رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كلام آخر

السياسة خارج الخدمة.. في أزمة الطائرة!


السياسة خارج الخدمة فى إدارة شئون البلاد! أزمة الطائرة الروسية ليست أولى وآخر الأزمات التى تؤكد إعفاء السياسة من الخدمة والتعويل على منهج الموظفين البيروقراطيين فى المصالح الحكومية!.
فى أزمة الطائرة المنكوبة تعاملنا مع روسيا بطريقة «تفقع المرارة»، وبمنهج موظف الحكومة، وبنظام «فوت علينا بكره»! فقد صدر بيان الكرملين الذى يفيد بتفجير الطائرة بعبوة ناسفة فى الثامنة وخمس دقائق من صباح أمس الأول، وعلى مدى نصف ساعة انقلبت الدنيا، وامتلأت بالأخبار والتصريحات الواردة من موسكو، وكان الأمر يقتضى أداء سياسيًا على مستوى الحدث، ويستوجب بيانًا عاجلاً بعد نصف ساعة أو ساعة على الأكثر، لكن الحكومة استغرقت 8 ساعات لكى تصدر بيانًا مقتضبًا لا يقول أى شىء! ربما يفيد بأن الحكومة وقعت فى «حيص بيص» بسبب غياب الفعل السياسى فى إدارة الأزمات وصناعة القرارات!.
وقبل بيان الحكومة، ووفقًا لطريقة «فوت علينا بكره»، أطلق وزير الطيران المدنى تصريحًا على غرار «فوت علينا بكره» وقال لفضائية «المحور»: «لم نُبلغ رسميًا باستنتاجات جهاز الأمن الروسى حول سقوط الطائرة!» وبما يفيد أنه «لما نُخطر رسميًا.. فإن لكل حادث حديث»!
الدنيا كلها عرفت ما أذاعه الكرملين، وبوتين شخصيًا تحدث للتليفزيون وأعلن وحذر ووكالات الأنباء طيرت التصريحات فى أنحاء المعمورة.. ورغم ذلك، لا يعترف وزير الطيران المدنى بما قاله الروس فى أعلى مستويات السلطة وبانتظار شهادة رسمية معتمدة من اثنين موظفين ومختومة بختم النسر، تؤكد صحة ما ذكره الكرملين على موقعه الرسمى وما أعلنه الرئيس بوتين!.
إدارة الأزمة منذ البداية تمت بطريقة عبثية وبمنهج بدائى وهو الصمت المطبق! بينما الموقف يقتضى سرعة المبادرة وإعلان مواقف مبدئية، كالقول بأنه ليس لدينا ما نخفيه وليس لدينا ما نخشاه! وأن يحاط الرأى العام العالمى علمًا وأولاً بأول وكل يوم بما يجرى فى لجنة التحقيق.
وجاءت مذبحة باريس الإرهابية كفرصة على طبق من فضة لم نستغلها! كان الأمر يقتضى تصريحات سياسية من نوع أن الاختراق الأمنى وارد، كما حدث فى باريس، وأن مصر سوف تتعقب المجرمين أينما كانوا، وأن دول العالم كلها وليس مصر وحدها بحاجة لتطوير الإجراءات الأمنية، وأن مصر أكثر الدول التى تتعرض للإرهاب وأن المصريين أكثر من أريقت دماؤهم!.
أما هذا الصمت الناجم عن غياب السياسة، فقد نجم عنه فراغ سياسى ملأه الآخرون! وجعلنا فى موقف دفاعى نتيجة عدم القدرة على المبادرة.
السياسة كانت تقتضى تعاملاً آخر مع المعلومات الروسية الجديدة، أن نأخذها مأخذ الجد ونبنى عليها موقفًا جديدًا وخطابًا من نوع، أن تفجير الطائرة الروسية هو عدوان على مصر وكرامة مصر وعلى كل المواطنين المصريين وأن مصر سوف تتعقب الجناة أينما كانوا، لأن الدماء الروسية التى سالت فوق أراضينا هى دماء مصرية!.
هذا الصمت صدّر رسالة خاطئة إلى العالم بأن مصر لا مبالية وغير مكترثة بحجم الكارثة التى وقعت فوق أراضينا! وهذا ليس صحيحًا بالمرة، ولكن الصحيح أن السياسة مرفوعة من الخدمات فى إدارة أزمة الطائرة الروسية!.