رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مطلوب بهلول فى كل وزارة «2»


«ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين. ويل لأمة تلبس مما لا تنسج. وتأكل مما لاتزرع. وتشرب مما لاتعصر.. ويل لأمة تحسب المستبد بطلاً. وترى الفاتح المذل رحيماً. ويل لأمة لا ترفع صوتها إلا إذا مشت فى جنازة. ولا تفخر إلا بالخراب.. ولا تثور إلا وعنقها بين السيف والنطع. ويل لأمة مقسمة إلى أجزاء... كل جزء يحسب نفسه أمة.. ويل لأمة سياسها ثعلب. وفيلسوفها مشعوذ.. وفنها فن التقيع والتقليد. ويل لأمة تستقبل حاكمها بالتطبيل وتودعه بالصفير. لتستقبل آخر بالتطبيل والتذمير. ويل لأمة حكماؤها خرس من وقر السنين. ورجالها الأشداء لا يزالون فى أقمطةالسرير. تذكرت كلمات جبران خليل جبران وأنا أكتب الجزء الثانى من مقال «مطلوب بهلول فى الوزارة» بهلول الذى عارض هارون الرشيد وقال عليه «إنه مجنون ولما سأله هارون «يا بهلول يا مجنون متى تعقل؟». رد عليه بهلول «يا هارون يا مجنون متى تعقل؟». فقال له هارون «أنا المجنون أم أنت الذى يجلس فى المقابر؟ فرد عليه» بهلول بل أنا العاقل.. لأنى عرفت أن هذا زائل «وأشار إلى قصر هارون» وأن هذا باقٍ وأشار إلى «القبر» فعمرت هذا قبل هذا؟ أما أنت فقد عمرت هذا قبل هذا وأشار إلى القصر وخربت هذا وأشار إلى قبره فتكره أن تنتقل من الخراب إلى العمار مع أنك تعلم أنه مصيرك لا محال؟. فبكى هارون وسأله «ألك حاجة أقضيها لك؟ فقال له بهلول « ثلاث حاجات إن قضيتها شكرتك. أن تزيد فى عمرى !. فقال له هارون : «لا أقدر..». فقال له : «أن تحمينى من ملك الموت ! فقال له: «لا أقدر.» فقال له بهلول : «أن تدخلنى الجنة وأن تبعدنى عن النار». فقال له : « هارون : « لا أقدر». فقال له بهلول : «إعلم أنك مملوك ولست ملكاً ولا حاجة لى عندك».!. « هذا هو بهلول المعارض الوطنى الشريف المطلوب فى كل وزارة حتى يعلم كل وزير أو مسئول أو رئيس أو أمير أو ملك أن هناك من يخالفه الرأى. «من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج عن الإسلام» صدقت يا شفيعى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فعلى المسئول أن يعلم أنه لن يصبح عظيماً إلا إذا شعر الجميع فى حضرته بأنهم عظماء. فالوزير والمدير والمسئول والرئيس عليهم أن يعلموا أنهم بحاجة إلى «بهلول» المعارض لأن «نصرة الحق شرف ونصرة الباطل سرف» ابن سيناء. وأن الأحمق وحده من يغضب من الحق، والعاقل يغضب من الباطل. إنه لا أحد فوق القانون وأنه لا يوجد فى العالم من هو معصوم من الخطأ أو من هو مخطئ دائماً لذلك فهو بحاجة إلى «بهلول الوطنى. العاقل. المتواضع. الوطنى. المستقيم. الشريف الذى لا ينطق إلا بالحق فى وجه الأقوياء» فالساكت عن الحق شيطان أخرس «لذلك فهو بهلول الَّذى لا يستطيع أن يصبح محايداً فالمحايد هو شخص لم ينصر الباطل، ولكنه خذل الحق» أنيس منصور.فبهلول لا يعمل إلا ليقيم العدل، لا يزين للمسئول فعله. ولا يصبح خنجراً فى ظهر المسئول. مطلوب «بهلول» المثقف، الخبير، المرآة لگل مسئول يرى فيها نفسه ويرى فيها أخطاءه فى مصر وفى كل الدول العربية وفى كل وزارة وكل إدارة.. «بهلول» الذى يمتلك الصفات الأربع التى يسود بها الحكيم: «الأدب، العلم، العفة، الأمانة». الصفات الأربع التى ترفع المرء: «الحلم، التواضع، السخاء، حسن الخلق». «بهلول» عف اللسان الذى لا يعطى المسئول من طرف اللسان حلاوة ويروغ منه كما يروغ الثعلب. بهلول الذى وصفه الخليل ابن أحمد بأنه رجل يدرى.. ويدرى أنه يدرى.. فهو عالم فسألوه». اللهم ارزقنا ببهلول فى كل إدارة ومدرسة ومصلحة ووزارة فى مصر والعالم العربى. آمين موعدنا الخميس المقبل إن شاء الله.