رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طموح يحتاج إلى تحقيق


كانت زيارة الرئيس السيسى إلى بريطانيا، زيارة مهمة جداً إذا أضفناها إلى مجموعة الزيارات الخارجية بشكل عام، وأضفناها إلى زيارة الدول الأوروبية الأخرى بشكل خاص «إيطاليا، فرنسا، ألمانيا»، وأضفناها إلى المسئولين الأوروبين الذين زاروا مصر بعد ثورة 30 يونيه. هذه الدول الأربع الأوروبية، هى فى رأس قمة الدول الأوروبية ذات التأثير العالمى...

... ولاتزال بريطانيا دولة مؤثرة جداً فى السياسة الغربية بل العالمية، رغم كثرة التحديات التى تواجه بريطانيا، وانحسار الفكرة الاستعمارية وما نتج عنها من انكماش بريطانى، بل خوف فى بداياته من فكرة الانفصال عن بريطانيا، التى تراود كلا من إسكتلندا وأيرلندا، وربما تراود بعض أهل ويلز وخصوصاً فى السنوات الأخيرة.رأيت الرئيس مرهقاً من المجهود، ولكن كان جلداً صامداً، تحركه المصالح العليا للبلاد، حتى لا تقع مصر تحت حصار، أو تنجح ضغوط الإخوان وغيرهم اللاأخلاقية ضد مصر، وضد الرئيس السيسى بشكل خاص. زيارة بريطانيا زيارة مهمة، واللقاءات عديدة ومؤثرة فى تغيير النظرة الخاطئة فى الغرب إلى مصر بعد 30 يونيه، مما يفتح أمام مصر مجالات واسعة، للتقدم والتعاون الدولى والنماء. استوقفتنى كلمة من كلمات الرئيس السيسى، فى حواره مع رئيس الوزراء كاميرون «نسابق الزمن فى مصر لبناء مجتمع مدنى عصرى». هذا الكلام من الرئيس فى غاية الأهمية، ويجب أن يتحول إلى استراتيجية وسياسة عامة لتحقيق هذا الهدف، وهذا الطموح. إن أهم مجالات مسابقة الزمن أو السعى لبناء مجتمع عصرى مدنى، أن تجر القيادة المجتمع بأكمله لتحمل المسؤولية، وتوازن بين العلاقات الخارجية «الدولية» والعمل والتطبيق فى الداخل.

من أهم مجالات بناء مجتمع مدنى عصرى، احترام الدستور وتطبيقه وتفعيله من أول يوم بعد الاستفتاء عليه، وخصوصاً فى مجالات الحقوق والحريات والواجبات العامة «أى المواد من 51-93»، فضلاً عن المواد الأخرى التى تتناول الارتقاء بالتعليم والصحة والضمان والائتمان والمساواة. نجحت مصر حتى اليوم - وإن شاء الله يظل هذا النجاح قائماً – فى المحافظة على وحدة الوطن أمام كل المخططات الشريرة. وكان ولايزال الدور الأهم فى ذلك للقوات المسلحة والأمن، وكانت التضحيات عزيزة وعديدة. إن بناء مجتمع مدنى عصرى يجب أن ينهى خرافة الحكم العسكرى، وينهى خرافة التخلف، وينهى خرافة انتهاكات حقوق الإنسان، وينهى خرافة المطالبة بتعديل الدستور قبل تفعيله، وينهى خرافة الخلل فى رسم أو تطبيق الأولويات. إن بناء مجتمع عصرى مدنى، يتطلب تقديم أهل الذكر والعلم والمعرفة. «فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ». ويتطلب ذلك الطموح، أهل القوة والأمانة، والحفظ والعلم، كما جاء فى القرآن الكريم، والاسترشاد بعلمهم وقدراتهم، ولا فائدة للوطن ممن أحسنوا النفاق والإطراء فى غير موضعه، ولا ممن أخطأوا سابقاً فى حق الوطن والمواطن، وعاثوا فى الأرض فساداً أو ساندوا الفاسدين المفسدين. ومن أهم مطالب هذا البناء - كما قال الرئيس السيسى - هى الحرية والأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية – وذلك بتفاصيلها العديدة. وكلها من المنصوص عليها فى الدستور وخصوصاً المادة 54 التى تنص على أن «الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق.

ويجب أن يُبلغ فورًا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابةً، ويُمكٌن من الاتصال بذويه و بمحاميه فوراً، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته. ولا يبدأ التحقيق معه إلا فى حضور محاميه، فإن لم يكن له محام، نُدب له محام، مع توفير المساعدة اللازمة لذوى الإعاقة، وفقًا للإجراءات المقررة فى القانون. ولكل من تقيد حريته،ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء، والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء، وإلا وجب الإفراج عنه فورًا. وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطى، ومدته، وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض الذى تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطى، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه.وفى جميع الأحوال لا يجوز محاكمة المتهم فى الجرائم التى يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو مٌنتدب».. والله الموفق.