رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل نرى ميدوزا عربى؟!


انتهت مؤخراً المناورات العسكرية المشتركة بين القوات المصرية واليونانية المعروفة باسم «ميدوزا 2015» ورغم ما قيل عن هذه المناورات المشتركة على أنها الأولى فى المناورات المشتركة بين القوات المصرية واليونانية، لكن تردد أنها ليست الأولى، حيث سبقتها المناورات «حورس» التى أجريت فى مايو 2015 وكانت وحدات من القوات البحرية والجوية المصرية، غادرت البلاد متجهة إلى اليونان للمشاركة فى فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا 2015» والذى استمر لعدة أيام باليونان، الذى يشتمل على تنفيذ العديد من الأنشطة منها قيام الجانبين بتخطيط وإدارة أعمال قتال جوية وبحرية مشتركة، والتدريب على أعمال الاعتراض البحرى وأعمال الإمدادات والتزود بالوقود ومكافحة الغواصات، وكذلك أعمال التهريب والقرصنة البحرية والهجرة غير الشرعية، وتنفيذ حق الزيارة والتفتيش واقتحام السفن المشتبه بها.

التدريب العسكرى «ميدوزا 2015» المشترك بين مصر واليونان ليس الأول بين الدولتين، فقد سبقه التدريب «حورس» فى مايو الماضى، مشيراً إلى أن هذا التدريب ليس له علاقة بالتوترات الحادثة بين مصر واليونان من ناحية وتركيا من ناحية أخرى، بقدر ما تحمل رسائل أخرى التدريبات مع دولة قوية كاليونان، وكونها حليفاً لمصر على الشاطئ المقابل، تعنى تأمين الحوض الشرقى للبحر المتوسط فى نطاق الدولتين، ما يعنى حماية الأمن القومى المصرى فى هذه المنطقة، وهذه التدريبات نابعة من العلاقة القوية بين البلدين وتأتى فعاليات التدريب المشترك بين البلدين فى إطار خطة التدريبات المشتركة للقوات المسلحة مع الدول الصديقة والشقيقة لتعزيز آفاق التعاون العسكرى وتبادل الخبرات التدريبية للقوات المشاركة لكلا البلدين اللذين تربطهما أواصر متينة من الشراكة والتعاون فى العديد من المجالات..

كان كثير من المعلقين والصحفيين سألونى عن الرسالة التى ترسلها المناورات المشتركة «ميدوزا 2015» وكانت إجابتى مثل إجابات سابقة على أسئلة مشابهة وهى أن التدريبات المشتركة هدفها تدريبى ويقصد به التدريب على التعاون بين القوات المشتركة فى تنفيذ مهمة مطلوبة لكلا البلدين أو البلاد المشتركة فى التدريب المشترك، وهذا يعنى أن كلا البلدين يتصوران بأن من المحتمل أن تتعاون قواتهما فى تنفيذ مهام مشابهة للمهام التى تدربوا عليها خلال التدريبات أو المناورات المشتركة، وأنه من خلال التدريبات المشتركة يمكن حل المشاكل والموضوعات التى قد تظهر خلال تنفيذهم للمهمة الجارى التدريب عليها، وأنهم لا يقصدون إرسال رسائل معينة إلى طرف ما أو أكثر، لكن يمكن لجميع الأطراف أن يروا فى المناورة أو التدريب رسالة يراها هو وليست بالضرورة تلك التى يفكر فيها أطراف التدريب.

وعند دراسة مناورات «ميدوزا 2015» فإننا لابد من أن نتذكر أن مصر تنتمى إلى الأمة العربية وأن الأولى أن تكون المناورات المشتركة بين قواتها وقوات دول عربية، فى حين أننا نلاحظ ندرة المناورات المشتركة العربية فى حين تزداد التدريبات المشتركة بين القوات المصرية والقوات الأجنبية، ونتذكر بشكل خاص مناورات النجم الساطع ورياح البحر وهى مناورات بدأت معقوات الولايات المتحدة الأمريكية ثم أصبحت تنضم إليها قوات من بلاد أخرى، أما المناورات المشتركة بين القوات المصرية وقوات دول عربية فربما تذكرنا مناورات «مرجان» المشتركة التى تشارك فيها قوات من المملكة العربية السعودية ثم المناورات المشتركة بين القوات المصرية وقوات دولة الإمارات العربية المتحدة وربما نضيف عليها مناورات مشتركة مع قوات مملكة البحرين.

السؤال الثانى حول عضوية اليونان فى حلف شمال الأطلنطى وأثرها على التعاون المصرى اليونانى وفى رأيى أن التعاون العسكرى المصرى اليونانى يتركز على موضوعات معينة تعكسها عناصر التدريب ويمكن تلخيصها فى عناصر مكافحة الإرهاب، أما موضوعات الدفاع عن اليونان فتظل مع قوات حلف شمال الأطلنطى، حيث تشير الطبيعة الجيوستراتيجية إليها. لكن يبقى السؤال عما إذا كان التدريب العسكرى المشترك سيظل مع قوات غير عربية أكثر منه مع القوات العربية خاصة مع تباطؤ العمل لتحقيق القوة العربية المشتركة .

لكن من الناحية الأخرى لابد من أن نتذكر أن الحوض الشرقى للبحر المتوسط يشهد تطورات مهمة تتزامن مع الوجود العسكرى الروسى فى سوريا وما يقوم به ضد العناصر الإرهابية أضف إلى ذلك التقدم فى العلاقات الروسية المصرية بما فيها العلاقات العسكرية والتعاون فى المجال النووى، ثم التوتر فى العلاقات الروسية التركية والتوتر فى العلاقات العراقية التركية مما يعنى بالضرورة أن الميزان الاستراتيجى فى الحوض الشرقى للبحر المتوسط يتحول فى غير صالح حلف الأطلنطى والولايات المتحدة على رأسه، وهو ما يضيق الخناق على كل من تركيا وإسرائيل.

هل آن الأوان لعقد ميدوزا العربى؟