رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المجال الحيوى تأكيد لمبدأ السيادة


التكامل السياسى والاقتصادى العربى ضرورة لمواجهة التحديات الآنية التى تهدد أمة العرب الناطقة بالضاد بل هو خيار لا بديل له لإفشال خطط تقسيم العالم العربى ومحاولات تغيير الهوية التى أضحت تمارس على الملأ من قبل أطراف إقليمية ودولية ضد كل ما هو عربى مسلم، وقد انتهز البعض حادث التدافع الذى وقع خلال موسم الحج الأخير فى «منى» لتوظيفه سياسيا ولم يكن هذا إلا شكل من أشكال التآمر على الأمة العربية والإسلامية خاصة المملكة العربية السعودية التى تعد ومصر صمام الأمان والاستقرار للأمن القومى للعالم العربى، ولهذا كان من الضرورى الحديث عن نظرية المجال الحيوى لأنها ستوضح لنا حتمية حماية المصالح العربية بإلقاء الضوء على المجال الحيوى لها سياسيا وعسكريا واقتصاديا.

وبداية لابد أن نوضح مفهوم المجال الحيوى الذى يعتقد الكثيرون أنه ينحصر فى الجانب العسكرى فقط ويرتبط بالمساحة الجغرافية، حيث يعنى نوعا من الامتداد المكانى للحفاظ على المصالح من خلال إعمال القوة القومية للدولة وهنا ظهرت خلال الحكم النازى إبان الحرب العالمية الثانية نظرية المجال الحيوى التى تعنى حاجة الدولة إلى مساحة أوسع كلما زاد نموها وعظمت قوتها، وقال منتقدو هذه النظرية فى حينه إنها ذات أطماع استعمارية لأنها تبرر توسع الدول الكبرى على حساب الدول الأخرى لتأمين حاجات شعبها دون النظر إلى حاجات الشعوب فى هذه الدول وكانت تهدف ألمانيا من هذه النظرية تأمين نمو اقتصادها وبعد إنشاء الدولة العبرية عام 1948 كانت إسرائيل نموذجا لتطبيق الفكر التوسعى فى نظرية المجال الحيوى، ومع مرور الزمن ثبت أن هذه النظرية لم تعد تقبل بمعناها التوسعى ولكن كان لابد من إعادة تفسيرها لتناسب المتغيرات الإقليمية والدولية فى القرن الحادى والعشرين ويعتبر الاتحاد الأوروبى نموذجا لنظرية المجال الحيوى فى العصر الحالى وهو الربط بين المصالح المشتركة وتوحيد السياسات خاصة الاقتصادية مع الحفاظ على سيادة واستقلال أعضائه.

وهكذا خرجت فكرة المجال الحيوى من نطاق الفهم العسكرى إلى نطاق التطبيق السياسى والاقتصادى لها، ومن ثم اختلفت المجالات الحيوية للدول وفقا لمصالحها واتضح ذلك جليا بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتى فى أوائل التسعينيات من القرن الماضى، حيث أصبح العالم بأسره يقع ضمن المجال الحيوى للولايات المتحدة التى تقوم بأداء دور الشرطى الرقيب على الدول الاخرى وتتحدد السياسة الأمريكية تجاهها حسب مصالح واشنطن مع هذه الدولة أو تلك، من هنا تطور مفهوم نظرية المجال الحيوى وتطورت أدوات التنفيذ، وأصبحت الأدوات الجديدة يظهر فيها وجه الإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الأطفال وحقوق النساء وحقوق السجناء وهكذا، منظومة طويلة من الحقوق تقوم على رأسها جمعيات تحت السيطرة حتى أصبحت سيادة الدولة بالمعنى الحقيقى غير موجودة فعلياً وأصبح معنى السيادة أن تربط مصلحة بلدك مع مصلحة دولة كبرى، إذ أصبحت هذه الدول شراً لابد منه والحكيم من يخرج بأقل الخسائر فهل يمكن إدراك ذلك لتحجيمه، وفى الوقت نفسه تفعيل نظرية المجال الحيوى بمعناه الواسع حفاظا على مصالح الأمة ؟.