رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد قرار "المركزي" رفع سعر الفائدة علي الإيداع و الاقتراض.. خبراء : تقليل السيولة النقدية و الحد من التضخم أبرز المزايا .. و مخاوف من ارتفاع فوائد الدين الحكومي

جريدة الدستور

في خطوة وصفها المختصين بالشأن الاقتصادي بـ"الجيدة"، أصدرت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في اجتماعها مساء أمس الخميس، برئاسة طارق عامر محافظ البنك المركزي، قرارًا برفع أسعار الفائدة على الإيداع والقروض والعملية الرئيسية للبنك المركزي بنحو 0.5%، بعد ثباتها لفترات طويلة.

حيث تم رفع سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة بالبنك المركزي إلى 9.25 %، وسعر الإقراض إلى 10.25 %، ورفع العملية الأساسية للمركزي وسعر الائتمان والخصم إلى 9.75 % لكل منهما.


الخبراء أكدوا أن القرار يأتي في إطار السياسات النقدية المتشددة، التي يتبعها البنك المركزي من أجل الحد من استهلاك الأرصدة الدولارية، والسيطرة علي ارتفاع أسعار الدولار من أجل تعزيز قيمة الاحتياطي النقدي لدي البنك المركزي، ولكنهم رأوا أنها ليست كافية من وجهه نظرهم.

وقد أكد الدكتور فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الدولي سابقًا، أن قرار المركزي برفع سعر الفائدة علي كلا من عمليات الإيداع و الاقتراض بمثابة أشارة من البنك انه سوف يتبع سياسات نقدية متشددة تجاه الاقتراض للحد من استهلاك الأرصدة الدولارية، حيث سيعطي فرصة بموجب هذا القرار للبنوك التجارية العاملة في مصر لرفع أسعار الفائدة علي المنتجات المصرفية الأمر الذي من شأنه أن يحد عملية الدولاره.

وأضاف الفقي، أن القرار ضرب عصفورين بحجر من خلال العمل علي تقليل السيولة في شرايين الاقتصاد المصري لكي لا تضغط علي الأسعار وتجعل الجنيه أكثر جاذبية ، وتقليل شهية المودعين علي تحويل ودائعهم من العملة المحلية إلي الدولار، وبالتالي يكبح جماح ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه.

أما بالنسبة لتأثير القرار علي الدين العام، فأشار إلي القرار ستترتب عليه نتائج سلبية علي الدين الداخلي، موضحا أن القرار لن ينسحب علي إجمالي الدين الداخلي للحكومة والذي يقدر بـ 2 تريليون جنيه ، وإنما يسري فقط علي التعاقدات الجديدة التي ستبرمها الحكومة مع البنك المركزي من شراء أذونات خزانة لسد عجز الموازنة خلال الستة أشهر المقبلة والتي تبلغ ما يقرب من 125 مليار جنيه، مما سيؤدي إلي رفع فوائد الدين الداخلي خلال الأشهر القادمة إلي ما يتراوح بين نصف إلي ثلاثة أرباع مليار جنيه.

وقال الخبير الاقتصادي أن رفع سعر الفائدة لم يتجاوز الحدود المقبولة، خاصة وأن البنك وقع تحت ضغوط برفع سعر الدولار عالميا، بناءا علي قرار المجلس الاحتياطي الأمريكي الأسبوع قبل الماضي، مضيفا أن قرار المركزي الأخير بمثابة إشارة قوية للمتعاملين في السوق المصرفي أنه يتبع سياسة مقيده للسيولة و محبطة لعملية الدولره.

ولفت إلي أنه رغم الآثار السلبية التي ستترتب علي القرار إلا انها يقابلها العديد من المزايا منها تقليل معدل التضخم لان السيولة النقدية تضغط علي المعروض من السلع و الخدمات ، علاوة وقف عملية الدولره، مستبعدًا أن يؤثر ذلك علي الاستثمار لأنه ثبت بالتجربة أن رجال الأعمال لا يهمهم سعر الفائدة وإنما مناخ الاستثمار و ما يتخلله من الفساد المالي و الإداري، قائلا: " لا اعتقد أن تكون مقيدة ومعرقلة للاستثمار".

ورأي أن توقيت القرار جاء لتقليل الضغوط علي سعر الدولار في السوق السوداء إلي أن تأتي الدولارات من البنك الدولي بواقع 3 مليار دولار و 1.5 مليار دولار من البنك الإفريقي للتنمية و ومليارات السعودية ، و1.5 مليار من الصندوق الكويتي، بإجمالي 10 مليارات دولار خلال السنوات القادمة ستصب في الموازنة العامة، إلي أن تتعافي السياحة خلال الأشهر المقبلة وكذلك تحسن إيرادات قناة السويس، علاوة علي الاستثمار لأجنبي المباشر.

وأضاف كل تلك الأموال من شأنها تدعيم الاحتياطي النقدي ، مع العمل أيضًا علي ترشيد الواردات من خلال وضع الغطاء النقدي بنسبة 100% لمن يرغب في الاستيراد، إضافة إلى أن تكون قرارات التحويلات المالية في عمليات التبادل التجاري في عمليات الاستيراد والتصدير من خلال البنوك وليس الأشخاص وذلك كضامنة لسحب السيولة من أيدي الناس.

بينما رأي الدكتور مصطفي النشرتي، أستاذ الاستثمار و التمويل بجامعة مصر الدولية، أن العلاج الجزئي للمشاكل الاقتصادية لم يؤتي ثماره، و لا يجوز استخدام سلاح الفائدة لعلاج أزمة نزيف الاحتياطي من العملة الأجنبية، مشددا علي ضرورة العمل في إطار منظومة متكاملة تعتمد علي أدوات السياسة المالية
والتجارية و يجب علي الحكومة تحديد أهدافها متمثلة في تحسين مستوي المعيشة، وبالتالي تبني سياسات تحد من مستوي التضخم المحلي من خلال تشجيع الإنتاج و كذلك الحد من التضخم المستورد متمثل في تناقص الأرصدة الدولارية.

ولفت إلي أن رفع سعر الفائدة خطوة جيدة للسيطرة علي ارتفاع أسعار الدولار من أجل تعزيز قيمة الاحتياطي النقدي لدي البنك المركزي، ولكنها ليس كافية، مضيفا أنه يجب العمل علي إلغاء قرار وضع حد أقصي للإيداع الشهري و الأسبوعي الذي أصدره المحافظ السابق للبنك المركزي لما له من تأثيرات سلبية علي الشركات وأصبح لا مبرر له في ظل الاتجاه نحو تجميع 40 مليار جنيه من شهادات الادخار الثلاثية في اقل من أسبوع.
وشدد علي أهمية العمل علي ترشيد الاستيراد من خلال وضع قوائم بالسلع المحظور استيرادها والتي ليست ذات أولوية بالنسبة للمواطن المصري، إضافة إلي إصدار توحيد قياسي لجودة السلع طبقا للمواصفات الأوروبية لمنع دخول السلع الرديئة إلي الأسواق المصرية بما يضر بالصناعة الوطنية من جهة، ويستنزف الدولار من جهة أخري لاسيما وإننا في حاجة للمحافظة علي الأرصدة الدولارية لتغطية فاتورة الواردات من السلع الإستراتيجية خلال الثلاث أشهر المقبلة فقط.
وأكد أن الحكومة أخطأت خطأ جسيم عندما استعانت بالقروض الأجنبية لتمويل عجز الموازنة و الحصول علي مليارات من مؤسسات التمويل الدولية لان سداد هذه المبالغ دفعة واحدة يحمل الدولة أعباء اقتصادية شديدة، بما يعكس عجز الحكومة علي مواجهه الأزمات الاقتصادية و تصدير الأزمة للحكومات التالية حينما يحل موعد سداد هذه الأقساط، مثلما حدث إبان حكومات نظام مبارك التي اعتمدت علي السندات الدولارية التي بلغت حصيلتها أن ذاك 15 مليار دولار وحينما جاء موعد سدادها عام 2011 أدت إلي انخفاض ثلث حصيلة الاحتياطي النقدي.

وأردف: الحل الوحيد يتمثل في ترشيد الإنفاق الحكومة و إلغاء الصناديق الخاصة التي تقدر أرصدتها ب 60 مليار جنيه ، ودمجها في الجهات التابعة إليها، مما يؤدي إلي حصول الجهات الحكومة إلي تمويل ذاتي و تخفيض الأموال المدرجة لهذه الجهات في الموازنة، بالإضافة إلي تطبيق ضريبة القيمة المضافة بشريحة تبدأ بـ 10% ترتفع سنويا بالتدريج لتصل إلي 15% لتخفيف أثارها السلبية، وكذلك واسترداد مستحقات الدولة من تغير نشاط الطرق الصحراوية التي أهدرت تربة صالحة للزراعة والتي تقدر بـ400 مليار جنيه.