رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«كارثية» مأزق الأزمة السورية «٢-٢»


فى الجزء الأول من هذا الرصد لمكونات الأزمة السورية قلنا إن سوريا تحولت إلى أرض محروقة يراق على ثراها الدم العربى المسلم بروح وإرادة باردة وبيد أغلبها عربية ما يجعلنا نقول إن الضمير العربى والإنسانى يتحمل مسئولية استمرار الأوضاع المتردية فى القطر العربى السورى الذى كان فى يوم من الأيام جزءاً لا يتجزأ من الجمهورية العربية المتحدة!! وقد جاءت معاقبة النظام السورى معاقبة مماثلة للمواطن السورى ومرة أخرى يصبح ضحية لأن الإجراءات العقابية سواء من هذا الطرف أو ذاك انعكست بالتبعية على تحميل الشعب السورى وطأة عقوبات من الطبيعى عدم وجودها كان سيؤدى إلى التخفيف النسبى من الضغوط الحياتية والمآسى الإنسانية اليومية التى يعانيها السوريون منها داخل وطنهم وبالتالى كان أمراً طبيعياً أن تتعقد المشكلات خاصة على المستوى اللوجيستى الذى من المفترض أنه المستوى المتاح والمستمر فى كل منطقة ساخنة من مناطق العالم التى تعانى من أزمة ما ومن هنا كانت ظاهرة النزوح الجماعى إلى خارج الأرض المحروقة تشكل هروباً من وضع غريب هو فى واقع الأمر أصبح «وصمة عار» ليس فى جبين الأمة الناطقة بلغة الضاد فقط بل فى جبين العالم أجمع!!

وتعاملت الجماعة الدولية مع معطيات الأزمة السورية برفض نظام الأسد الذى لم يستجب لمتطلبات التغيير الديمقراطى – إذا جاز التعبير – والذى ساد المنطقة العربية تحت ما سمى بـ «ثورات الربيع العربى» وكان بيد بشار الأسد أن يتعامل وفق روح العصر بذكاء وينقذ نظامه من مخاطر السقوط من هنا تجلى رفض نظام الأسد فى إنهاك للدولة السورية ولم يكن هذا فى واقع الأمر إلا جعل المواطن السورى يسقط ضحية للمرة الثالثة عندما وقع بين سندان الإرهاب الداعشى ومطرقة الضغوط الدولية!!

أما الموقف العربى فكان من الناحية النظرية فى صف الشعب السورى لكنه من الناحية العملية لم تكن لديه المرونة الكافية خاصة لدى جامعة الدول العربية باعتبارها التنظيم الإقليمى العربى للتعاطى مع الأزمة السورية بشكل يزيل مسبباتها ويبحث عن حلول فاعلة لها ولكننا وجدناه يلتقى مع الموقف الدولى نقطة التقاطع التى لا تفرق بين نظام الأسد والشعب السورى وإن كنت أعتقد أن الحكومة السورية تتحمل قدراً كبيراً من المسئولية لأنها لم تتجاوب مع رغبة أطراف عربية عديدة من بينها مصر والسعودية فى جعل حماية الشعب السورى والحفاظ على وحدته الوطنية الهدف والمرتكز لأى تسوية سياسية محتملة!!

ثم دخول تنظيم داعش الإرهابى إلى الأراضى السورية قادماً من العراق قد غير من الموازين وخلط بين المفاهيم وجعل البعض ينظر للمعارضة السورية على أنها هى داعش وهنا مكمن الخطر لأن الحقيقة كانت دخول داعش إلى الأراضى السورية جاء نتيجة طبيعية لسقوط الدولة السورية.

من هذه العوامل تتكون رؤية شاملة لمسار الأزمة التى يعتبر استمرارها خطراً يهدد الاستقرار العربى ويغذى خلايا سرطانية تنتشر فى الجسد العربى هى «إرهاب داعش» ليصل إلى مناطق خارج حدود العراق وسوريا ومنها ليبيا واليمن. ويبقى السؤال: كيف نخرج سريعاً من هذه الأزمة؟ أتصور أن إجابة هذا السؤال هناك... فالكرة الآن فى ملعب الأمة العربية شعوباً وحكومات أولاً وفى إرادة العالم الحر والمتمدين ثانياً!!