رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملاحظات على الانتخابات البرلمانية


فى غيبة من الشعب الذى نزل وشارك فى كل الاستحقاقات الانتخابية عقب ثورة 25 يناير أجريت انتخابات المرحلة الثانية من الاستحقاق الثالث والأخير..

... من خارطة المستقبل ولقد وضح منذ المرحلة الأولى عزوف الشعب عن المشاركة لأسباب متعددة من أهمها فشل الحكومات المتعاقبة فى إنهاء معاناته المعيشية وتحقيق الأهداف التى ثار لتحقيقها مرتين فى 25 يناير 2011 و30 يونيه 2013 وشهدت تلك المرحلة انتهاكات محدودة تمثلت فى عودة الرشاوى الانتخابية وشراء الأصوات بالمال السياسى ورفضناها ولكننا فوجئنا بأنها أصبحت الأساس التى أجريت عليه انتخابات المرحلة الثانية وبرز دور بلطجية الأحياء والشوارع الذين قاموا بدور السماسرة ومقاولى توريد الناخبين الفقراء والمساكين من كبار السن إلى لجان الانتخابات الفرعية فى ميكروباصات نظير مبالغ مالية كبيرة لكل ميكروباص يتقاضاه البلطجى السمسار الذى يتولى شراء الصوت طبقاً لشطارته.

وترواح ثمن الصوت الانتخابى ما بين 50 جنيهاً و700 جنيه والنوعية التى شحنها البلطجى السمسار للادلاء بأصواتها المشتراة هى نفس النوعية التى كان مرشحو الإسلام السياسى يشترى أصواتها برشوة الزيت والسكر وكان حصول هذا المرشح أصوات أكثر من الآخر يرجع إلى شطارة السمسار وقوة بطشه أو تأثيره على الغلابة بجانب قدرة المرشح المالية وبذلك أصيبت العملية الانتخابية فى مقتل، فالتصويت العام السرى المباشر الذى ينص عليه الدستور غاب واختفى وحل محله تصويت علنى وعلى نواصى اللجان وداخل الميكروباصات ويقوم به الطفل الدوار الذى يصاحب ناخبى كل ميكروباص أو يكتب على أيدى الناخب الذى يتميز بالفقر الشديد والجهل بالقراءة والكتابة وأصبح للأسف الشديد تشكيلة البرلمان القادم تعبر عن زواج المال بالسلطة التشريعية وهو ما ثار الشعب المصرى عليه والحق أن شراء الأصوات لم تكن الملاحظة الأولى على تصويت المرحلة الثانية ولكن أيضا لوحظ انتشار التصويت الطائفى بشكل واسع يهدد الوحدة الوطنية التى نحرص عليها ونعتبرها أساساً قوياً نقاوم به المخططات الغربية الصهيونية المعادية لنا والتى مازالت تتربص بنا وتسعى للعودة لتنفيذ أهدافها التى أوقفناها فى 30 يونيه..

إن ما حدث فى هذه الانتخابات من انتهاكات صارخة يهدد شرعية مجلس النواب القادم وشرعية التشريعات التى تخرج عنه وتجعلها فى خدمة هؤلاء الذين اشتروا عضويتهم بالمال السياسى الذى كان له قوة الحسم فى نتائج الانتخابات مما يكرس ابتعاد البرلمان والحكومة عن الشعب وعدم قدرتهما على الوفاء باحتياجاته المعيشية وبالتالى استمرار غياب دور الحكومة الاجتماعى تجاه مواطنيها مما يزيد من غضبهم واتساع فجوة عدم الثقة والحق، علينا أن نعترف أن عدم مواجهة انتهاكات المرحلة الأولى بما فيها ظاهرة شراء الأصوات وتبريرها هو ما أعطاها مشروعية حولت العلاقة بين المرشح والناخب إلى علاقة بين راش ومرتش وبينهما وسيط بلطجى.. إن علينا وضع ما تم فى الانتخابات على طاولة البحث والمناقشة للوصول إلى كيفية عدم تكرارها فىالمستقبل وإن كنت أرى المسئولية مشتركة بين الدولة التى بررت انتهاكات المرحلة الأولى واللجنة العليا للانتخابات البرلمانية بضعفها الشديد وقانون مجلس النواب الذى جعل النظام الفردى بكل مساوئه هو نظامنا الانتخابى فتحكمت العشائرية والقبلية والمال السياسى فى تشكيل البرلمان.