رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتوح الشاذلى يكتب.. نهاية العميل 708


هناك رجال شرفاء يعيشون حياتهم مدافعين عن القيم والمبادئ التي يؤمنون بها.. ويبذلون كل مرتخص وغال من أجل خدمة أوطانهم ورفعة الشعوب التي ينتمون إليها ..وهناك آخرون لا يعرفون معني القيم ولا تحكم حياتهم أي مبادئ.. الغاية عندهم تبرر الوسيلة.. الخيانة في دمائهم.. يخونون أوطانهم وشعوبهم كما يتنفسون.. وبلا وازع من ضمير..

الشرفاء تخلد ذكراهم بعد مماتهم ويورثون أبناءهم الشرف والأمانة والذكري الطيبة.. أما الخونة فيموتون ولا يذكرهم أحد، ويورثون أبناءهم الخزي والذل والعار.. ومن الصنف الثاني أحمد الجلبي السياسي العراقي الذي خان وطنه وشعبه، ورحل تلاحقه اللعنات ولا يذكره شعبه إلا بكل سوء.

وكعادة الخونة دائماً.. لا يدخلون قبورهم في سكينة واطمئنان تطاردهم اللعنات والشائعات وتتعدد حولهم الروايات كما كانوا في الدنيا.. هكذا كان حال أحمد الجلبي الذي رحل منذ أيام.

مات «الجلبي» في ظروف غامضة وقالت صحيفة النهار اللبنانية إنه مات مسموما ..ومما يعزز هذا الاحتمال أن الوفاة جاءت في أعقاب مقابلات تليفزيونية أجراها قبل وفاته بأيام كشف فيها عن العديد من ملفات الفساد، وقال إنه سيستمر في كشفها مهما كلفه الأمر، ولا يعني هذا أن الجلبي كان شريفا وطاهرا.. ولكن يعني أن الفاسدين يعرف بعضهم بعضا.

لم يكن «الجلبي» خائنا عرابا للاحتلال فحسب.. لكنه كان فاسدا ولصا محترفا، وربما كان ذلك أهم مقومات تجنيده من قبل المخابرات الأمريكية.. فقد عاش حياته منذ 1958 وحتي 2003 عام الغزو متنقلا ما بين لبنان والأردن وبريطانيا والولايات المتحدة وربما كانت الأردن أهم المحطات التي توقف فيها، حيث جمع هناك ثروة هائلة بعد اختلاسه أموال بنك البتراء أكبر بنك في الأردن وذلك بعد أن ساهم في تأسيسه، وانهار البنك وقضت محكمة أردنية بسجنه غيابيا عام 1992.

وبرحيل «الجلبي» تنتهي مهمة العميل 708 وذلك طبقا للوثيقة التي نشرها موقع ويكليكس.. وهي وثيقة تم تسريبها من المخابرات المركزية الأمريكية CIA والتي تتحدث عن مساعي المخابرات الأمريكية لإنهاء مهمة العميل رقم 708 والمقصود به حسبما ذكر الموقع هو الدكتور أحمد الجلبي.

وتشير الوثيقة إلي أن العميل أصبح خطرا علي أجندة المخابرات الأمريكية، حيث عمل في الفترة الأخيرة بأجندات تتعارض مع المصالح الأمريكية.. وأشارت الوثيقة إلي تطور العلاقة بين الجلبي وإيران وزياراته المتكررة لها.

بعد ساعات من رحيل «الجلبي» بدأت الصحف العالمية خاصة البريطانية في كشف العديد من الأسرار، حيث أشارت صحيفة الجارديان البريطانية في افتتاحيتها منذ أيام إلي أن الجلبي كان السبب في دمار العراق، وأنه سرعان ما تحول من عميل أمريكي إلي عميل إيراني.

لم ينل «الجلبي» المناصب التي باع نفسه من أجلها.. ولأن الأمريكان يعرفون أنه فاسد ولص فقد أسندوا له وزارة النفط حتي يسرق ويعطيهم من خيرات البلد المنكوب ولأنه كان لصاً جشعاً، فقد سرق أكثر من المسموح به.. فداهموا منزله في 2004 واستولوا علي وثائق وأجهزة حاسوب وقالوا إنهم عثروا علي أوراق نقدية مزورة.

رحل العميل 708 وترك وراءه شعباً مشرداً ووطناً جريحاً، حيث كان العامل الأساسي في كل هذا الخراب.. ليس لكونه عرابا للاحتلال فحسب ولكن لأنه صاحب اقتراح حل الجيش للقضاء علي حزب البعث.. وتم حل الجيش.. ولم يكن حزب البعث هو الضحية.. ولكن كانت العراق الشعب والبلد