رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حجم الفساد فى مصر


إن حجم الفساد المالى والإدارى فى مصر بلغ 250 مليار جنيه سنوياً. لأن هناك بعض المؤسسات تعرقل عمل خبراء الجهاز الإدارى بالدولة بما يحول دون كشف بعض وقائع الفساد سواء فى هذا الجهاز أو فى المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى...

... لأن الصناديق الخاصة فى مصر هى أحد أبواب الفساد الواسعة. إن الفساد هو سوء استعمال السلطة العامة للحصول على مكاسب شخصية الأمر الذى يضر بالمصلحة العامة. ما يؤدى إلى ظهور أنواع فساد آخرى مثل الفساد الأخلاقى والثقافى والتعليمى والفساد الاقتصادى وهو شكل من أشكال الخلل الموجود فى المجتمع شكل الفسادُ أحدَ المحفزات الرئيسية لحالة الحراك وحركات الاحتجاج السياسى فى مصر والتى أدت إلى قيام ثورة 25 يناير 2011، لا سيما وأن الفساد فى عهد مبارك طال جوانب عدة مع تداخل الحدود بين عالمى السياسة والاقتصاد فى ظل دور رجال الأعمال فى إدارة شئون البلاد فى تلك الفترة، وانتشار الرشاوى والوساطات على نطاق واسع، وظهور العديد من قضايا الفساد فى الدولة، مثل: غرق العبّارة «السلام»، ومشروعات الخصخصة التى أهدرت المال العام، وكذلك الفساد المتعلق بالجوانب المالية، خاصة قانون الضرائب، حتى إن البعض يعتبر تلك الثورة بالأساس ثورة على الفساد.

إن أسباب الفساد كثيرة ومن أهم هذه الأسباب ضعف الشفافية. وعدم وجود المساءلة الحقيقية للمسئولين المنحرفين والانخفاض النسبى للأجور وهنا يظهر ضعف النفس خاصة مع عدم وجود قوانين رادعة للفساد وتهميش دور المعارضة والمشاركة السياسية للشعب والتحالف بين السلطة والثروة أى بين الحكومة ورجال الأعمال المرتبطين بالحزب الحاكم. إن مكافحة الفساد فى مصر تتطلب وجود قوانين لمحاسبة المخالفين لقرارات الدولة وبرلمان قوى يحاسب المفسدين فى مصر و الأحزاب المدنية التى يجب أن تقوم بملء الفراغ السياسى وتبعث الحيوية فى الجسد السياسى. إن «‏الفساد أقوى مؤسسة فى مصر، نشأ وترعرع على مدى سنوات طويلة، يدافع عن مصالح ضخمة تقدر بـ250 مليار جنيه سنويًّا، ولكن يجب أن نفهم ببساطة أن مصر لن تقوم لها قائمة دون القضاء على الفساد».من اللافت أن هناك العديد من المؤشرات على استمرار ارتفاع معدلات الفساد فى مصر بعد الثورة، ومن أهم هذه المؤشرات ترتيب مصر فى تقارير المؤسسات المعنية بمتابعة قضية الفساد على مستوى العالم، مثل تقرير منظمة الشفافية الدولية الذى يحدد ترتيب الدول فى سلّم الفساد داخل القطاع العام، معتمدًا على آراء خبراء ومتخصّصين من رجال أعمال وسياسيّين واقتصاديّين. وتلفت متابعة موقع مصر فى هذا التقرير خلال السنوات الماضية إلى أنها حصدت المركز 98 من بين 178 دولة شملها تقريرُ المنظّمة عام 2010 بعدد نقاط 31 من المجموع الكلّى وهو 100 نقطة، فى حين تراجع مركزها ليصل إلى 112 بعدد نقاط 29 عاماً 2011، ليرتفع عدد النقاط، ثمّ يصل فى عامى 2012 و2013 إلى 32 نقطة، وقد وصل أخيرًا إلى 37 نقطة عام 2014، ورغم تحسن الأداء يبقى الأمر الثابت أنّ ما تحصده مصر من نقاط هو أقلّ من الـ50، أى أنّ معدلات الفساد عالية. أنه بعد كشف كمِّ الفساد الهائل فى وزارة الزراعة لم يعد مقبولاً للأجهزة الرقابية أن تقف صامتة، إن السكوت يعد تواطؤًا صريحًا مع الفساد. بعد نشر هذا الغسيل القذر علنًا لم يعد هناك عذر للأجهزة الرقابية والقضائية ولم يعد مقبولاً الطرمخة عليها وأصبح مجرد القبول بتستيف الورق جريمة أخرى».بل إنه غالبًا ما سنتأكد أن أسلوب عمل البيروقراطية المصرية عمومًا لا يختلف كثيرًا عن بحر الفساد الذى تعوم فوقه وزارة الزراعة».الفرصة مواتية لمن يريد حقًّا وصدقًا أن يكافح الفساد، والسكوت سيكون تواطؤًا صريحًا، وفرصة للنظام أن يستمر فى كل الوزارات لمواجهة إرث الفساد الرهيب».