رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المصريون بالخارج.. والتنمية الاقتصادية


رعى الدستور الجديد دور وأهمية المصريين بالخارج فى التنمية الاقتصادية لوطنهم مصر فقد نصت المادة «88»: تلتزم الدولة برعاية مصالح المصريين المقيمين بالخارج، وحمايتهم وكفالة حقوقهم وحرياتهم، وتمكينهم من أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع وإسهامهم فى تنمية الوطن...

... وينظم القانون مشاركتهم فى الانتخابات والاستفتاءات، بما يتفق والأوضاع الخاصة بهم، دون التقيد فى ذلك بأحكام الاقتراع والفرز وإعلان النتائج المقررة بهذا الدستور، وذلك كله مع توفير الضمانات التى تكفل نزاهة عملية الانتخاب أو الاستفتاء وحيادها. والمشكلة الاقتصادية فى مصر فاقت كل تصور فهى مشكلة لا ترجع إلى ندرة الموارد وإنما ترجع فى حقيقتها إلى نقص فى الموارد نتيجة لتفشى مظاهر الفساد الذى أهدر أغلب هذه الموارد وسوء الاستخدام للقدر المتاح منها وتغليب المصلحة الشخصية على الصالح العام وقد عرف لفترة زمنية طويلة ماضية سيطرة رأس المال على مقدرات الدولة مستغلين فى ذلك زواج الثروة بالسلطة، وازداد الأغنياء غناً وازداد الفقراء فقراً، حيث نجد فى الوقت نفسه من لا يجدون قوت يومهم ويعيشون على أقل من دولارين يومياً.

وفى إطار هذا التقديم فلم يخل تاريخ الاقتصاد المصرى ولفترة طويلة من الزمن، من حالات تفاقم المشكلات التى تمثل عقبة كأداء فى سبيل تحقيق أهداف النمو المستدام. هذه العقبات التى أثرت بشكل كبير على أحوال المواطنين المعيشية وعلى أداء الاقتصاد بشكل عام. فقد بلغت تحويلات المصريين فى السعودية عام 2011 ثمانية مليارات دولار، وهو ما يشكل 60% من إجمالى تحويلات المصريين بالخارج، ويتجاوز هذا الرقم إيرادات كل من قناة السويس وقطاع السياحة التى تصل خمسة مليارات دولار لكل منهما. مما يوضح أنه على صانع القرار المصرى الوضع فى الاعتبار أهمية هذا العامل خلال صياغة السياسة الخارجية لمصر تجاه دول الخليج خاصة السعودية، وضرورة التعامل بشكل جدى وعاجل مع أزمات العمال المصريين بالخارج ليس فقط لكونهم مواطنين مصريين بالدرجة الأولى ولكن أيضا كونهم مصدراً مهماً من مصادر العملة الصعبة وقارباً لنجاة الاقتصاد المصرى من أزماته الحالية، ولذا فإن القوانين التى تصدرها السعودية فى محاولة منها لتحجيم العمالة الأجنبية وأيضاً مشروع بقرار تحديد حد أقصى لما يمكن تحويله من مبالغ مالية من العمالة الأجنبية للخارج، قد يسبب خسارة كبيرة للجانب المصرى.

مما يعنى أنه على مصر محاولة تفادى هذه القوانين بالتفاوض مع السلطات السعودية حتى لا تتضرر العمالة المصرية هناك وتحويلاتهم، وعلى صانع القرار المصرى خاصة فى الظروف التى تمر بها البلاد حالياً أن يعى أنه أمام قضية اقتصادية ذات أهمية ويجب وضعها فى الاعتبار عند اتخاذ موقف تجاه أى قضية دولية أو بالأخص خليجية لأن هذا سينعكس بالضرورة على مصدر مهم من مصادر العملة الصعبة والذى يعد من أهم بنود ميزان المدفوعات، وهو ما ساند الاقتصاد المصرى فى أعقاب اندلاع ثورة 25 يناير.

إن تحويلات المصريين فى الخارج بلغت فى السنة المالية 2014/2015، 20 مليار دولار، وفى السنة المالية السابقة عليها كانت 18 مليار دولار بزيادة 11%، نتوقع أن ترتفع التحويلات فى السنة الحالية لتصل إلى 22 مليار دولار. إن مصر هى الأولى فى التحويلات على مستوى البلاد العربية، والسادسة على العالم، ويجب ضرورة التفكير فى المصريين المغتربين كمستثمرين وعلماء داعمين لمصر، إذ إن هناك أفكاراً وآليات لجعل المصريين المغتربين داعمين حقيقيين لمصر علمياً واقتصادياً، بأفكار ورؤية من خارج الصندوق.