعمليات الإحماء قبل اللقاء، الأمر الذي آثار القلق لدى مشاهدي ومتابعي المباراة.
عقب انتهاء الشوط الأول، اقتحم عشرات المشجعين أرضية الملعب، وعاد الوضع إلى الاستقرار من جديد، لكن مع صافرة الحكم لانطلاق الشوط الثاني، وللمرة الثالثة، كانت الكارثة والتي راح ضحيتها 72 مشجعًا من أبناء القلعة الحمراء.
جاءت الفاجعة عندما أحرز المصري هدف التعادل ثم هدفي الفوز التاليين، حيث اقتحم الآلاف الملعب بعضهم يحمل أسلحة بيضاء وعصي، بعد إعلان الحكم وانتهاء المباراة، وقاموا بالاعتداء على جماهير الأهلي، مما أسفر عن تلك الواقعة.
الفاجعة أدت إلى استشهاد 74 مشجع للنادي الأهلي، ورغم ذلك خرجت جماهير البورسعيدي المصري تبرر الأمر بأن جماهير النادي الأهلي رفعوا لافتة مكتوب عليها: "بلد البالة مجبتش رجالة"، ليكون الدم والقتل هو جزاء لعشق الفريق وروح التشجيع.
كالعادة كانت الإجراءات الأمنية الخاصة بالمباراة غائبة تمامًا عن المشهد، فلم يتم تفتيش الجماهير قبل دخول الملعب لحضور المباراة، فضلًا عن قيام قوات الأمن بغلق البوابات في اتجاه جماهير الأهلي، وعدم ترك سوى باب صغير للغاية لخروجهم، مما أدى إلى تدافع الجماهير وتكدسهم ووفاة عدد كبير منهم، وفقًا لما أعلنته روابط "الأولتراس" –آنذاك.
وعقب الحادث تشكلت لجنة لتقصي الحقائق، للبحث في غموض عملية التأمين، وظلت القضية تدور في ساحات المحاكم منذ عام 2012 دون جدوى، حيث صدر حكمًا فيها يوم 26 يناير 2013، بإحالة 21 من المتهمين إلى فضيلة المفتي لاتخاذ الرأي، وتأجيل النطق بالحكم إلى جلسة 9 مارس، بقرار من محكمة جنايات بورسعيد.
وفي يوم 9 مارس صدق الحكم بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقًا، ومعاقبة 5 متهمين آخرين بالسجن المؤبد لمدة 25 عامًا، ومعاقبة 6 متهمين آخرين بالسجن المشدد لمدة 15 عامًا، ومعاقبة 6 متهمين بالسجن لمدة 10 سنوات.
وفي 7 مايو، قرر المستشار طلعت عبدالله النائب العام، الطعن أمام محكمة النقض على الحكم الصادر من محكمة جنايات بورسعيد، وقبلته المحكمة في 6 فبراير.
وفي 19 أبريل 2015، صدر حكم بإحالة أوراق11متهمًا إلى فضيلة مفتي الجمهورية، لإبداء الرأي الشرعي بشأن إعدامهم، ولكن تم مد أجل الحكم مع استمرار حظر النشر في القضية، ولازالت القضية منظورة في المحاكم بين المد والتأجيل.
وخيم الحزن على موقع "تويتر"، منذ الصباح، حيث تفاعل النشطاء مع الذكرى الرابعة للمذبحة بهاشتاج "افتكروهم، ومجزرة بورسعيد" الذي احتل الصدارة منذ تدشينه بقائمة الأكثر تداولًا بالترند المصري، ومن خلال التغريدات الحزينة ونشر صور الضحايا وحكاياتهم.
ولا زالت تبعات هذه المجزرة تلقي بظلالها على الرياضة المصرية، من حيث توتر العلاقات بين الفريقين الأهلي والمصري البورسعيدي، ومن حيث انتظار الأحكام النهائية لتلك القضية التي هزت عرش الكرة المصرية.