رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"مقاطعتها حرام وعقوبتها كتارك الصلاة"..وقالت الصناديق للدين " نعم" .. الانتخابات البرلمانية مخالفة للشريعة.. فتاوى الانتخابات فى العهود المختلفة تثير الجدل

جريدة الدستور

"حرام، تمثيل للغرب، عقوبتها كتارك الصلاة"... مع كل موسم للانتخابات البرلمانية او الاستفتاءات تخرج فتاوى دينية عديدة، تدور في ذلك الإطار الثلاثي الذي لا تخرج عنه، سواء كانت انتخابات رئاسية أو برلمانية أو استفتاءات شعبية، يُطلقها فصيل معين ليعادي بها فصيل آخر أو يحابي له، حتى بات ذلك الوقت موسم لتطويع الدين وفتاويه.

منذ عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وحتى الأن، تُستخدم الأحاديث والفتاوى الدينية من أجل تحريم التصويت في الانتخابات الشعبية، أو ترهيب البعض من أثم عدم المشاركة في الانتخابات، وجميعها خلطت الدين بالسياسية من أجل مصلحة ما.

كانت آخر تلك الفتاوى التي خرج بها الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أمس، وقال فيها إن استغلال مرشحي البرلمان لحاجة بعض المواطنين، وتقديم رشاوى انتخابية لهم حرام شرعًا، موكدًا أن الممتنع عن التصويت في الانتخابات كتارك الصلاة؛ لأنه واجب شرعي.


وأضاف النجار خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "90 دقيقة"، أن من يحاول إخراج المصوتين عن الحياد في الانتخابات البرلمانية مجرم، وجريمته تصل إلى حد الإفساد في الأرض، مطالبًا الجميع بالخروج للتصويت؛ لأنه واجب شرعي لا يقل عن أداء الصلاة ومن تركه كمن ترك صلاة واجبة لا قضاء لها.


الفتاوى المتعلقة بالانتخابات لم تكن وليدة اللحظة، ولكن تاريخها طويل بين تحريم وإحلال، بدأت منذ أن حرم الداعية ابن عثيمين في منتصف سبعينيات القرن الماضي الانتخابات البرلمانية، معتبرًا أن الأمر مخالف للشريعة الإسلامية ويتفق مع قواعد الغرب الكفرة.

وتجدد الأمر عام 2010، على يد الداعية السلفي مصطفى العدوي، الذي حرم الانتخابات في ذلك العام، رغم خروج بعض المشايخ السلفية تحلل الانتخابات من منطلق أنها تقربهم من الحكم بما أنزل الله، إلا أن العدوي اعتبر أن من يخوضوا الانتخابات هم ساقطون وفجرة ولا اعتبار لهم.

كذلك ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، الذي إتسمت فتاويه المتعلقة بالانتخابات بالتناقض، فقد صرح قبل ثورة 25 يناير بأن الانتخابات حرام، موضحًا في فتواه أنه لا يجوز استفتاء الجهال ولا العوام الذين لا يعرفون الضوابط الشرعية، بل يرد الأمر إلى أهل العلم والأمانة والديانة، أما إن تم توكيل الأمر في صناديق الاقتراع إلى الكفار والفساق والفجرة فذلك منهج منحرف.

وحدد، برهامي، الطريق الشرعي للوصول للحكم، عن طريق اختيار الحاكم خليفته، كما فعل أبو بكر الصديق باختيار عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، موضحًا أن من يعتقدون المشاركة في الانتخابات هو الطريق للإصلاح، سيدركون أن ذلك وهم؛ لأنه يتضمن تقديم تنازلات كثيرة عن مباديء الشريعة والدين الإسلامي، كما أنه انتقد ترشح المرأة في ذلك الوقت.

وعلى النقيض، خاض حزب النور الذي يعد الذراع الساسية للدعوة السلفية الانتخابات البرلمانية الحالية، وخرج برهامي ليدفع الشعب على التصويت في الانتخابات مطالبًا السيدات بضرورة بذل جهد كبير فى المشاركة الانتخابية، خلال كلمة له بمؤتمر "المرأة والعمل السياسي".

كما أفتى برهامي في وقت سابق بعدم جواز التصويت للتحالف الديمقراطي من أجل مصر، بزعامة حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، بزعم أن التحالف الديمقراطي لم يأت لنصرة الدين والشريعة، وإحقاق الحق ونصرة المظلوم.

كذلك الداعية السلفي، أبو إسحاق الحويني، الذي أكد قبل اندلاع ثورة يناير، أنه لا يجوز دخول البرلمان أو أي فرد أن يعطي صوته لأي مرشح، لكن نبرته تغيرت بمجرد أن ترشح الرئيس المعزول محمد مرسي، ليفتي الحويني بجواز تصويت المواطنين على الانتخابات من أجل تأييد المعزول.

ومع التصويت على استفتاء تعديل الدستور فى مارس 2011 عقب ثورة 25 يناير، حشد السلفيين وجماعة الاخوان للتصويت على تعديلات الدستور بنعم، وذلك خشية رفض الدستور والمطالبة بوضع دستور جديد للبلاد ولعب الطرفين على نغمة ان من يريديون وضع دستور جديد يريدون اذالة المادة الثانية من الدستور التى تنص على ان الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، وبعد انتهاء الاستفتاء كانت الجملة الاشهر للداعية السلفى محمد حسين يعقوب بان ما حدث هو " غزوة الصناديق" والتى قالت للدين " نعم" على حد زعمه

وفي أول سباق انتخابي بعد ثورة 25 يناير، بين الرئيس المعزول محمد مرسي، والفريق أحمد شفيق، كان بارزًا فتوى القرضاوي بضرورة انتخاب مرسي، وقال في 2 يونيو 2012 في فيديو له: "انتخاب مرسي سيرضي الله عز وجل، ومن لا يختاره آثم، وعلى كل مصري يخشى الله عز وجل وحريص على إرضاء ربه أن يختار مرسي، لأنه سيقيم العدل في الأرض".

وقبل أن يتوجه المصريون للتصويت على دستور 2014، اشتعل سوق الفتاوى الممانعة والمؤيدة للاستفتاء، فخرج الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، يؤكد أن الله يؤيد كل من يخرج للتصويت بنعم على المسودة؛ لأنه يعمر الأرض وضد الإلحاد والكفر وتخريب البلاد.

ودعاهم قائلًا: "أخرجوا للتصويت بنعم للدستور، وأدفعوا بعمالكم، ومزارعيكم أمام اللجان الانتخابية لتمرير الدستور".

وتبعه رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الداعية يوسف القرضاوي، الذي أفتى بحرمة تأييد دستور مصر 2014، وزعم أنه دستور باطل دعت إليه سلطة باطلة، وقامت بإعداده لجنة باطلة، وجاءت نصوصه لتكرس للباطل، فأنا أفتي بحرمة المشاركة فيه.

وسار على هذا النهج محمد حسان والحويني ومحمد حسين يعقوب ومصطفى العدوي وغيرهم، بعد أن أفتوا بتحريم المشاركة في الاستفتاء على دستور 2014، باعتباره يرسخ أقدام العلمانية ويقضى على الهوية الإسلامية.

ووصولا عند الانتخابات الرئاسية التى اجريت يومي 25 و26 مايو الماضى ، فقد ازداد الزخم بين فتاوى المشاركة والفتاوى المضادة الداعية للمقاطعة.


وهو نفس المشه الذى يتكرر الان فى اول انتخابات برلمانية تجري بعد ثورة 30 يونيو