رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسابقة الضفادع!


يحكى يوماً، أن مسابقة قد أجريت بين عدد من الضفادع فى بركة من المياه. والفائز فى المسابقة هو من يستطيع الخروج من البركة..لكن العقبة هى أن البركة كانت محاطة بعدد كبير من الجمهور. فكلما كانت تصل إحدى الضفادع لسلم النهاية وتحاول أن تقفز خارج البركة. كانت أصوات استهجان الجمهور تضايقها فتفشل فى الخروج. وتكررت هذه الواقعة، حتى استطاعت «ضفدع» أن تنجح أخيراً فى الخروج من البركة !!.. وعندما ذهبوا ليسألوا «الضفدع» عن سبب فوزها؟ وجدوا أن «الضفدع» أصم.. فلم تسمع أصوات الجمهور ولا استهجانهم ولا صرخاتهم ولا من حاولوا إفشالها.. فنجحت.... !! تذكرت هذه القصة وأنا أتابع قصص كفاح وانتصارات كثير من الشخصيات حولى، فوجدت أنهم مثل « الضفدعة» لم يهتموا بكلام الناس.بل تناسوا كلام الناس بمرارته.. بافترائه..بإفكه.. بحسده..بحقده.. بسمه. بألمه.. فنجحوا...

فلا تهتم بكلام البشر حتى لا يؤلمك. فكلام الناس مثل الصخور إما أن تحملها على ظهرك فينكسر.. أو تبنى بها برجاً تحت أقدامك فتعلو وتنتصر عليهم.. «إن أكثر خطايا ابن آدم فى لسانه» وكان «أفضل المسلمين، من سلم المسلمون من لسانه ويده». صدقت يا شفيعى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا تشغل نفسك بما يقال خلف ظهرك وتضيع وقتك فى طرح كثير من التساؤلات «لماذا قالوا ذلك؟ ولماذا فعلوا ذلك؟» فهناك كثير من التساؤلات لن تجد لها إجابة واحدة إلا «من غير ليه ؟»، فنحن لا نعيش دائماً بمنطق، أو بأسباب منطقية.. فنحن محاطون بعدد كبير من الأسئلة لا إجابة لها إلا «من غير ليه». فلا تركز كثيراً فى كلام الناس. بل ركز على نفسك، أخطائك، حياتك، أهدافك، أحلامك، عيوبك، عثراتك، نقاط قوتك... واعلم أن عثرة القدم أسلم من عثرة اللسان. «إذا تم العقل، نقص الكلام. بكثرة الصمت تكون الهيبة».

اعلم.. أن لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه. اعلم أنه من المستحيل إرضاء الناس فى كل الأمور، فليكن همك الوحيد هو إرضاء ربك وضميرك فقط. وأعلم أن حياتك التى يقودها عقلك أفضل بكثير من حياة يقودها كلام الناس. «إن أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا فى الباطل». صدقت يا ابن مسعود. وجدت سكوتى متجراً فلزمته... إذا لم أجد ربحاً فلست بخاسر.

وما الصمت إلا فى الرجال متاجر...وتاجره يعلو على كل تاجر. «لا تتكلم فيما لا يعنيك»، إذا تكلمت بالكلمة ملكتك ولم تملكها.. صدقت يا شافعى.. وتدبر كلمات لقمان الحكيم لولده «يا بنى.. إذا افتخر الناس بحسن كلامهم، فافتخر أنت بحسن صمتك». وتعلم أصول « فن الصمت» هذا الفن وهذا العلم الذى لا يتقنه كثيرون. فتعلم أصول وأسس «فن الصمت» لتكون مبدعاً فى صمتك ومبدعاً فى كلامك.. فأحياناً الصمت أبلغ من الكلام ومتعة فى زمن الثرثرة.. وللحديث بقية يوم الأحد المقبل إن شاء الله.