رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل هذا حتماً سيمر «2»


تساءلت فى نهاية مقالى يوم الخميس الماضى «كل هذا حتماً سيمر» ماذا يحدث لو انتشرت هذه الحكمة التى كتبها الملك خلف عرشه حتى يتذكر دائماً أن دوام الحال من المحال. وبأن الدنيا لا تبقى على حال، وأنه من ظن بأنه فى مأمن من القدر فقد خاب وخسر. وإذا أتت أيام السعادة فلا ينتشى سعيداً بانتصاره ولا يتطرف فى سعادته ظناً منه بأنه ملك الدنيا وما بعدها لأنها أيام حتماً ستمر. وإذا أتت أيام الحزن التى تدمى الفؤاد فلا يملأ الدنيا صراخاً وعويلاً حال العثرة ولا يظن أن كبوته قاصمة لظهره وبأنها نهاية المطاف لأن الحزن أيضاً سيمر..!!! إن كل أحوالنا، حسنها وسيئها، سرورها وحزنها، حتماً سيمر. فالحال لا يدوم على وتيرة واحدة.. ولا الحياة تدوم على حال واحد «وتلك الأيام نداولها بين الناس» فأصدقاء الأمس أعداء اليوم، وأحياء اليوم أمواتالغد، وأعداء الأمس أصدقاء اليوم.. ماذا يحدث لو كتبت هذه الحكمة «كل هذا حتماً سيمر» فى كل مؤسسات الدولة وفى كل مكاتب وزراء الحكومة؟.

ماذا يحدث لو كل مدير تقلد منصباً آمن بأنه لن يدوم الحال له فى هذا المنصب وأنه سيتركه فى يوم ما وأنه يجب عليه تقوى الله وتحقيق العدالة والبعد عن الشبهات أو عن غض الطرف عن الفساد أو مجاراته للبقاء فى السلطة؟. ماذا سيحدث لو علم كل مسئول أن التزام الصمت حين وجب الكلام، والسلبية حين وجب التصرف والإيجابية للاستمرار فى السلطة لن يجدى؟. ماذا يحدث لو كتبت هذه الحكمة خلف كل موظف مرتشٍ؟. ماذا يحدث لو كتبت هذه الحكمة فى عيادات الأطباء وفى المستشفيات الخاصة والحكومية حتى يتقى الأطباء الله فى مرضاهم؟. ماذا يحدث لو كتبت فى كل فصل فى كل مدرسة أو فى كل محاضرة فى كل جامعة ليتقى الأساتذة والمدرسون الله فى عملهم؟.

ماذا يحدث لو كتبها كل القوى السياسية فلا يبحثوا على مكاسبهم الشخصية على حساب الوطن؟. ماذا يحدث لو طبقنا طريقة الصين فى محاربة الفساد فهم يجبرون المسئولين وزوجاتهن بزيارة السجون للتلويح بمصيرهم فى المستقبل الذى ينتظرأى متورط فى الفساد. ففى خلال الزيارة يلتقى المسئولون الحاليون بالمسئولين المسجونين ليحكوا قصتهم «من الكرسى إلى السجن». ماذا يحدث لو زار وزراء الحكومة فى مصر المسئولين الوزراء السابقين فى السجون..؟. ماذا يحدث لو زار المحافظون الحاليون، مديرى البنوك، مديرى المصالح والمؤسسات الحكومية، جميع موظفى لصوص المال العام من المحليات المساجين المسئولين السابقين؟.

ماذا يحدث لو رأى كل مسئول مصيره إذا اقترب من الحرام وأن أبواب السجون مفتوحة على مصراعيها لكل فاسد؟. هل سيتعظون؟ هل سيصاب كل جالس على كرسى بالهلع والخوف من السجن؟. هل سيتم القضاء على الفساد الذى نتنفسه يومياً مع التراب الذى يملأ جو مصر الآن؟. والآن عزيزى... إذا وجدت من يتقى الله فى وطنه، ويضع نصب عينيه أن المناصب والثروة لا تدوم وأنه «كل هذا حتماً سيمر».. أخبرنى باسمه. موعدنا الخميس المقبل إن شاء الله.