رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ليله بكت فيها فرنسا


التفجيرات التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس يجب أن يتوقف أمامها الفرنسيون كثيرا ومعهم شعوب وحكام العالم. 

لم تكن تلك التفجيرات مجرد ضربات راح ضحيتها المئات ما بين قتيل وجريح.. ولكنها تعد بمثابة زلزال ضرب عاصمة النور وذلك لعدة أسباب: أولها أنها كانت الأسوأ في تاريخ فرنسا الحديث حيث تحولت شوارع العاصمة التي لا تنام إلي حمامات من الدماء.. ليلة حزينة بكي فيها الفرنسيون.. ومشهد مروع لشعب كان يعيش في أمن وأمان. 

أما السبب الثاني فهو أن التفجيرات وقعت في قلب العاصمة وبالقرب من استاد فرنسا الدولي.. وليس هذا فحسب ولكن حدث ذلك أثناء مباراة دولية كبيرة بين فرنسا وألمانيا بحضور رئيس الدولة فرانسوا هولاند وسط الآلاف من المشجعين في الاستاد الدولي الكبير. 

من يضع هذه الاعتبارات أمامه يدرك أن الحدث جلل وأنه لابد من محاكمة المسئولين عن وقوع تلك الانفجارات قبل مرتكبيها. 

وفي رأيي فإن الرئيس الفرنسي هولاند هو المسئول الأول عن تلك التفجيرات ليس لكونه رأس الدولة الذي يتحمل المسئولية السياسية.. ولكن لأسباب أخري كثيرة تتعلق بالإهمال والعجز في إدارة الدولة.. فالرجل يدير فرنسا بطريقة غريبة.. طريقة تصلح لإدارة الكونغو و وبوركينا فاسو أوكوالا لامبور. 

عندما فاز هولاند الرئيس السابع للجمهورية الفرنسية الخامسة في انتخابات 2012 علي الرئيس المنتهية ولايته نيكولاي ساركوزي في الجولة الثانية بنسبة 51.6% توقعت ان يفشل في إدارة الدولة لأنه ببساطة لا يحظي بثقة نصف الشعب.. ولا يعني هذا أن النصف الذي لم ينتخبه لن يعترف بالنتيجة ولكن لأن هذا النصف لا يري في الرئيس الاشتراكي مقومات إدارة دولة مثل فرنسا، وهي وجهة نظر تؤخذ في الاعتبار.. ومع مرور الوقت بدأت إخفاقات الرئيس الفرنسي تتحقق وتتأكد معها وجهة نظر نصف الشعب الذي لم ينتخبه.. وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من فترة حكمه المحددة بخمس سنوات انخفضت شعبية هولاند إلي 30% طبقا لأحدث وأكبر استطلاع رأي أجراه مؤخراً مركز استطلاع شهير لصالح واحدة من كبري الصحف الفرنسية.. وسيطر الإحباط علي أغلبية الشعب الفرنسي بعد أن فشل هولاند في الوفاء بتعهداته أمام الناخبين.. وتراجعت معدلات الأداء الاقتصادي بنسبة كبيرة، وخسر حزب أولاند الاستحقاقات الانتخابية المتتالية في البلاد. 

عندما وقعت اعتداءات شارل إبدو انكشف الرئيس الفرنسي وظهر ضعيفا منكسرا ومنهزما لا يملك أي خطة للتعامل مع الأزمات ويخدر الشعب ويلهيه بمظاهرات ومسيرات تندد بما شهدته البلاد من اعتداءات .. ونتيجة لذلك وقعت الانفجارات الأخيرة التي شهدت  قتلاً وتدميراً واحتجاز رهائن وحرب شوارع في وسط العاصمة وبحضور الرئيس. 

الغريب أن الاعتداءات وقعت رغم تحذير الاستخبارات العراقية من وقوعها، ورغم وجود احتياطات أمنية سواء لتأمين المناطق الحيوية وسط المدينة أو تأمين الرئيس. 

من يتابع الصور التي تم التقاطها للرئيس هولاند وقت وقوع الحادث وعندما أبلغه حارسه الشخصي بالخبر يشعر بأنه أمام رئيس ضعيف انهار عند الصدمة الأولي وبدت عليه علامات الذهول وفقدان الاتزان.

 هولاند هو المسئول الأول عن حمامات الدم التي شهدتها باريس.. فالرجل غير قادر علي إدارة البلاد في الداخل.. أما في الخارج فكانت تبعيته للولايات المتحدة واضحة خاصة في أزمة داعش.. فالذين جاءوا بداعش هم الأمريكان وحلفاؤهم الفرنسيون والبريطانيون والألمان ..جاءوا بهم كفزاعة للسنة والشيعة ولإحداث الفوضي في سوريا والعراق ولعب دور هام في تقسيم الدولتين.. واعترافات جوبايدن نائب الرئيس الأمريكي بمقابلته لقادة داعش قبل ظهورها علي الساحة هي أقوي دليل علي ذلك.. والآن انقلب السحر علي الساحر ومن أحضر العفريت عليه أن يصرفه.. وعلي أوباما  وكاميرون وهولاند وميركل أن يدفعوا الثمن. 

حاكموهم جميعا ولا تأخذكم فيهم شفقة ولا رحمة.. حاكموا من أهمل وقصر وتراخي وفشل في منع التفجيرات قبل الذي دبر وخطط ونفذ وروع الآمنين.. حاكموا الحاكم الضعيف الفاشل المتخاذل.. حاكموا من سحروا للعالم وصنعوا داعش حتي انقلب السحر عليهم.. حاكموا كل من أحضر عفريت داعش ولايستطيع الان أن يصرفه.. حاكموهم ولا ينبغي ان يدفع الشعب ثمن جرائمهم.